Tefsir
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Araştırmacı
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Yayıncı
دار طيبة للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الرابعة
Yayın Yılı
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
كَانَ مُعْجِزَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ حَيْثُ عَجَزُوا عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ. ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ﴾ أَيْ فَآمِنُوا وَاتَّقُوا بِالْإِيمَانِ النَّارَ. ﴿الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ يَعْنِي حِجَارَةَ الْكِبْرِيتِ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ الْتِهَابًا، وَقِيلَ: جَمِيعُ الْحِجَارَةِ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى عَظَمَةِ تِلْكَ النَّارِ وَقِيلَ: أَرَادَ بِهَا الْأَصْنَامَ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَصْنَامِهِمْ كَانَتْ مَنْحُوتَةً مِنَ الْحِجَارَةِ كَمَا قَالَ "إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ" (٩٨-الْأَنْبِيَاءِ) ﴿أُعِدَّتْ﴾ هُيِّئَتْ ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾
﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥)﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أَيْ أَخْبِرْ وَالْبِشَارَةُ كُلُّ خَبَرِ صِدْقٍ تَتَغَيَّرُ بِهِ بَشَرَةُ الْوَجْهِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَفِي الْخَيْرِ أَغْلَبُ ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أَيِ الْفِعْلَاتِ الصَّالِحَاتِ يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَاتِ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ﵁ ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أَيْ أَخْلَصُوا الْأَعْمَالَ كَمَا قَالَ "فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا" (١١٠-الْكَهْفِ) أَيْ خَالِيًا مِنَ الرِّيَاءِ. قَالَ مُعَاذٌ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ الَّذِي فِيهِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ. الْعِلْمُ، وَالنِّيَّةُ، وَالصَّبْرُ، وَالْإِخْلَاصُ. ﴿أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ﴾ جَمْعُ الْجَنَّةِ، وَالْجَنَّةُ الْبُسْتَانُ الَّذِي فِيهِ أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ، سُمِّيَتْ بِهَا لِاجْتِنَانِهَا وَتَسَتُّرِهَا بِالْأَشْجَارِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْجَنَّةُ مَا فِيهِ النَّخِيلُ، وَالْفِرْدَوْسُ مَا فِيهِ الْكَرْمُ.
﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا﴾ أَيْ مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهَا وَمَسَاكِنِهَا ﴿الْأَنْهَارُ﴾ أَيِ الْمِيَاهُ فِي الْأَنْهَارِ لِأَنَّ النَّهْرَ لَا يَجْرِي وَقِيلَ ﴿مِنْ تَحْتِهَا﴾ أَيْ بِأَمْرِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ فِرْعَوْنَ "وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي" (٥١-الزُّخْرُفِ) أَيْ بِأَمْرِي وَالْأَنْهَارُ جَمْعُ نَهْرٍ سُمِّيَ بِهِ لِسِعَتِهِ وَضِيَائِهِ. وَمِنْهُ النَّهَارُ. وَفِي الْحَدِيثِ "أَنْهَارُ الْجَنَّةِ تَجْرِي فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ" (١) ﴿كُلَّمَا﴾ مَتَى مَا ﴿رُزِقُوا﴾ أُطْعِمُوا ﴿مِنْهَا﴾ أَيْ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ ثَمَرَةٍ أَيُّ ثَمَرَةً وَ﴿مِنْ﴾ صِلَةٌ ﴿رِزْقًا﴾ طَعَامًا ﴿قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ وَقَبْلُ رَفْعٌ عَلَى الْغَايَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ" (٤-الرُّومِ) قِيلَ: مِنْ قَبْلُ فِي الدُّنْيَا وَقِيلَ: الثِّمَارُ فِي الْجَنَّةِ مُتَشَابِهَةٌ فِي اللَّوْنِ، مُخْتَلِفَةٌ فِي الطَّعْمِ، فَإِذَا رُزِقُوا ثَمَرَةً بَعْدَ أُخْرَى ظَنُّوا أَنَّهَا الْأُولَى ﴿وَأُتُوا بِهِ﴾ بِالرِّزْقِ ﴿مُتَشَابِهًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ: مُتَشَابِهًا فِي الْأَلْوَانِ، مُخْتَلِفًا فِي الطُّعُومِ. وَقَالَ الْحَسَنُ
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: ١٣ / ٩٦، وهناد في الزهد: ١ / ١٧١، والطبري في التفسير: ١ / ٣٨٤. والمروزي في زوائد الزهد ص (٥٢٤) وعزاه السيوطي أيضا لابن أبي حاتم وأبي الشيخ البيهقي في البعث وصححه عن ابن مسعود انظر: الدر المنثور: ١ / ٩٤، تفسير ابن كثير: ٤ / ١٧٧، والفتح السماوي ١ / ١٤٨.
1 / 73