تعظيم الفتيا
تأليف
الشيخ الإمام جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن علي
الشهير بابن الجوزي
(٥١٠ - ٥٩٧ هـ)
قرأه وعلق عليه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
الدار الأثرية
الطبعة الثانية
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
Bilinmeyen sayfa
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي فضلنا على الأمم بغزارة العلوم، ورزقنا ما لم يرزقهم من قوة الفهوم، وصلى الله على نبينا محمدٍ البالغ من الشرف أقصى المبروم، وعلى أصحابه وأتباعه صلاة تدوم، أما بعد:
فان الله ﷿ من علينا بالقرآن وحفظه من تبديل وتحريف، وبالسنة التي أنشأ لها علماء يحرسونها عن تجزيف، وباستخراج الفقه منهما وهو العلم الشريف، غير أنه لا يحصل إلا لمن حفظ القرآن والسنة ورزق الفهم اللطيف، وقد كان علماء السلف لا ينصبون أنفسهم للفتوى إلا بعد استكمال شروطها، فكانوا يحفظون القرآن، ويعرفون ناسخه من منسوخه، ومحكمه من متشابهه، وخاصه من عامه، ويوغلون في علومه ويحفظون اللغة العربية والأحاديث المروية، وينظرون في عدالة نقلتها؛ فيميزون صحيحها من سقيمها، وناسخها من منسوخها، ويوغلون في علومٍ لا تلزم لخوف أن تتعلق بما يلزم.
١- أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق، أنا محمد بن مرزوق الزعفراني، ⦗٥٢⦘ أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابتٍ الخطيب، أنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي وعلي بن أبي علي البصري قالا: أنا علي بن عبد العزيز البرذعي، نا عبد الرحمن بن أبي حاتمٍ، نا أبي، قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى قال: قال محمد بن إدريس الشافعي ﵀: «الأصل: القرآن والسنة، فان لم يكن، فقياسٌ عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله ﷺ، وصح الإسناد منه: فهو سنة، والإجماع ⦗٦٠⦘ أكبر من الخبر المنفرد، [والحديث على ظاهره، وإذا احتمل المعاني: فما أشبه منها ظاهر الأحاديث أولاها به]، وإذا تكافأت الأحاديث، فأصحها ⦗٦١⦘ -إسنادًا- أولاها، وليس المنقطع بشيءٍ ما عدا منقطع ابن المسيب.
١- أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق، أنا محمد بن مرزوق الزعفراني، ⦗٥٢⦘ أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابتٍ الخطيب، أنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي وعلي بن أبي علي البصري قالا: أنا علي بن عبد العزيز البرذعي، نا عبد الرحمن بن أبي حاتمٍ، نا أبي، قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى قال: قال محمد بن إدريس الشافعي ﵀: «الأصل: القرآن والسنة، فان لم يكن، فقياسٌ عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله ﷺ، وصح الإسناد منه: فهو سنة، والإجماع ⦗٦٠⦘ أكبر من الخبر المنفرد، [والحديث على ظاهره، وإذا احتمل المعاني: فما أشبه منها ظاهر الأحاديث أولاها به]، وإذا تكافأت الأحاديث، فأصحها ⦗٦١⦘ -إسنادًا- أولاها، وليس المنقطع بشيءٍ ما عدا منقطع ابن المسيب.
1 / 51
٢- أخبرنا عبد الحق، نا ابن مرزوق، أنا أحمد بن علي، أنا إبراهيم بن عمر البرمكي، (ح) وأنبأنا محمد بن عبد الباقي، عن البرمكي، أنا محمد بن عبد الله بن خلف، نا عمر بن محمد الجوهري، نا أبو بكرٍ ⦗٦٨⦘ الأثرم، قال: رأيت أبا عبد الله أحمد بن حنبل ﵁ إذا كان في المسألة عن النبي ﷺ حديث لم يأخذ فيها بقول أحدٍٍ من الصحابة [ولا من بعده خلافه]، وإذا كان في المسألة عن أصحاب رسول الله ﷺ قول مختلف تخير من أقاويلهم ولم يخرج عن أقاويلهم إلى [قول] من بعدهم، وإذا لم يكن [فيها عن النبي ﷺ ولا عن أصحابه قول] تخير من أقاويل التابعين، وربما كان الحديث عن النبي ﷺ وفي إسناده شيء فيأخذ به إذا لم يجئ خلافه أثبت منه، مثل حديث عمرو بن شعيب و[مثل حديث] إبراهيم الهجري، وربما أخذ بـ[الحديث] المرسل ما لم يجئ خلافه.
