148

Tefsir

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Türler

Tefsir

[158]

قوله تعالى : { إن الصفا والمروة من شعآئر الله } ؛ أي من أعلام دينه ومتعبداته ؛ وأراد بالشعائر ها هنا مناسك الحج. وسبب نزول هذه الآية : أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : (كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة لأنهما كانا من مشاعر قريش في الجاهلية فتركناه في الإسلام ، فأنزل الله هذه الآية).

وقال ابن عباس : (كان على الصفا صنم على صورة رجل يقال له : إسافا ، وعلى المروة صنم على صورة امرأة يقال لها : نائلة. وإنما ذكروا الصفا لتذكير إساف ، وأنثوا المروة لتأنيث نائلة ؛ وزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخهما الله ، فوضعهما على الصفا والمروة ليعتبر بهما ، فلما طالت المدة عبدا من دون الله تعالى. وكان أمر الجاهلية إذا طافوا بين الصفا والمروة مسحوا الصنمين. فلما جاء الإسلام كره المسلمون الطواف بينهما لأجل الصنمين ، وقالت الأنصار : إن السعي من أمر الجاهلية ، فأنزل الله تعالى هذه الآية { إن الصفا والمروة من شعآئر الله } ).

قوله تعالى : { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } ؛ أي فلا إثم في الطواف بينهما لمكان الأصنام عليهما ، فإن الطواف بينهما واجب. والجناح هو الإثم ؛ وأصله يتطوف وأدغمت التاء في الطاء. وقرأ أبو حيوة : (يطوف بهما) مخففة.

واختلف العلماء في السعي ؛ فقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري : هو واجب وينجبر بالدم. وقال مالك والشافعي : هو فرض ، ولا ينجبر بالدم كطواف الزيارة. وقال أنس بن مالك وابن الزبير ومجاهد : هو تطوع إن فعله فحسن ، وإن تركه لم يلزمه شيء ، واحتجوا بقراءة ابن عباس وابن سيرين : (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما). وكذلك هو في مصحف عبدالله ؛ ويقوله بعد ذلك : (ومن تطوع خيرا) وهذا دليل على أنه تطوع.

والجواب عنه : أن (لا) صلة كقوله : { ما منعك ألا تسجد }[الأعراف : 12] وقوله : { لا أقسم }[القيامة : 1]. وحجة من أوجبه : أن الله سماهما { من شعآئر الله }. وأما قوله : { ومن تطوع خيرا } فمعناه من زاد على الطواف الواجب. وحجة من قال إنه فرض : فتسمية الله له من شعائره. قلنا : هذا لا يدل على الفريضة ؛ فإن الله سمى المزدلفة المشعر الحرام ؛ ولا خلاف أن الدم يقوم مقامه.

وسمي الصفا ؛ لأنه جلس عليه صفي الله آدم عليه السلام. وسميت المروة ؛ لأنها جلست عليها امرأته حواء ، وأصل السعي : أن هاجر أم إسماعيل لما عطش ابنها إسماعيل وجاع صعدت على الصفا فقامت عليه تنظر ؛ هل ترى من أحد ؟ فلم تر أحدا ؛ فهبطت من الصفا حتى جاوزت الوادي ورفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ؛ ثم أتت المروة وقامت عليها ؛ هل ترى أحدا ؟ فلم تر أحدا ، فعلت ذلك سبع مرات.

قوله تعالى : { ومن تطوع خيرا } ؛ قرأ حمزة والكسائي : (يطوع) بالياء وتشديد الطاء والجزم. وكذلك الثاني بمعنى يتطوع. وقرأ عبدالله : (يتطوع) وقرأ الباقون : (تطوع) بالتاء ونصب العين. ومعنى الآية : ومن زاد في الطواف الواجب. وقال ابن زيد : (ومن تطوع خيرا فاعتمر). وقيل : من تطوع بالحج والعمرة بعد حجته الواجب. وقال الحسن : (فعل غير المفروض عليه من زكاة وصلاة ونوع من أنواع الطاعات كلها) ؛ { فإن الله شاكر عليم } ؛ أي مجاز له بعمله عليم بنيته يشكر اليسير ويعطي الكثير ويغفر الكبير.

Sayfa 148