201

Tefsir

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Araştırmacı

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Yayıncı

دار طيبة للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الرابعة

Yayın Yılı

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

بِهِ الِاعْتِكَافُ، أَمَّا مَا دُونَ الْجِمَاعِ مِنَ الْمُبَاشَرَاتِ كَالْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ بِالشَّهْوَةِ، فَمَكْرُوهٌ وَلَا يَفْسُدُ بِهِ الِاعْتِكَافُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، كَمَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الْحَجُّ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَبْطُلُ بِهَا اعْتِكَافُهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقِيلَ إِنْ أَنْزَلَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ فَلَا كَالصَّوْمِ، وَأَمَّا اللَّمْسُ الَّذِي لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّلَذُّذُ فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الِاعْتِكَافُ لِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا اعْتَكَفَ أَدْنَى إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ" (١) . قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ يَعْنِي تِلْكَ الْأَحْكَامَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الصِّيَامِ وَالِاعْتِكَافِ، حُدُودُ أَيْ: مَا مَنَعَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَ السُّدِّيُّ: شُرُوطُ اللَّهِ، وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: فَرَائِضُ اللَّهِ، وَأَصْلُ الْحَدِّ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْبَوَّابِ حَدَّادٌ، لِأَنَّهُ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الدُّخُولِ، وَحُدُودُ اللَّهِ مَا مَنَعَ النَّاسَ مِنْ مُخَالَفَتِهَا ﴿فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾ فَلَا تَأْتُوهَا ﴿كَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ لِكَيْ يَتَّقُوهَا فَيَنْجُوا مِنَ الْعَذَابِ. ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨)﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ قِيلَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي امْرِئِ الْقَيْسِ بن عايش لكندي ادَّعَى عَلَيْهِ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدَانَ الْحَضْرَمِيُّ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَرْضًا أَنَّهُ غَلَبَنِي عَلَيْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِلْحَضْرَمِيِّ (أَلَكَ بَيِّنَةٌ)؟ قَالَ لَا قَالَ: (فَلَكَ يَمِينُهُ) فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَمَا إِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ) (٢) فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ أَيْ لَا يَأْكُلُ بَعْضُكُمْ مَالَ بَعْضٍ بِالْبَاطِلِ أَيْ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي أَبَاحَهُ اللَّهُ، وَأَصْلُ الْبَاطِلِ الشَّيْءُ الذَّاهِبُ، وَالْأَكْلُ بِالْبَاطِلِ أَنْوَاعٌ، قَدْ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ وَالنَّهْبِ وَقَدْ يَكُونُ بِطَرِيقِ اللَّهْوِ كَالْقِمَارِ وَأُجْرَةِ الْمُغَنِّي وَنَحْوِهِمَا، وَقَدْ يَكُونُ بِطَرِيقِ الرِّشْوَةِ وَالْخِيَانَةِ ﴿وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ﴾ أَيْ تُلْقُوا أُمُورَ تِلْكَ الْأَمْوَالِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَرْبَابِهَا إِلَى الْحُكَّامِ، وَأَصْلُ الْإِدْلَاءِ: إِرْسَالُ الدَّلْوِ وَإِلْقَاؤُهُ فِي الْبِئْرِ يُقَالُ: أَدْلَى دَلْوَهُ إِذَا أَرْسَلَهُ، وَدَلَاهُ يَدْلُوهُ إِذَا أَخْرَجَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ مَالٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَيَجْحَدُ الْمَالَ وَيُخَاصِمُ فِيهِ إِلَى الْحَاكِمِ، وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ أَثِمَ بِمَنْعِهِ، قَالَ مُجَاهِدٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: لَا

(١) رواه البخاري: في الاعتكاف - باب المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل ٤ / ٢٨٦. والمصنف في شرح السنة: ٦ / ٤٠٠. (٢) رواه مسلم: في الإيمان - باب: وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار برقم (١٣٩) ١ / ١٢٣.

1 / 210