1 / 67
٣- أخبرنا عبد الحق، أنا ابن مرزوق، نا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ﵀، قال: أصول الأحكام في الشرع أربعة: الأول: العلم بكتاب الله ﷿ وما تضمنه من الأحكام محكمًا ومتشابهًا، وعمومًا وخصوصًا، ومجملًا ومفسرًا، وناسخًا ومنسوخًا.
والثاني: العلم بسنة رسول الله ﷺ الثابتة من أقواله وأفعاله، وطرقها في التواتر والآحاد، والصحة والفساد، وما كان منها على سببٍ وإطلاقٍ.
والثالث: العلم بأقاويل السلف فيما أجمعوا عليه واختلفوا فيه، ليتبع الإجماع ويجتهد في الرأي مع الاختلاف.
والرابع: العلم بالقياس الموجب لرد الفروع المسكوت عنها إلى الأصول المنطوق بها والمجمع عليها، حتى يجد المفتي طريقًا إلى العلم بأحكام النوازل وتمييز الحق من الباطل، فهذا ما لا مندوحة للمفتي عنه ولا يجوز له الإخلال بشيء منه.
1 / 68
٤- قال: وقد أخبرنا محمد بن عبد الوهاب الكاتب، أنا علي بن عمر بن محمد الحضرمي، نا حاتم بن الحسن الشاشي، نا علي بن خشرمٍ، أنا عيسى بن يونس، عن ابن عونٍ، عن ابن سيرين، قال حذيفة: لا يفتي الناس إلا ثلاثة: رجل قد عرف ناسخ القرآن ومنسوخه، أو أمير لا يجد بدًا، أو أحمق متكلفٌ.
1 / 69
٥- قال: وأخبرنا أبو الموفق محمد بن محمد النيسابوري، نا أحمد بن محمد بن الأزهر، أنا أحمد بن مروان المالكي، نا عبد الله بن مسلمة القعنبي، نا سهيل قال: قال الشافعي ﵀: لا يحل لأحدٍ يفتي في دين الله ﷿ إلا رجلًا عارفًا بكتاب الله، بناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، وفيما أنزل، ثم يكون بعد ذلك بصيرًا بحديث رسول الله ﷺ، وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث ما عرف من القرآن، ويكون بصيرًا باللغة [بصيرًا بالشعر] وما يحتاج إليه [للعلم والقرآن، ويستعمل مع هذه الإنصاف، وقلة الكلام] ويكون بعد هذا مشرفًا على اختلاف أهل الأمصار، ويكون له قريحة بعد هذا وإذا كان [هذا] هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإذا لم يكن هكذا فـ[له أن يتكلم في العلم و] لا يفتي.
٦- أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، عن إبراهيم بن عمر البرمكي ⦗٧١⦘ عن عبد العزيز بن جعفر، حدثنا أبو بكر الخلال، قال: أخبرني محمد بن علي، نا صالح بن أحمد بن حنبل، [عن أبيه أنه] قال: ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالمًا بالسنن عالمًا بوجوه القرآن عالمًا بالأسانيد الصحيحة، وإنما جاء خلاف من خالف لقلة معرفته بما جاء عن النبي ﷺ في السنن، وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها.
٦- أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، عن إبراهيم بن عمر البرمكي ⦗٧١⦘ عن عبد العزيز بن جعفر، حدثنا أبو بكر الخلال، قال: أخبرني محمد بن علي، نا صالح بن أحمد بن حنبل، [عن أبيه أنه] قال: ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالمًا بالسنن عالمًا بوجوه القرآن عالمًا بالأسانيد الصحيحة، وإنما جاء خلاف من خالف لقلة معرفته بما جاء عن النبي ﷺ في السنن، وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها.
1 / 70
٧- أخبرنا محمد بن ناصر، نا المبارك بن عبد الجبار، نا عبد العزيز بن علي الأزجي، قال: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد المفيد يقول: نا الحسن بن إسماعيل الربعي، قال: قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل ﵀ وأنا أسمع: يا أبا عبد الله كم يكفي الرجل من الحديث حتى يمكنه أن يفتي؟ يكفيه مئة ألف؟ قال لا. قيل: مئتا ألف؟ قال: لا. قيل: ثلاث مئة ألف؟ قال: لا، قيل: أربع مئة ألف؟ قال: لا. قيل: خمس مئة ألف؟ قال: أرجو.
