170

Tefsir

تفسير الأعقم

Türler

[18.102-110]

{ أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي } أي كيف ظنوا { أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء } ، قيل: أراد عيسى والملائكة الذين يتخذونهم أولياء ينصرونهم كلا بل هم أعداؤهم تبرون منهم، وقيل: هم الشياطين يوالونهم ويطيعونهم { إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا } ، قيل: مأوى منزلا { قل } يا محمد { هل أنبئكم } هل أخبركم { بالأخسرين أعمالا } الآية نزلت في اليهود والنصارى، وقيل: في الرهبان والقسيسين الذين حبسوا أنفسهم في الصوامع عن علي (عليه السلام) { الذين ضل سعيهم } ضاع عملهم في الحياة الدنيا { وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } هم الرهبان عن علي (عليه السلام)، أن يظنوا أنهم أحسنوا ولا شيء أعظم من أن يتصور الإنسان أنه محق وهو في الحقيقة مبطل، وهذه صفة المتبدعة والمقلدة الذين اتبعوا أئمة الضلال فيحسبون أنهم على شيء وعاقبتهم الهلاك، ثم بين تعالى حالهم فقال: { أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه } أي جحدوا ثوابه وجزاءه والمراد القيامة لقاء جزائه { فحبطت أعمالهم } أي بطل جزاء أعمالهم { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا } يعني لا قيمة له عند الله ولا كرامة، وقيل: لا نقيم لأعمالهم وزنا لأنها تبطل، وقيل: إنما يكون لأهل الحسنات والسيئات من الموحدين، ولما تقدم الوعيد عقبه بذكر الوعد فقال سبحانه: { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } ، قيل: الطاعات { كانت لهم } قيل: معناه تكون لهم، وقيل: كان لهم في حكم الله وعلمه { كانت لهم جنات الفردوس } ، قيل: أعلا الجنة وأحسنها، ومنها يتفجر أنهار الجنة وفوقها العرش في خبر مرفوع، وقيل: ربوة الجنة وأوسطها وأرفعها، وقيل: هو البستان الذي فيه الأعناب { نزلا } ، قيل: منزلا، وقيل: منازلا ذات نزل { خالدين فيها } دائمين { لا يبغون عنها حولا } تحويلا إلى مكان آخر { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي } البحر اسم للجنس أعني جنس البحار، المداد اسم ما يمد به الدواة وما يمد به السراج من السليط، ويقال: السماء مداد الأرض، والمعنى لو كتبت كلمات علم الله وحكمه وكان البحر مدادا لها، والبحر اسم لجنس البحار { لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا } لنفد أيضا والكلمات غير نافدة، وقيل: كلمات ما أعد لأهل الثواب وأوعد لأهل العقاب، وقيل: مقدوراته وحكمه وعجائبه { قل } يا محمد { إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } لا شريك له في الإلهية تعالى { فمن كان يرجو لقاء ربه } الآية نزلت في رجل جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: إني أحب الجهاد وأحب أن يرى مكاني، فأنزل الله هذه الآية، وقيل: نزلت في جندب بن زهير كان يصلي ويصوم لقالة الناس لا يريد به وجه الله فنزلت الآية { فمن كان يرجوا لقاء ربه } جزاؤه وما وعد الله المؤمنين على التوحيد والتمسك بالشريعة، وقيل: من كان يخاف الله لم يراه على معصية، والرجاء يتضمن المعنيين الخوف والأمل، قال الشاعر:

فلا كل ما ترجو من الخير كائن

ولا كل ما ترجو من الشر واقع

وقوله: { فليعمل عملا صالحا } خالصا، وقيل: الصالح ما وافق الشرع وأمر الله به { ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } ، قيل: لا يرائي بعبادة الله، وقيل: الربا الشرك الأصغر، وروي مرفوعا، ومن قرأ عند مضجعه: { قل إنما أنا بشر مثلكم } إلى آخر السورة كان له نورا في مضجعه يتلألأ إلى مكة، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه إلى أن يكتبه، وإن كان مضجعه بمكة كان له نورا يتلألأ من مضجعه إلى البيت المعمور، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ.

