Tafseer Al-Uthaymeen: An-Nisa

Muhammad ibn al-Uthaymeen d. 1421 AH
78

Tafseer Al-Uthaymeen: An-Nisa

تفسير العثيمين: النساء

Yayıncı

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

الحكمة وضع الشيء في موضعه، وتتعلق بالحكم الكوني والحكم الشرعي، ثم هي إما حكمة باعتبار الصورة المعينة، وإما حكمة باعتبار الغاية، فإذا ضربت اثنين في اثنين صارت أربعة، فالحكمة تتعلق بالحكم الكوني على صورته المعينة وعلى غايته الحميدة، فمثلًا: الحكم الكوني إذا حكم الله ﷿ على أناس بالفقر والمرض والزلازل وما أشبه ذلك، فهذا حكم لا شك أنه متضمن لحكمة، كونه وقع على هذا الوجه حكمة، والغاية منه حميدة، وهذه حكمة ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١)﴾ [الروم: ٤١]. وقد خلق الإنسان على هذه الصفة لحكمة، خلق قائمًا منتصبًا وغيره على العكس؛ لأن الإنسان له وظائف من قيام وركوع وسجود لا تتم إلا على خلقه على هذا الوجه، فلذلك خلقه الله تعالى قائمًا منتصبًا دون غيره من الحيوانات، فكونه على هذا الوجه حكمة، وكون الغاية من ذلك أداء الوظائف التي كلفه الله بها هذه حكمة أخرى، وهكذا في الشمس والقمر والجبال والأنهار وما أشبه ذلك. وفي الشرع أيضًا حكمة على الصورة المعينة وحكمة في الغاية، فكون الشرع جاء على هذا الوجه: الصلوات الخمس، وأوقاتها متفرقة، وعددها كذا وكذا، هذا لا شك أنه مطابق للحكمة؛ ولهذا فإن الصلوات كلها مقرونة بتغير الشمس في الأفق، فالفجر عند إقبالها، والمغرب والعشاء عند إدبارها، والظهر والعصر عند توسطها وميلها، فلا بد أن يكون هناك سبب، فهذه حكمة، والغاية من الصلاة حكمة أيضًا.

1 / 82