246

Tefsir

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Türler

Tefsir

[267]

قوله عز وجل : { ياأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم وممآ أخرجنا لكم من الأرض } ؛ أي أنفقوا من خيار ما كسبتم ، وخياره نظيره قوله تعالى : { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }[آل عمران : 92]. وقال ابن مسعود ومجاهد : (من حلال ما كسبتم من الأموال) دليله : { ياأيها الرسل كلوا من الطيبات }[المؤمنون : 51] وقال عليه السلام : " إن الله طيب لا يحب إلا الطيب ، لا يكسب عبد مالا من حرام فيتصدق به فيقبل منه ؛ ولا ينفق فيبارك له فيه ، ولا يتركه خلفه إلا كان زاده إلى النار ، وإن الله لا يمحو السيء بالسيء ، ولكن يمحو السيء بالحسن ، وإن الخبيث لا يمحو الخبيث ".

وقوله تعالى : { وممآ أخرجنا لكم من الأرض } أي من أعشار الحبوب والثمار.

قوله تعالى : { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه } ؛ أي لا تعمدوا إلى الرديء من أموالكم منه تتصدقون ، ولستم بقابضيه وقابليه (إلا أن تغمضوا فيه) ، يقول : لو كان لبعضكم على بعض حق فجاء بدون حقه ، لم يأخذ منه إلا أن يتغامض له عن بعض حقه ويتسامح عن عيب فيه ، فكيف تعطونه في الصدقة.

وقد روي في سبب نزول هذه الآية " أن النبي صلى الله عليه وسلم حث الناس على الصدقة وقال : [إن لله في أموالكم حقا]. فكان يأتي أهل الصدقة بصدقاتهم فيضعونها في المسجد ، فيقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، فجاء رجل ذات يوم بعدما تفرق عامة أهل المسجد بعذق من حشف فوضعه في الصدقة ، فلما أبصره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [بئس ما صنع صاحب الحشف] فأمر به فعلق ، فجعل كل من يراه يقول : بئس ما صنع صاحب الحشف " ، فأنزل الله هذه الآية.

وقال بعضهم : معنى : { ولا تيمموا الخبيث } أي لا تتصدقوا بالحرام. فيكون معنى (إلا أن تغمضوا فيه) على هذا التأويل : إلا أن تترخصوا في تناوله إن كان حراما. والإغماض : ترك النظر ، يقال في المثل : أغمض في هذا وغمض ؛ أي لا تستقص وكن كأنك لم تبصر.

قوله تعالى : { واعلموا أن الله غني حميد } ؛ أي { غني } عن صدقاتكم محمود في أفعاله ، ولم يأمركم بالصدقة عن عوض ولكن بلاكم بما أمركم ، فهو مستحق للحمد على ذلك وعلى جميع أمره.

وفي الآية إباحة الكسب وإخبار أن فيه ما هو طيب ، قال صلى الله عليه وسلم : " والخير عشرة أجزاء أفضلها التجارة إذا أخذ الحق وأعطى الحق " وقال صلى الله عليه وسلم : " تسعة أعشار الرزق في التجارة ، ولا يفتقر من التجار إلا تاجر حلاف " " سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي كسب الرزق أفضل ؟ قال : [عمل الرجل بيديه ، وكل بيع مبرور] " وقال صلى الله عليه وسلم : " يا معشر التجار ، إن هذا البيع يحضره اللغو والكذب ، فشوبوه بالصدقة ".

Sayfa 246