[19 - سورة مريم]

[19.1-6]

{ كهيعص } ، قيل: اسم السورة عن الحسن، وقيل: إسم من أسماء الله، وعن علي (عليه السلام) أنه كان يقول: " يا كهيعص " وقيل: هو من أسماء الله تعالى فالكاف من كافي وكريم، والهاء من هادي، والياء من رحيم وحكيم، والعين من عليم وعظيم، والصاد من صادق { ذكر رحمة ربك } أي هذا المتلو من القرآن { ذكر رحمة ربك عبده زكريا } وإنما قدم رحمة لأن الذكر سبب الرحمة، وقيل: ذكره لمحمد وأمته أخبار زكريا ليعلموا شأنه، والرحمة النعمة، وقيل: زكريا نفسه رحمة من الله على المؤمنين من حيث دعاهم واقتدوا به { إذ نادى ربه } أي دعاه في محرابه { نداء خفيا } قيل: سرا، وقيل: أخفاه عن قومه لأنه أقرب إلى الإجابة لأنه أفضل، ثم بين تعالى ما دعا به فقال: { رب } أي يا رب { إني وهن العظم مني } أي ضعف لأنه عمود البدن وبه قوامه ولأنه أشد ما فيه وأصلبه، فإذا وهن كان ما وراءه أوهن، واختلف في سن زكريا (عليه السلام) فقيل: ستون، وقيل: خمس وستون، وقيل: سبعون، وقيل: خمس وسبعون، وقيل: خمس وثمانون { واشتعل الرأس شيبا } ، قيل: عم الشيب وقرب الموت، شبه الموت بشواظ النار في بياضه { ولم أكن بدعائك رب شقيا } ، قيل: عودتني الإجابة لدعائي فيما مضى وما خيبتني فأجبني إذا دعوتك، وذلك أنه توسل إلى الله بما سلف من الإستجابة، وعن بعضهم أن محتاجا سأله وقال: أنا الذي أحسنت إلي وقت كذا، وقال: مرحبا بمن توسل بنا إلينا وقضى حاجته { وإني خفت الموالي من ورائي } من بعدي يعني خشيت على الدين أن يبدلوه ويغيروه، وقيل: أن يرث علمي من لا يكون من نسلي، وقيل: أراد بالموالي العصبة { وكانت امرأتي عاقرا } لا تلد { فهب لي من لدنك وليا } أي ولدا يكون لي ناصرا على القيام لحفظ الدين في حياتي { يرثني ويرث من آل يعقوب } العلم والنبوة والدين، قيل: هو يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم، وقيل: يعقوب بن ماثان أخو زكريا (عليه السلام)، وقيل: يعقوب هذا وأبو مريم ثم عمران أخوان من نسل سليمان بن داوود { واجعله رب رضيا } ، قيل: نبيا، وقيل: صالحا، وعن علي (عليه السلام): " ويرث من آل يعقوب أي يرتقي " وكان زكريا (عليه السلام) من نسل يعقوب بن اسحاق.

[19.7-21]

