108

Tafseer Al-Uthaymeen: An-Nisa

تفسير العثيمين: النساء

Yayıncı

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" (^١). وقوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ الجريان معروف، وهو سير الماء على الأرض، وقوله: ﴿مِنْ تَحْتِهَا﴾ أي: من تحت هذه الجنات، فهي أشجار وارفة الظل، والأنهار تجري من تحتها، ولو تخيل الإنسان هذا النعيم، لوجده أكبر نعيم، وهذه الأنهار قد فسرها الله ﷿ في سورة القتال بقوله: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى﴾ [محمد: ١٥]، فليس هو عسل نحل، إنما عسل مصفى، خلقه الله هكذا، ولبن ليس كلبن البقر أو الغنم، بل خلقه الله ﷿ أنهار، وكذلك الماء لا يأسن أبدًا مهما طالت مدته، بخلاف ماء الأرض فإنه يأسن وتتغير رائحته بطول المكث، والخمر لذة، ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (٤٧)﴾ [الصافات: ٤٧]. وقوله: ﴿مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ قال العلماء: إنها تجري من تحتها، ولا تحتاج إلى بناء يمنع تسرب الماء، ولا إلى حفر أخدود، بل تسير هكذا حيثما أردت، قال ابن القيم في النونية: أنهارها في غير أخدود جرت ... سبحان ممسكها عن الفيضان فهي أنهار لا تحتاج إلى حفر سواقي، ولا إلى إقامة أخدود، بل تجري هكذا على الأرض، وقال أهل العلم أيضًا: إنها تجري حيثما أراد الإنسان، من دون أن يحتاج إلى مواد البناء ونحوها، بل يريدها بقلبه أو يأمرها بلسانه .. اللهم اجعلنا من أهلها.

(^١) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، حديث رقم (٣٠٧٢)؛ ومسلم أول، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، حديث رقم (٢٨٢٤) عن أبي هريرة.

1 / 112