1 / 71
فصل
وقد كان علماء السلف ﵃ مع أنهم قد جمعوا العلوم المشروطة في الفتيا، يمتنعون تورعًا
٨- أخبرنا ابن عبد الخالق، أنا ابن مرزوقٍ، أنا أحمد بن علي الخطيب، أنا الحسن بن أبي بكر، أنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، نا عبد الله بن أحمد بن حنبلٍ، نا أبو معمرٍ، نا حكام الرازي، نا جراح الكندي، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: لقد رأيت ثلاث مئة من أهل بدرٍ ما منهم من أحدٍ إلا وهو يحب أن يكفيه صاحبه الفتوى.
٩- أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، أنا أبو محمد الصريفيني، أنا ⦗٧٣⦘ عمر بن إبراهيم الكتاني، نا البغوي، نا زهير بن حرب، نا جرير، عن عطاء ابن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: أدركت عشرين ومئةً من أصحاب رسول الله ﷺ من الأنصار، ما منهم رجل يسأل عن شيء إلا ود أن أخاه كفاه.
٩- أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، أنا أبو محمد الصريفيني، أنا ⦗٧٣⦘ عمر بن إبراهيم الكتاني، نا البغوي، نا زهير بن حرب، نا جرير، عن عطاء ابن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: أدركت عشرين ومئةً من أصحاب رسول الله ﷺ من الأنصار، ما منهم رجل يسأل عن شيء إلا ود أن أخاه كفاه.
1 / 72
١٠- أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق اليوسفي، أنا محمد بن مرزوق، أنا أحمد بن علي بن ثابتٍ، نا ابن الفضل، نا ابن درستويه، نا يعقوب بن سفيان، نا الحميدي، حدثنا سفيان، نا عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: أدركت مئة وعشرين من الأنصار من ⦗٧٤⦘ أصحاب رسول الله ﷺ يسأل أحدهم عن المسألة، فيرد هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى ترجع إلى الأول.
1 / 73
١١- أخبرنا ابن ناصرٍ، أنا أبو سهل محمد بن إبراهيم، أنا أبو الفضل القرشي، نا أبو بكر بن مردويه، نا محمد بن أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن النضر، نا عامر بن سيار، نا أبو الصباح عن عبد العزيز، عن أبيه -وكانت له صحبة- قال: قال لي أبي: يا بني: رأيت رسول الله ﷺ وأصحابه محزونين كأنهم قوم أغمار لا يحسنون شيئًا، فإذا سئلوا عن شيء أحال بعضهم على بعضٍ، فإياك -يا بني- أن تقول بغير علمٍ فتخرج من الدين.
١٢- أخبرنا عبد الحق، أنا ابن مرزوق، أنا أبو بكرٍ الخطيب، أنا علي بن أحمد المقرئ، نا محمد بن الحسين الآجري، نا أبو العباس أحمد بن سهلٍ الأشناني، نا الحسين بن الأسود العجلي، نا يحيى بن آدم، نا حماد بن شعيب، عن حجاج، عن عمير بن سعد، قال: سألت علقمة عن مسئلة، فقال: ائت ⦗٧٥⦘ عبيدة فسله، فأتيت عبيدة فقال: ائت علقمة، فقلت: علقمة أرسلني إليك. فقال: ائت مسروقًا فسله، فأتيت مسروقًا، فقال: ائت علقمة [فسله]، فقلت: علقمة أرسلني إلى عبيدة، وعبيدة أرسلني إليك، قال: فأت عبد الرحمن بن أبي ليلى، فأتيته، فسألته، فكرهه، ثم رجعت إلى علقمة فأخبرته، فقال: كان يقال: أجرأ القوم على الفتوى أدناهم علمًا.
١٢- أخبرنا عبد الحق، أنا ابن مرزوق، أنا أبو بكرٍ الخطيب، أنا علي بن أحمد المقرئ، نا محمد بن الحسين الآجري، نا أبو العباس أحمد بن سهلٍ الأشناني، نا الحسين بن الأسود العجلي، نا يحيى بن آدم، نا حماد بن شعيب، عن حجاج، عن عمير بن سعد، قال: سألت علقمة عن مسئلة، فقال: ائت ⦗٧٥⦘ عبيدة فسله، فأتيت عبيدة فقال: ائت علقمة، فقلت: علقمة أرسلني إليك. فقال: ائت مسروقًا فسله، فأتيت مسروقًا، فقال: ائت علقمة [فسله]، فقلت: علقمة أرسلني إلى عبيدة، وعبيدة أرسلني إليك، قال: فأت عبد الرحمن بن أبي ليلى، فأتيته، فسألته، فكرهه، ثم رجعت إلى علقمة فأخبرته، فقال: كان يقال: أجرأ القوم على الفتوى أدناهم علمًا.
