147

Tefsir

تفسير الأعقم

Türler

{ الر } قد تقدم الكلام عليه، وقيل: انه اسم السورة { كتاب أنزلناه اليك } يعني القرآن أنزله جبريل (عليه السلام) { لتخرج الناس من الظلمات إلى النور } أي من الضلال إلى الهدى، وقيل: من الكفر إلى الايمان { بإذن ربهم } أي بأمره { إلى صراط العزيز الحميد } المحمود على كل حال { الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض } خلقا وملكا يعني أن الرسول يدعوكم إلى الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض { وويل للكافرين من عذاب شديد } ، قيل: الويل اسم للعذاب الأليم، وقيل: هو نداء لكل مكروب، وقيل: هو واد في جهنم { الذين يستحبون الحياة الدنيا } قيل: يؤثرونها ويختارونها { على الآخرة ويصدون عن سبيل الله } ، قيل: يمنعون الناس عن دين الله تعالى، وقيل: يعرضون عن دين الله وهو الاسلام { ويبغونها عوجا } قيل: يطلبون بها العوج وذلك يوصلهم إلى تحريف الدين { أولئك في ضلال بعيد } عن الحق { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه } أي بلغة قومه، قيل: كان المشركون يتعجبون من بشر يدعي أنه رسول وهو يتكلم بلسانهم فأنزل الله الآية مبينة أن عادة الله تعالى كذلك يعني كما أرسلناك إلى العرب بلغتهم كذلك أرسلنا كل رسول بلغة قومه فأما نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو مبعوث إلى الكل فالمراد به هاهنا قومه الذين ولد فيهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لا قومه الذين بعث إليهم لأنه مبعوث إلى الخلق كافة، وقيل: تقدير الآية وما أرسلنا قبلك رسولا إلا بلسان قومه إلى قومه وأنه مبعوث وأنت مبعوث بلسان قومك إلى الخلق جميعا، قال في الغرائب والعجائب: ان الله بعث جميع الكتب إلى جبريل (عليه السلام) بالعربية وأمره أن يأتي رسول كل قوم بلغتهم وهذا ليس بصحيح لأن قوله: { ليبين لهم } ضمير القوم وهو العرب فيؤدي أن الله أنزل التوراة من السماء بالعربية ليبين للعرب، قالوا: وهذا معنى فاسد، وقوله تعالى: { ليبين لهم } ما هو مبعوث به، يعني ليظهر لهم الدين { فيضل الله من يشاء } يعاقب ويهلك { ويهدي من يشاء } ، قيل: يلطف بمن يشاء ممن له لطف.

[14.5-9]

{ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } ، قيل: بالمعجزات والدلائل، وقيل: بالآيات التسع { ان أخرج قومك } أي وقلنا له: أخرج قومك، يعني بني إسرائيل ومن بعث اليهم { من الظلمات إلى النور } من الكفر إلى الإيمان { وذكرهم بأيام الله } قيل: بنعمه في الأيام دنيا ودينا، وقيل: بوقائع الله تعالى وعذابه في الأمم السالفة كعاد وثمود وغيرهم { وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم } خلصكم { من آل فرعون } يعني قومه واتباعه ومن كان على دينه { يسومونكم } قيل: يعذبونكم، وقيل: يذيقونكم { سوء العذاب } أي أشده { ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم } أي يستبقون النساء للخدمة أحياء { وفي ذلكم } أي ما تقدم ذكره { بلاء من ربكم عظيم } ، قيل: نعمة عظيمة من الله بها عليكم، وقيل: بلاء وشدة ومحنة، وقيل: امتحان بالتخلية والترك قال: أنجاكم والأول أقرب وهو لن المراد به النعمة وهو الذي يوافق صدر الآية وهو قوله: { واذكروا نعمة الله عليكم } { وإذ تأذن ربكم } ، قيل: معناه أعلم وتأذن وأذن كمتوعد وأوعد، وقيل: بمعنى أخبر { لئن شكرتم لأزيدنكم } من النعم { فإن الله لغني } عنكم ولا يرضى لعباده الكفر { حميد } مستحق للحمد، وقيل: يجازي على القليل كثيرا { ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم } يعني خبر ما فعل بهم خطاب للكفار، وقوله: { وثمود } وهم قوم صالح { والذين من بعدهم } من الأمم { لا يعلمهم إلا الله } يعني أنهم في الكثرة بحيث لا يعلم عددهم إلا الله تعالى ، وروي عن ابن مسعود أنه قرأ هذه الآية فقال: كذب النسابون، يعني الذين يدعون علم الأنساب، وقد نفى الله تعالى علمها عن العباد { جاءتهم رسلهم بالبينات } يعني بالأدلة والحجج والأحكام والأمر والنهي { فردوا أيديهم في أفواههم } أي قطعوها غيظا وضجرا مما جاءت به الرسل كقوله:

عضوا عليكم الأنامل من الغيظ

، وقيل: ضحكا واستهزاء كمن غلبه الضحك فوضع يده على فيه، واشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقت به من قولهم { انا كفرنا بما أرسلتم به } أي هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره، وقيل: في أيديهم يرجع إلى الكفار وأفواههم يرجع إلى الرسل فكأنهم لما سمعوا وعظهم وكلامهم أشاروا بأيديهم إلى أفواه الرسل تكذيبا لهم وردا عليهم وتسكيتا لهم { وانا لفي شك } في ريب { مما تدعوننا اليه } من الدين أحق هو أم باطل.

[14.10-17]

{ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض } يعني أفي توحيده وعدله وصفاته وعبادته، قيل: هم مشركو العرب كانوا يقرون بالله ويعبدون الأصنام فأزال الشك بقوله تعالى: { فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم } أي يدعوكم إلى الايمان والطاعة واجتناب المعاصي { من ذنوبكم } ، قيل: جميع ذنوبكم فتكون من زائدة ويحتمل أن تكون من للتبعيض أي ما سلف من ذنوبكم، وقيل: يغفر من ذنوبه ما يتذكر ويتوب عنه، وقيل: ما ينسى لأنه إذا لم يخطر بباله يكون مغفورا { ويؤخركم إلى أجل مسمى } ، قيل: يزيد في أعماركم، وقيل: لا ينقص من عذاب الاستئصال { قالوا ان أنتم إلا بشر مثلنا } في الصورة والهيئة فكيف خصصتم بالنبوءة { تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا } وذلك أنهم سلكوا طريقة التقليد { فأتونا بسلطان مبين } أي بحجة بينة وقد جاءت رسلهم بالبينات وبالحجج وإنما أرادوا بالسلطان المبين أنه قد اقترحوها { قالت لهم رسلهم ان نحن إلا بشر مثلكم } في الصورة والهيئة { ولكن الله يمن على من يشاء من عباده } أي ينعم على من يشاء بالنبوة { وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان } بحجة { إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون } يعني بالتوكل تفويض الأمر إلى الله تعالى { وما لنا ألا نتوكل على الله } ، قيل: تقديره في أن لا نتوكل على الله فحذف الحال { وقد هدانا سبلنا } يعني: أمور الدين { لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا } أي إما أخرجناكم وإما عدتم إلينا { فأوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض } يعني أرضهم وديارهم من بعد إهلاكهم وهذا غاية الإنعام بأن أهلك الكفرة وأسكن المؤمنين أرضهم وديارهم وأورثهم أموالهم وهكذا من توكل على الله واستعان به { ذلك لمن خاف مقامي } مقام الحساب { وخاف وعيد } أي القرآن { واستفتحوا } واستنصروا الله على أعدائهم، يعني أن الرسل استنصروا بالله سبحانه على أعدائهم من الأمم لما استيأس من إيمانهم دعوا عليهم بالهلاك، وقيل: أراد به الرسل والأمم تحاكموا إلى الله تعالى ودعا الفريقان أن يقضي بينهم { وخاب كل جبار عنيد } ، قيل: هلكوا، وقيل: خابوا من رحمة الله تعالى { من ورائه } قيل: من بين يديه { جهنم } ، وقيل: من بعد العذاب في الدنيا عذاب جهنم، وقيل: من خلفه { ويسقى من ماء صديد } أشد العذاب يعني ما يشبه الصديد في نتنه وكراهته، وقيل: هو القيح وهو ما يسيل من جلود أهل النار { يتجرعه } أي يتكلف دخلوه { ولا يكاد يسيغه } كاد صلة معناه لا يسيغه، وقيل: يسيغه بعد بطاء وغصص { ويأتيه الموت من كل مكان } يعني أسباب الموت أحاطت به من الجهات الست، وقيل: من كل مكان من جسده حتى ابهام رجله، وقيل: في أصل كل شعرة { وما هو بميت } فيستريح { ومن ورائه عذاب غليظ } أي بين يديه.