{ يا زكريا إنا نبشرك } يعني نخبرك بخبر يسرك { بغلام اسمه يحيى } ، قيل: بشره بالولد وأنه يحيى ولا يموت صغيرا، وقيل: سماه يحيى ليدل على أن الدين يحيى به { لم نجعل له من قبل سميا } لم نسم أحدا قبله، وقيل: لم نجعل له من قبل سميا أي نظيرا { قال رب أنى يكون لي غلام } أي كيف يكون لي ولد، قيل: هذا تعجب وليس بإنكار، وقيل: إستخبار، وقيل: قاله سرورا كمن يستر بشيء يسره فيقول، كيف يكون هذا؟ { وقد بلغت من الكبر عتيا } ، قيل: عمرا طويلا، وقيل: كان له بضع وتسعون سنة { قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا } { قال } زكريا: { رب اجعل لي آية } أي علامة للحمل، قيل: أراد أن يعلم وقت الحمل فأجاب دعاءه { قال آيتك } علامتك { ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا } يعني لا يمكنك أن تتكلم وأنت سوي سليم، وروي أنه كان لا يمكنه أن يكلم الناس ويتكلم بالقراءة والتسبيح { فخرج على قومه من المحراب } موضع صلاته { فأوحى إليهم } فأشار اليهم بيده، وقيل: بالكلام { أن سبحوا بكرة وعشيا } ، قيل: أراد الدوام، وقيل: أراد الصلاة { يا يحيى خذ الكتاب بقوة } أي قلنا ليحيى لما خلق وعقل، وقيل: لما بلغ أشده، وقيل: أكمل عقله في صباه وصغر سنه، والكتاب: التوراة، بقوة: بجد واجتهاد ومواظبة في العمل { وآتيناه الحكم صبيا } وهو الفهم للتوراة والفقه في الدين عن ابن عباس، وقيل: دعاه الصبيان وهو صبي للعب فقال: ما للعب خلقنا، وقيل: العقل، وقيل: التوراة لأن الله أكمل عقله في صباه وأوحى اليه { وحنانا } رحمة لأبويه وغيرهما وتعطفا وشفقة، وقيل: حنانا من الله عليهما { من لدنا } من عندنا، والزكاة: الطهارة، وقيل: الصدقة { وكان تقيا } أي مخلصا مطيعا مجتنبا للمعاصي، { وبرا بوالديه } قيل: بارا وهو اللطف بهما والطاعة لهما وطلب رضاهما { ولم يكن جبارا } ، قيل: يتطاول على الخلق، ولم يكن جبارا { عصيا } لربه، ثم بشره بأنه مسلم على يحيى فقال: { وسلام عليه } ، قيل: سلامة له في الدنيا من المعاصي وفي الآخرة من العذاب، وقيل: تسليم الملائكة، وقيل: سلام الله عليه في هذه المواطن والأحوال لأنها أوحش المواطن، وقيل: سلامة له من بلاوي الدنيا وعذاب القبر وأهوال الحشر وعذاب النار، وقيل: سلامة له { يوم ولد } من ضرب الشيطان، وروي أن بكاء الصبي من ذلك، ثم عطف قصة مريم وعيسى على قصة زكريا ويحيى فقال سبحانه: { واذكر } يا محمد { في الكتاب } يعني في كتابك { مريم إذ انتبذت من أهلها } والانتباذ والإعتزال والإنفراد واحد يعني تخلت للعبادة في مكان مما يلي شرقي بيت المقدس أو من دارها معتزلة من الناس، وقيل: كانت به ما دامت طاهرة، فإذا حاضت تحولت إلى بيت خالها وهي بيت زكريا، وإذا طهرت واغتسلت عادت إلى المسجد، فبينا هي في مغتسلها أتاها الملك في صورة آدمي شاب أمرد وضيء الوجه جعد الشعر سوي الخلق، وإنما مثل لها في صورة الإنسان لتأنس بكلامه ولا تنفر عنه، ولو أتاها في صورة الملائكة لنفرت عنه ولم تقدر على كلامه، ودل على ورعها وعفتها أنها تعوذت بالله من تلك الصورة الجميلة، وكان تمثيله على تلك الصورة الجميلة ابتلاء لها، وقيل: كانت في منزل زوج خالتها زكريا ولها محراب على حدة سكنة، وكان زكريا إذا خرج أغلق عليها فتمنت أن تجد خلوة في الجبل تعلي رأسها، فانحفر السقف لها فخرجت فجلست في الشرفة وراء الجبل فأتاها الملك، قيل: قام بين يديها، وقيل: أن النصارى اتخذت المشرق قبلة لانتباذ مريم { مكانا شرقيا } فأرسلنا { إليها روحنا } وهو جبريل (عليه السلام) { فتمثل لها بشرا سويا } { قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا } ، قيل: إن كنت مؤمنا مطيعا، فاخرج فإني استعيذ بالله منك، وقيل: معناه ما كنت تقيا حيث استحللت بالنظر إلي وخلوت بي قال: { إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا } يعني نبيا ولدا طاهرا، فلما علمت صدقه بمعجزة ظهرت لها { قالت رب } أي يا رب: إرادة الدعاء لله تعالى { أنى } كيف { يكون لي غلام } والمعتاد أن الولد يحدث عند الوطي { ولم يمسسني بشر } قط بالزوجية وما كنت { بغيا } فاجرة، قال يعني جبريل لمريم: { كذلك قال ربك } ، قيل: هكذا قال ربك، وقيل: قال يعني جبريل لمريم: { كذلك قال ربك هو علي هين } أي سهل يعني خلق الولد من غير أب، { ولنجعله آية للناس } أي حجة للناس يدلهم على التوحيد، وقيل: معجزة { ورحمة منا } أي نعمة لأنه يدعوهم إلى ما قبلوا كان لهم رحمة كان رحمة، وقيل: رحمة لمن تبعه في دينه { وكان أمرا مقضيا } أي محكما، وقيل: أمرا قضاه الله وصدره في اللوح المحفوظ.

Bilinmeyen sayfa