1 / 74
١٣- وقال الآجري: أنا جعفر بن محمد الصندلي، نا محمد بن المثنى، قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: سمعت المعافى بن عمران ⦗٧٦⦘ يذكر عن سفيان، قال: أدركت الفقهاء وهم يكرهون أن يجيبوا في المسائل والفتيا [ولا يفتون] حتى لا يجدوا بدًّا من أن يفتوا، وقال المعافى: قال سفيان: أدركت [الناس ممن أدركت من] العلماء والفقهاء [وهم] يترادون المسائل يكرهون أن يجيبوا فيها، فإذا أعفوا [منها] كان [ذلك] أحب إليهم.
1 / 75
١٤- أخبرنا عبد الحق، أنا ابن مرزوق، نا أبو بكر الخطيب، أخبرنا ⦗٧٧⦘ البرقاني، قال: قرئ على عبد الله بن محمد بن زيادٍ -وأنا أسمع-: حدثكم محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت الشافعي ﵀ يقول: ما رأيت أحدًا جمع الله فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة أسكت عن الفتيا منه.
1 / 76
١٥- قال الخطيب: وحدثنا أبو نعيم الحافظ، أنا إبراهيم بن محمد بن يحيى، أنا أبو العباس السراج، قال: سمعت أبا عبد الله المروزي، قال: سمعت إسحاق ابن راهويه يقول: قال ابن عيينة: أعلم الناس بالفتوى أسكتهم فيها، وأجهل الناس بالفتوى أنطقهم فيها.
١٦- أخبرنا عبد الحق، أنا ابن مرزوق، أنا أحمد بن علي بن ثابتٍ، نا ابن الفضل، أنا ابن درستويه، نا يعقوب بن سفيان، نا الحميدي، نا سفيان، عن عطاء بن السائب، قال: أدركت أقوامًا إن كان أحدهم ليسأل عن الشيء فيتكلم وإنه ليرعد.
١٧- قال يعقوب: ونا الفضل بن زياد نا أحمد نا محمد بن عبد الله الأنصاري، نا الأشعث عن محمد أنه كان إذا سئل عن شيء من الفقه الحلال والحرام تغير لونه وتبدل، حتى كأن ليس بالذي كان.
١٦- أخبرنا عبد الحق، أنا ابن مرزوق، أنا أحمد بن علي بن ثابتٍ، نا ابن الفضل، أنا ابن درستويه، نا يعقوب بن سفيان، نا الحميدي، نا سفيان، عن عطاء بن السائب، قال: أدركت أقوامًا إن كان أحدهم ليسأل عن الشيء فيتكلم وإنه ليرعد.
١٧- قال يعقوب: ونا الفضل بن زياد نا أحمد نا محمد بن عبد الله الأنصاري، نا الأشعث عن محمد أنه كان إذا سئل عن شيء من الفقه الحلال والحرام تغير لونه وتبدل، حتى كأن ليس بالذي كان.
1 / 77
١٨- أخبرنا ابن عبد الخالق قال: أنا الزعفراني، أنا أبو بكر أحمد بن علي، أنا أبو حازم العبدوي، أنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم نا إبراهيم بن علي الذهلي، نا أبو الصلت، قال: حدثني شيخ -بقرب المدينة- قال: والله إن كان مالك ﵁ إذا سئل عن مسألةٍ كأنه واقفٌ بين الجنة والنار.
١٩- أخبرنا أبو الحسين اليوسفي، أنا أبو الحسن الزعفراني، نا أحمد بن علي، أنا إبراهيم بن عمر البرمكي، (ح) وأنبأنا محمد بن عبد الباقي عن البرمكي، نا محمد بن عبد الله بن خلف، نا عمر بن محمدٍ الجوهري، نا أبو بكر الأثرم، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: من عرض نفسه للفتيا فقد عرضها لأمر عظيم إلا أنه قد تجيء الضرورة، قال الحسن: إن تركناهم وكلناهم إلى عي شديد، فإنما تكلم القوم على هذا [كان قوم يرون أنهم أكثر من غيرهم فتكلموا] قيل لأبي عبد الله: فأيما أفضل، الكلام أو الإمساك؟ قال: الإمساك أحب إلي، لا شك، [الإمساك أسلم] قيل له: فإذا كانت الضرورة؟ فجعل يقول: الضرورة الضرورة.
