تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فإن أكثر الكملة والطلبة قد حصلت لهم النجاة عن المحن، ولم يقعوا بتلك المزخرفات في الفتن، وشكروا صنيعي، وأثنوا على طريقي.
فالحمد لخالق السماء والأرض على حصول هذا الغرض، والحسرة كل الحسرة على عدم تنبيه مؤلفها، وعدم تنقيحه وتهذيبه لها، وليته سكت إذ لم يتيقظ، وصمت ولم يتغلظ.
والحسرة كل الحسرة، والتأسف على التأسف، على التبختر(1) والتعنف(2)، حيث قام بإشارته وارتضائه بعض أحزابه وأتباعه للانتصار، ونام(3) عما يترتب عليه من الأوزار، فألف كتابا سماه ((شفاء العي عما أورده الشيخ عبد الحي))، وأتى فيه بكلمات تنتفر عنها القرائح السليمة، وتفر عنها الطبائع السليمة، وملأه بهزليات الأجوبة، وجدليات الأسئلة ظنا منه أن مثل هذا يكفي في الجواب وإظهار الصواب.
ومبنى جميع مباحثه على أن صاحب ((الإتحاف)) (4)وغيره ناقل من غيره، سائر بسيره، والناقل لا يرد عليه شيء من الإيرادات، وتحصل له بمجرد تصحيح النقل النجاة، ولا يخفي على أولي الألباب أن أمثال هذا الجواب مما يضحك عليه كل صبي وشاب، وإن هو إلا كنعيق الغراب، أو نباح الكلاب.
Sayfa 13