[14.18-22]

{ مثل الذين كفروا بربهم } أي مثل { أعمالهم كرماد } الخبر { اشتدت به الريح } أي حملته الريح عند هبوبها { في يوم عاصف } يقال: عصفت الريح إذا اشتدت { لا يقدرون } يوم القيامة من أعمالهم { مما كسبوا } من أعمالهم { على شيء } أي لا يرون له أثرا من الثواب كما لا يقدرون من الرماد المطير في الرياح على شيء { ذلك هو الضلال البعيد } إشارة إلى بعد ضلالتهم عن طريق الحق { ألم تر } أي ألم تعلم يا محمد أو أيها السامع { أن الله خلق السماوات والأرض بالحق } ، قيل: الحق هو الدين والعبادة يعني يعبدونه، وقيل: خلقهما للجزاء يوم القيامة { ان يشأ يذهبكم } أي يهلككم أيها الكفار { ويأت بخلق جديد } سواكم من بني آدم أطوع منكم، وقيل: من غير بني آدم ذكره في الغرائب والعجائب ومعنى الجديد القريب العهد، قوله تعالى: { وما ذلك على الله بعزيز } أي ممتنع متعذر { وبرزوا لله جميعا } أي وبرزوا لله يوم القيامة وإنما جيء بلفظ الماضي لأن ما أخبر به تعالى كأنه قد كان ووجد لصدقه سبحانه ونحوه { ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار } ونظائر ذلك، ومعنى بروزهم لله عز وجل والله سبحانه لا يتوارى عنه شيء حتى يبرزوا له، إنهم كانوا يتوارون ويستترون عن العيون عند ارتكابهم الفواحش ويظنون أن ذلك خاف على الله تعالى، فإذا كان يوم القيامة انكشفوا لله تعالى عند أنفسهم وعلموا أن الله لا يخفى عليه خافية، وخرجوا من قبورهم فبرزوا لحساب الله وحكمه { فقال الضعفاء } هم الأتباع والعوام { للذين استكبروا } ساداتهم الذين صدوهم عن الاستماع للأنبياء وأتباعهم { انا كنا لكم تبعا } تابعين لما قلتم { فهل أنتم مغنون عنا } دافعون عنا العذاب الذي نزل بنا { قالوا } يعني القادة للاتباع { لو هدانا الله لهديناكم } أي لو خلصنا الله من العذاب وأدخلنا الجنة للثواب لهديناكم لخلصناكم من العذاب لكن لا مطمع فيه لنا ولكم { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا } روي أن أهل النار يقولون: تعالوا نجزع، فيجزعون خمس مائة عام فلا ينفعهم، فيقولون: تعالوا نصبر، فيصبرون كذلك فلا ينفعهم فيقولون: سواء علينا أجزعنا أم صبرنا { ما لنا من محيص } أي منجا ومهرب { وقال الشيطان لما قضي الأمر } هو إبليس، وقوله لما قضي الأمر قطع وفرغ منه وهو الحساب بين الخلائق، قيل: إنما يقول ذلك عند وصول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وروي أن الشيطان عند ذلك يقوم خطيبا في الأشقياء من الجن والانس فيقول: { إن الله وعدكم وعد الحق } وهو البعث والجزاء على الأعمال فوفى لكم بما وعدكم { ووعدتكم } خلاف ذلك { فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان } أي من تسليط وقهر فأقسركم على الكفر والمعاصي وألجئكم إليها { إلا أن دعوتكم } أي إلا دعائي إياكم إلى الضلالة بوسوستي وتزييني ولم يكن لي عليكم قدرة غير ذلك { فلا تلوموني ولوموا أنفسكم } حيث اغتررتم وأطعتموني إذ دعوتكم ولم تطيعوا ربكم إذ دعاكم، هذا دليل على أن الانسان هو الذي يختار الشقاوة أو السعادة ويحصلهما لنفسه، وليس من الله تعالى إلا التمكين ولا من الشيطان إلا التزيين، ولو كان الأمر كما تزعم المجبرة لقال: فلا تلوموني ولا أنفسكم فإن الله قضى عليكم الكفر وأجبركم عليه، تعالى الله عن ذلك { ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي } يعني لا ينجي بعضنا بعضا من عذاب الله ولا يغيثه، والإصراخ: الإغاثة { إني كفرت بما أشركتمون } الآن بإشراككم إياي { من قبل } هذا اليوم وهو يوم القيامة مثل قوله تعالى: { ويوم القيامة يكفرون } بشرككم.

[14.23-27]

Bilinmeyen sayfa