١٩- أخبرنا أبو الحسين اليوسفي، أنا أبو الحسن الزعفراني، نا أحمد بن علي، أنا إبراهيم بن عمر البرمكي، (ح) وأنبأنا محمد بن عبد الباقي عن البرمكي، نا محمد بن عبد الله بن خلف، نا عمر بن محمدٍ الجوهري، نا أبو بكر الأثرم، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: من عرض نفسه للفتيا فقد عرضها لأمر عظيم إلا أنه قد تجيء الضرورة، قال الحسن: إن تركناهم وكلناهم إلى عي شديد، فإنما تكلم القوم على هذا [كان قوم يرون أنهم أكثر من غيرهم فتكلموا] قيل لأبي عبد الله: فأيما أفضل، الكلام أو الإمساك؟ قال: الإمساك أحب إلي، لا شك، [الإمساك أسلم] قيل له: فإذا كانت الضرورة؟ فجعل يقول: الضرورة الضرورة.
1 / 78
فصل
وكان علماء السلف ﵃ لشدة ورعهم إذا سئلوا عن الشيء يقولون: أوقع هذا؟ فإن لم يكن وقع، قالوا: دعونا حتى يقع.
٢٠- وأخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ، أخبرنا أبو محمد ⦗٨٠⦘ الصريفيني، أخبرنا عمر بن إبراهيم الكتاني، نا البغوي، نا زهير بن حربٍ، نا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عبد الملك بن أبجر، عن الشعبي، عن مسروقٍ، قال: سألت أبي بن كعبٍ عن شيء، فقال: إن كان بعد؟ قلت: لا، قال: فأجمنا حتى يكون، فإذا كان اجتهدنا لك رأينا.
1 / 79
٢١- أخبرنا أبو الحسين بن عبد الخالق، أنا أبو الحسن الزعفراني، ⦗٨١⦘ أنا أحمد بن علي الحافظ، أنا أبو عمر بن مهدي، أنا ابن مخلد، نا طاهر بن خالد بن نزارٍ، قال: حدثني أبي: أنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، قال: كان زيد بن ثابتٍ إذا سئل عن الشيء، يقول: كان هذا؟ فإن قالوا: لا، قال: دعوه حتى يكون.
1 / 80
فصل
وكانوا ﵃ يكثرون من قول: لا أدري، كيف وقد قاله رسول الله ﷺ.
٢٢- أخبرنا أبو الحسين اليوسفي، أنا أبو الحسين الزعفراني، أنا ⦗٨٣⦘ أحمد بن علي بن ثابتٍ، أنا علي بن أحمد بن إبراهيم البصري، نا الحسن بن محمد بن عثمان، ثنا يعقوب بن سفيان، نا موسى بن مسعودٍ، حدثنا زهير، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن جبيرٍِ، عن أبيه، أن رجلًا أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! أي البلدان شر؟ قال: لا أدري. فلما أتاه جبريل، قال: أي البلدان شرٌ؟ قال: لا أدري. فانطلق جبريل، ثم جاء فقال: إني سألت ربي -تعالى- فقلت: أي البلدان شر؟ فقال: أسواقها.
1 / 82
٢٣- أخبرنا محمد بن ناصر، أنا أبو سهل محمد بن إبراهيم، أنا ⦗٨٤⦘ أبو الفضل القرشي، أنا أبو بكر بن مردويه، نا محمد بن أحمد بن الحسن، نا بشر بن موسى، نا يحيى بن إسحاق، حدثنا شريك عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، قال: قال علي بن أبي طالب ﵇: وابردها على الكبد! إذا سئل أحدكم عن ما لا يعلم، أن يقول: لا أعلم.
1 / 83
٢٤- قال ابن مردويه: وحدثنا دعلج، نا محمد بن علي بن زيد، أنا ⦗٨٥⦘ أحمد بن شبيبٍ، نا أبي، عن يونس، عن ابن شهاب، عن خالد بن أسلم، قال: خرجنا مع ابن عمر فلحقنا أعرابي فقال: أنت ابن عمر؟ قال: نعم. قال: أترث العمة؟ فقال: لا أدري، اذهب إلى العلماء بالمدينة فسلهم، فلما أدبر قبل ابن عمر يديه ثم قال: نِعم ما قال أبو عبد الرحمن، سئل عما لا يدري فقال: لا أدري.
1 / 84
٢٥- قال ابن مردويه: وحدثنا محمد بن إبراهيم بن محمد، نا أبي، نا ⦗٨٦⦘ أحمد بن سعيدٍ حدثنا ابن وهب، حدثنا حفص بن عمر، عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، قال: صحبت ابن عمر أربعةً وثلاثين شهرًا، وكان كثيرًا ما يسئل، فيقول: لا أدري، ثم يلتفت إلي فيقول: هل تدري ما يريد هؤلاء؟ يريدون أن يجعلوا ظهورنا جسرًا إلى جهنم.
1 / 85