[فصلت: 11] وقوله: { قالوا بلى شهدنا } هذا خبر عن بني آدم أنهم قالوا: بلى شهدنا أنك خالقنا وربنا، وهو قول أكثر المفسرين { أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين } أي لئلا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين غير عالمين { أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم } فنشأنا على طريقتهم احتجاجا بالتقليد، فقد قطعنا العذر بما بينا من الآيات { أفتهلكنا بما فعل المبطلون } أي تهلكنا بما فعل آباؤنا المشركون { وكذلك نفصل الآيات } لقومك يا محمد { ولعلهم يرجعون } عن الكفر واتل عليهم يا محمد يعني على اليهود وهو كلام جار الله والذي روي في الحاكم.
[7.175-179]
{ واتل } يا محمد على قومك { نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان } هو عالم من علماء بني اسرائيل، وقيل: رجل من الكنعانيين اسمه بلعم بن باعورا أوتي علم بعض كتب الله تعالى فانسلخ منها أي من الآيات بأن كفر بها ونبذها وراء ظهره، فاتبعه الشيطان فلحقه وأدركه وصار قريبا له { فكان من الغاوين } فصار من الضالين الكافرين، وروي أن قومه طلبوا إليه أن يدعو على موسى ومن معه فأبى، وقال: كيف أدعو على من معه من الملائكة فألحوا عليه ولم يزالوا حتى فعل { ولو شئنا لرفعناه بها } لعظمناه ورفعناه إلى منازل الأبرار من العلماء بتلك الآيات { ولكنه أخلد الى الأرض } مال إلى الدنيا { فمثله كمثل الكلب } فصفته التي هي مثل في الحسنة كصفة الكلب في أحسن أحواله، وقيل: معناه ان وضعته فهو ضال كالكلب إن طردته يلهث وإن تركته على حاله يلهث، وقيل: لما دعا بلعم على موسى خرج لسانه من فيه فوقع على صدره فجعلت تلهث كما يلهث الكلب، وقيل: نزلت الآية في قريش ذكره الحاكم أتاهم الله الآيات فلم يقبلوها ذكره في الحاكم، وقيل: نزلت في منافقي أهل الكتاب كانوا يعرفون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فجحدوه، وقيل: في عالم ارتد ومال الى الدنيا، وقيل: هو عام فيمن عرض عليه الهدى فأعرض وأبى أن يقبله { ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا } من اليهود بعدما قرأوا بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في التوراة وذكر القرآن المعجز وما فيه وبشروا الناس به (صلى الله عليه وآله وسلم) { فاقصص القصص } أي قص عليهم يا محمد هذا الحديث، قيل: على بني إسرائيل، وقيل: على قومك { لعلهم يتفكرون } ، قوله تعالى: { ساء مثلا } أي بئس الصفة المضروب فيها المثل وروى الثعلبي أنها نزلت في رجل قد اعطي ثلاث دعوات مستجابة، وكان له امرأة وكان له منها ولد، فقالت: اجعل لي منها دعوة، فقال: ما تريدين؟ قالت: ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل، فدعا لها فرغبت عنه، فدعا عليها فصارت كلبة نباحة، فدعا الله أن يردها فردها والله أعلم { من يهدي الله فهو المهتدي } يمده بالألطاف قال تعالى: { والذين اهتدوا زادهم هدى } { ومن يضلل } ، قيل: بالعقوبة، وقيل: بالترك { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس } الآية، قال جار الله: هم المطبوع على قلوبهم الذين علم الله أنه لا لطف لهم، وجعلهم في أنهم لا يلقون أذهانهم إلى معرفة الحق، ولا ينظرون بعيونهم إلى ما خلق الله نظر اعتبار، ولا يسمعون ما يتلى عليهم من آيات الله سماع تدبر، كأنهم عدموا فهم القلوب وابصار العيون واستماع الآذان، قال الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي
وإنما قال: ذرأنا لأنهم يصيرون إلى جهنم بكفرهم بربهم واللام للعاقبة، كقوله تعالى:
فالتقطه آل فرعون ليكون لهم
[القصص: 8] الآية وأنشدوا:
أموالنا لذوي الميراث نجمعها
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
Bilinmeyen sayfa