184

Tefsir

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Türler

Tefsir

[200]

قوله عز وجل : { فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آبآءكم أو أشد ذكرا } ؛ أي إذا فرغتم من متعبداتكم { فاذكروا الله } عز وجل بالخير { كذكركم آبآءكم } بل أشد ذكرا. وذلك أنهم كانوا يقفون بعد قضاء المناسك يوم النحر بين المسجد الذي في منى وبين الجبل ، يتناشدون الأشعار ويتفاخرون بذكر فضائل آبائهم ، يقول أحدهم : يا رب إن عبدك فلانا - يعني أباه - كان يفعل كذا وكذا من الخير. فأمرهم الله تعالى أن يذكروه فهو الذي فعل ذلك الخير إلى آبائهم ، وأن أياديه عندهم أكثر وأعظم من أيادي آبائهم عليهم.

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم بعد نزول هذه الآية : " إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ، إن الناس من آدم وإن آدم من تراب ؛ لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى " ثم تلا{ ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثىا... }[الحجرات : 13] الآية.

وقال بعضهم : معناه أذكروا الله بالتوحيد كما تذكرون آباءكم بذلك ؛ فإنكم لا ترضون أن تنسبوا إلى أبوين ، وكذلك لا ترضون من أنفسكم باتخاذ إلهين.

وعن عطاء والربيع والضحاك في قوله : { كذكركم آبآءكم } : (هو كقول الصغير أول ما يفقه الكلام (أبه أبه) أي استغيثوا بالله وافزعوا إليه في جميع أموركم ؛ كما يفزع الصغير إلى أبيه في جميع أموره ويلتح بذكره). وعن أبي الجوزاء قال : قلت لابن عباس رضي الله عنه : أخبرني عن قول الله عز وجل : { فاذكروا الله كذكركم آبآءكم } وقد يأتي على الرجل اليوم لا يذكر أباه ، فقال ابن عباس : (ليس كذلك ، ولكن أن تغضب لله إذا عصي أشد من غضبك لوالديك إذا شتما).

وأما وجه نصب { أشد } فقال الأخفش : (اذكروه ذكرا أشد ذكرا). وقال الزجاج : (هو في محل الخفض ، ولكنه لا ينصرف لأنه صفة على وزن (أفعل). ونصب { ذكرا } على التمييز).

قوله عز وجل : { فمن الناس من يقول ربنآ آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق } ؛ نزلت في مشركي قريش كانوا يقولون في عادتهم في الحج : اللهم ارزقنا إبلا وبقرا وغنما وعبيدا وإماء وأموالا. ولم يكونوا يسألون لأنفسهم التوبة والمغفرة ، كانوا لا يرجون إلا نعيم الدنيا ، ولا يخافون البعث والنشور. فبين الله تعالى بقوله : { وما له في الآخرة من خلاق } أي من نصيب ولا ثواب.

والمعنى : من يطلب بحجه أمور الدنيا لا يريد بذلك ثواب الله تعالى ، فلا نصيب له في ثواب الآخرة. وقال أنس بن مالك : (كانوا يطوفون بالبيت عراة فيدعون ويقولون : اللهم اسقنا المطر وأعطنا على عدونا الظفر). وقال قتادة : (هذا عبد نوى الدنيا ؛ لها أنفق ولها عمل ولها نصب). فهي همه وسؤله وطلبه.

Sayfa 184