Tefsir
تفسير الراغب الأصفهاني
Araştırmacı
د. هند بنت محمد بن زاهد سردار
Yayıncı
كلية الدعوة وأصول الدين
Yayın Yeri
جامعة أم القرى
فيؤمنون به، ويعملون بما فيه، أولئك أعظم أجرًا منكم " فتبين منه ﵇ أن من بعده يحتاج إلى نظر أكثر من نظر الذين شاهدوه فقد كفوا كثيرًا من أخبار الغيب.
وقوله: " بالغيب " في موضع المفعول.
كقوله: ﴿وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ وقال بعضهم: معناه: يؤمنون إذا غابوا عنكم، ولم يكونوا كالمنافقين الذين ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾.
وقوى ما قاله بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾ وقوله ﴿وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ﴾، قول الشاعر:
وهم بغيب وفي عمياء ما شعروا
ويكون " بالغيب " على هذا في موضع الحال.
ومفعول: " يؤمنون ": محذوف.
وقال بعض المتأخرين من المتكلمين: يحمل قوله تعالى " بالغيب " على المعنيين وخفي عليه أن ذلك لا يصح، فإن وبالغيب في القول الأول: مفعول: في القول الثاني: حال لا يصح أن يقال ضربت راكبًا، و" راكب " يكون مفعولًا: لـ " لضربت " و" حالًا " للفاعل.
والوجه: هو القول الأول، لأنه مستوعب لمعنى الثاني وزائد عليه، إذ كل من آمن - على الوجه الأول - فلا شك أنه بخلاف من يقول: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ وقيل: معنى قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ يعني بالقلب، والنور الذي آتاهم الله وهو العقل، ومعناه: آمنوا بقلوبهم، بخلاف من أخبر الله تعالى عنهم بقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ ومن حكى عنهم: ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾ وهذا أيضًا يرجع إلى الأول عند التحقيق، وقيل: " يؤمنون " من: " آمن فلان " - أي: صار ذا أمنٍ نحو أحال وأجرب.
ومعناه: صاروا ذوي أمن بظهر الغيب بأن ما أخبروا به حق، فتطمئن قلوبهم بذكر الله.
1 / 80