Tefsir el-Nesefi
تفسير النسفي
Araştırmacı
يوسف علي بديوي
Yayıncı
دار الكلم الطيب
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
Yayın Yeri
بيروت
هذا هو الحقيقة عند أهل السنة وسياق الآية لبيان أن ما استنكره الجهلة من الكفار واستغربوه من أن تكون المحقرات من الأشياء مضروبًا بها المثل ليس بموضع الاستنكار والاستغراب لأن التمثيل إنما يصار إليه لما فيه من كشف المعنى وإدناء المتوهم من المشاهد فإن كان المتمثل له عظيمًا كان المتمثل به كذلك وإن كان حقيرًا كان المتمثل به كذلك ألا ترى أن الحق لما كان واضحًا جليًا تمثل له بالضياء والنور وأن الباطل لما كان بضد صفته تمثل له بالظلمة ولما كانت حال الآلهة التي جعلها الكفار أندادًا لله لا حال أحقر منها وأقل ولذلك تجعل بيت العنكبوت مثلها في الضعف والوهن وجعلت أقل من الذباب وضربت لها البعوضة فالذي دونها مثلًا لم يستنكر ولم يستبدع ولم يقل للمتمثل
البقرة (٢٦ - ٢٧)
استحى من تمثيلها بالبعوضة لأنه مصيب في تمثيله محق في قوله سائق للمثل على قضية مضربه ولبيان أن المؤمنين الذين عادتهم الانصاف والنظر فى الأمور بناظر العقل إذا سمعوا بهذا التمثيل علموا أنه الحق وأن الكفار الذين غلب الجهل على عقولهم إذا سمعوه كابروا وعاندوا وقضوا عليه بالبطلان وقابلوه بالإنكار وأن ذلك سبب هدى المؤمنين وضلال الفاسقين والعجب منهم كيف أنكروا ذلك وما زال الناس يضربون الأمثال بالبهائم والطيور وخشاش الأرض فقالوا أجمع من ذرة وأجرأ من الذباب وأسمع من قراد وأضعف من فراشة وآكل من السوس وأضعف من البعوضة وأعز من مخ البعوض ولكن ديدن المحجوج والمبهوت أن يرضى لفرط الحيرة بدفع الواضح وإنكار اللائح ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفاسقين﴾ هو مفعول يضل وليس بمنصوب على الاستثناء لأن يضل لم يستوف مفعوله والفسق الخروج عن القصد والفاسق في الشريعة الخارج عن الأمر بارتكاب الكبيرة وهو النازل بين المنزلتين أي بين منزلة المؤمن والكافر عند المعتزلة وسيمر عليك ما يبطله إن شاء الله
1 / 74