الأول:- وهو اختيار أبي مسلم الإصفهاني - أن يكون صفة للمؤمنين، معناه انهم يؤمنون بالله حال الغيبة كما يؤمنون حال الحضور، لا كالمنافقين الذين
وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون
[البقرة:14].
ونظيره قوله:
ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب
[يوسف:52] ويقول الرجل لغيره: نعم الصديق لك فلان بظهر الغيب، فكل ذلك مدح للمؤمنين بأن ظواهرهم توافق بواطنهم، ومباينتهم لحال المنافقين الذين
يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم
[آل عمران:167].
أقول: هذا القول لا يخلو من ضعف وركاكة، فإن سوق الكلام في هذا المقام من التأكيد في بيان عظمة القرآن بكونه كتابا من عند الله، وعلما إلهيا لا يحويه الشك، وحقا لا يأتيه الباطل، ونورا يهتدي به المتقون في طريق الآخرة وسبيل النجاة، مما يدل دلالة واضحة على أن الخطب فيه أعظم من أن يوصف أهله، والحاملون لأسراره والمستبصرون بأنواره في عالم الملكوت، بأنهم ليسوا عند الاهتداء به والإيمان بحقائقه منافقين ولا مستهزئين، بل هم أجل قدرا وأعظم شأنا من أن يقال في مدحهم: إنهم ليسوا من حزب المنافقين والشياطين.
والقول الثاني: وعليه جمهور المفسرين: إن الغيب هو أن يكون غائبا عن الحاسة. والحق هو القول الثاني كما لا يخفى. لكن أصحاب هذا القول ذكروا ان الغيب ينقسم الى ما عليه دليل والى ما ليس عليه دليل، فالمراد من هذه الآية هو الثاني.
Bilinmeyen sayfa