171

Bilimsel Düşünce ve Çağdaş Gerçekliğin Yenilikleri

التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر

Türler

ويصف «برنارد شو» بعد ذلك الإنسان الحديث، حيث أصبحت لديه فيزياء نيوتن بديلا للدين التقليدي. ويستطرد «برنارد شو» قائلا: «هنا كان إيماني، وهنا وجدت عقيدتي في العصمة من الخطأ. وأنا الذي ازدريت الكاثوليكي وهو يحلم هباء بالإرادة الحرة المسئولة، مثلها ازدريت البروتستانتي بتظاهره بالحكم المتميز.» ويصف «شو» بعد ذلك كيف تهشم هذا الدين البديل بواسطة الفيزياء الذرية ونظرية الكم في القرن العشرين. يستطرد «شو» قائلا «والآن - الآن - ماذا يبقى من ذلك؟ إن مدار الإلكترون لا يخضع لقانون، فهو يختار مسارا وينبذ مسارا آخر؛ فكل شيء يسير على هواه، والعالم الذي كنت تستطيع الاعتماد عليه فيما مضى لم يصبح موضعا للاعتماد عليه.»

58

ولكي نفهم على نحو أكثر تحديدا الفائدة من استخدام تماثلات الفطرة السليمة في التفسيرات الميتافيزيقية لمبدأ اللايقين في الفيزياء الذرية، يجب أن ندرس مثالا ورد في كتيب لبرنارد بافنك، وهذا المثال يعود إلى القوانين التي تحكم انتقال الإلكترون من أحد المدارات حول نواة الإيدروجين إلى مدار آخر. وتحدد لنا قوانين ميكانيكا الكم ما هي المدارات التي يمكن أن يتحرك فيها الإلكترون حول النواة، غير أنه إذا كان هناك إلكترون معين يدور حول نواة الذرة، فليس هناك قانون يحدد لنا تحديدا دقيقا، وفي كل لحظة، ما الذي سيفعله هذا الإلكترون في اللحظة التالية، هل سيقفز إلى مدار آخر أم لا يفعل؟ وتستطيع النظرية أن تحدد فقط متوسط عدد الإلكترونات التي تقفز في الثانية التالية، ولكنها لا تستطيع أن تحدد ما إذا كان إلكترون معين سوف يقفز أم لا. ويعطي بعض الباحثين تفسيرا لهذا الوضع قائلا: «يجب أن نتذكر أولا أن الفعل الأولي المفرد (القفزة) لا يمكن حسابه على هذا النحو، ولكنه يترك حرا؛ وأن نتذكر ثانيا أن الجوهر الحقيقي لهذه الحرية ربما كان حدثا فيزيائيا ... وبعبارة أخرى، إن الاختيار «الحر» للفعل الأولي، والذي لا تحدده الفيزياء، لا وجود له في الواقع إلا كجزء من «خط» أو «هيئة»؛ أو هو جزء من مجموعة متسلسلة من الهيئات والأشكال الأرقى يمتص دائما الشكل المختلف ليصنع منه تركيبا أعلى ... والجديد في الأمر هو أن الفيزياء تقترح اختبار هذه الفكرة.»

59

وتتضح الخاصية التماثلية لهذا التفسير في هذه الحالة؛ فبما أن قواعد ميكانيكا الأمواج لا يمكن صياغتها بلغة الفطرة السليمة، فإن المؤلف يقارن سلوك الإلكترون بسلوك الكائن الحي «الحر» في اختيار ما يفعله في اللحظة التالية. وقد استخدمت كلمة «حر» هنا في لهجة الفطرة السليمة الغامضة التي بمقتضاها نصف ما يفعله الكائن الحي بأنه فعل «حر» لأننا لا نعرف القواعد التي نستطيع أن نحدد بها ما سوف يفعله في اللحظة التالية. وبعد أن ترسخ وجود الحرية «الحرية» في العالم الفيزيائي فإن المرء يستخدم هذه «الحقيقة» لكي يصبح من المعقول أن تكون القرارات البشرية قرارات «حرة»؛ فمن المؤكد أن الإنسان لا يمكن أن يكون أقل تحررا من الشيء الفيزيائي غير الحي. وقد كان تبرير مذهب الإرادة الحرة بواسطة الفيزياء الذرية واحدا من الأسباب التي أعلن من أجلها مرارا أن الفيزياء قد صارت اليوم أكثر تآلفا مع الدين التقليدي عما كانت عليه لقرون مضت.

60

وبطبيعة الحال، يجب أن نذكر أن نصوصا مثل: «أدخلت التقدمات الأخيرة في الفيزياء عوامل عقلية في العلم.» أو «إن العلوم الحديثة تبرر مذهب «الإرادة الحرة».» هي نصوص لا تتحدث عن الفيزياء من «الوجهة العلمية». إنها في الواقع تتناول التفسيرات الميتافيزيائية للنظريات الفيزيائية الأخيرة، ولكي نحدد المعنى الدقيق لهذه النصوص يجب أن نقول: إن الفيزياء المعاصرة قد تعرضت لتفسير ميتافيزيائي، وطبقا لهذا التفسير يعتبر الإلكترون ناتجا عن قوى روحية، كما أنه في قفزة من مدار إلى مدار، إنما يمارس عملا من أعمال الإرادة الحرة؛ ومن ثم فإن علينا أن نتساءل عما إذا كانت الميكانيكا النيوتونية لا تستطيع أن يكون لها تفسير ميتافيزيائي يرخص بإدخال القوى الروحية والإرادة الحرة إلى الفيزياء. وبما أن كل هذه التفسيرات هي في الأساس عرض لتماثلات من الفطرة السليمة للنظريات الفيزيائية فيمكننا فقط أن نتساءل عما إذا كان من الأقرب إلى «الطبيعة» أو إلى «الفطرة السليمة» أن نفسر ميكانيكا الكم بواسطة القوى الروحية وألا نفعل ذلك بالميكانيكا النيوتونية.

61

والحقيقة، أن هؤلاء الذين دافعوا عن الحرية الإنسانية بمنطق العلم، سيان من العلماء أو الفلاسفة أو حتى من رجال الدين، لم يكن هدفهم هدم الحتمية في العلم أو التهليل للاحتمية، بل فقط تأكيد أن الظواهر لها قوانينها الخاصة المختلفة عن قوانين المادة الصماء. وإنه إذا كانت هناك حتمية فمحلها العالم الفيزيائي. ولا تسري على الباطن الإنساني. وإنه لجدير بنا عدم الخلط بين حقائق العلم المتغيرة وحقائق النفس الثابتة؛ فها هو فالتون شين (أحد رجال الدين الكاثوليك) يقول إن القديس توما الأكويني يؤكد أن التغير في العلم التجريبي لا يستتبع تغيرا في الميتافيزيقيا التي تحكم هذا العلم، ما دامت الفلسفة مستقلة عن العلم. ونحن لو نظرنا للنتائج التي انتهت إليها نظرية الكوانتم ومبدأ اللاتحديد، فلن نجد فيها ما يبرهن على عدم خضوع الحوادث الفيزيائية لمبدأ السببية؛ أي إن المدافعين عن الحرية الإنسانية استثمروا جهل العلماء بالظروف المحيطة بالإلكترون والتي تدفعه لتغيير مداره في تأكيد اللاحتمية.

62

Bilinmeyen sayfa