فهؤلاء جملة من بكاتب من ملوك الإسلام شرقا وغربا وبعدا وقربا.
فأما رسم المكاتبة إلى ملوك الكفار، ممن بعد أو قرب بالجوار فأبعدهم صيتا وأجلهم قدرا، وأنبههم ذكرا، وأكثرهم سمعة في حديث وقديم:
ملك الروم صاحب القسطنطينية
وقد كان قبل غلبة الفرنج ملكا جليلا، ترجع إليه من عبد الصليب سائر الملوك، ويفتقر إليه منهم الغني والصعلوك؛ وكتب التواريخ مشحونة بأخباره، وذكر وقائعه وآثاره؛ وأول من ألبس هامه الذلة، وأصار جمعه إلى القلة، هارون الرشيد حين أغزاه أبوه المهدي إياه، فأزال الشمم من أنفه، وثنى جامح عطفه. فأما غزوات مسلم ابن عبد الملك ويزيد بن معاوية فإنها لم تبلغ فيه حد الكناية، ولا أعظمت له الشكاية. وهذا الملك الآن كان السلطان (أزبك) قد كاد يبتز تاجه، ويعقم نتاجه، ويخل من جانب البحر المغلق رتاجه، فاحتاج إلى مداراته وبذل له نفائس المال، وصحب أيامه على مضض الاحتمال؛ وكانت له عليه قطيعة مقرره، وجملة مال مقدره. فأما الآن بعده فقد عميت علينا منهم الأخبار، وتولى بالدنيا الإدبار:
ورسم المكاتبة إليه: (ضاعف الله بهجة الحضرة العالية المكرمة، حضرة الملك الجليل، الخطير، الهمام، الأسد، الغضنفر، الباسل، الضرغام، المعرق، الأصيل، الممجد، الأثير، الأثيل، البلالاوس، الريدراغون، ضابط الممالك
1 / 76