بنسيمه وإن كان لا يستروح إلا بما يهب من الغرب، مقدمة شكرا لما يبهر من عزماته التي أعزت الدين، وغزت الملحدين، وحلقت على من جاورها من الكفار تحليق صقور الرجال على مسفة الغربان، وتقيم عند الشجاع عذر الجبان، وتبين آثارها في أعناق الأعداء وللسيوف آثار بيان؛ وإن كان فعله أكثر مما طارت به الأخبار، وطافت به مخلقات البشائر في الأقطار، وسار به الحجيج تعرف آثاره عرفات، وصارت تستعلم أخباره وتندب قبل زمانه ما فات.
صاحب أفريقية
وهو ملك تونس لا يدعي إلا الخلافة، ويتلقب بألقاب الخلفاء، ويخاطب بأمير المؤمنين في بلاده، ويدعي النسب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁. ومن أهل النسب من ينكر ذلك: فمنهم من يجعله من بني عدي بن كعب، رهط عمر وليس من بني عمر؛ ومنهم من يقول: بل من هنتانة، ليسوا من قبائل العرب في شيء، وهم الحفصيون نسبى إلى أبي حفص - أحد العشرة أصحاب ابن تومرت - وهم بقايا الموحدين؛ إذ كان من تقرير ابن تومرت أن الموحدين هم أصحابه، ولم يبق ملك الموحدين إلا في بني حفص هذا، وملكهم غربا من جزائر مزغنا إلى عقبة برقة الفارقة بين أطرابلس وبين برقة، وهي نهاية الحد الشرقي، ومن الشام البحر الرومي، ومن الجنوب آخر بلاد الجريد والأرض السواخة، إلى ما يقال إن فيه
1 / 41