Tefsir
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Araştırmacı
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Yayıncı
دار طيبة للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الرابعة
Yayın Yılı
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا عَشَرَةً: نُوحٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَلُوطٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
﴿يَتْلُو﴾ يَقْرَأُ ﴿عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ﴾ كِتَابَكَ يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالْآيَةُ مِنَ الْقُرْآنِ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ إِلَى انْقِطَاعِهِ وَقِيلَ هِيَ جَمَاعَةُ حُرُوفٍ يُقَالُ خَرَجَ الْقَوْمُ بِآيَتِهِمْ أَيْ بِجَمَاعَتِهِمْ ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: فَهْمَ الْقُرْآنِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَوَاعِظَ الْقُرْآنِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هِيَ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ، وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ حَكِيمًا حَتَّى يَجْمَعَهُمَا، وَقِيلَ: هِيَ السُّنَّةُ، وَقِيلَ: هِيَ الْأَحْكَامُ وَالْقَضَاءُ وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ الْفِقْهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ: كُلُّ كَلِمَةٍ وَعَظَتْكَ أَوْ دَعَتْكَ إِلَى مَكْرُمَةٍ أَوْ نَهَتْكَ عَنْ قَبِيحٍ فَهِيَ حِكْمَةٌ.
﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ أَيْ يُطَهِّرُهُمْ مِنَ الشِّرْكِ وَالذُّنُوبِ، وَقِيلَ: يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: يَشْهَدُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْعَدَالَةِ إِذَا شَهِدُوا لِلْأَنْبِيَاءِ بِالْبَلَاغِ مِنَ التَّزْكِيَةِ، وَهِيَ التَّعْدِيلُ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْمُنْتَقِمُ بَيَانُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى "وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ" (٤-آلِ عِمْرَانَ) وَقِيلَ: الْمَنِيعُ الَّذِي لَا تَنَالُهُ الْأَيْدِي وَلَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَقِيلَ: الْقَوِيُّ، وَالْعِزَّةُ الْقُوَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ" (١٤-يس) أَيْ قَوَّيْنَا وَقِيلَ: الْغَالِبُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِخْبَارًا "وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ" (٢٣-ص) أَيْ غَلَبَنِي، وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: "مَنْ عَزَّ بَزَّ" أَيْ مَنْ غَلَبَ سَلَبَ.
﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١)﴾
﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ دَعَا ابْنَيْ أَخِيهِ سَلَمَةَ وَمُهَاجِرًا إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُمَا: قَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ اللَّهَ ﷿ قَالَ فِي التَّوْرَاةِ: إِنِّي بَاعِثٌ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ نَبِيًّا اسْمُهُ أَحْمَدُ فَمَنْ آمَنَ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَى وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فَهُوَ مَلْعُونٌ، فَأَسْلَمَ سَلَمَةُ وَأَبَى مُهَاجِرٌ أَنْ يُسْلِمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾ (١) أَيْ يَتْرُكُ دِينَهُ وَشَرِيعَتَهُ يُقَالُ رَغِبَ فِي الشَّيْءِ إِذَا أَرَادَهُ، وَرَغِبَ عَنْهُ إِذَا تَرَكَهُ.
وَقَوْلُهُ ﴿وَمَنْ﴾ لَفْظُهُ اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّقْرِيعُ وَالتَّوْبِيخُ يَعْنِي: مَا يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ﴿إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ خَسِرَ نَفْسَهُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: ضَلَّ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَهْلَكَ نَفْسَهُ، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ وَالزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ جَهَّلَ نَفْسَهُ وَالسَّفَاهَةُ: الْجَهْلُ وَضَعْفُ الرَّأْيِ: وَكُلُّ سَفِيهٍ
(١) انظر: لباب النقول للسيوطي ص ٥١، بهامش الجلالين.
1 / 152