176

ليس له صفات ذاتية ، حتى تكون الصفات موجودة فيه ، إلا على الوجه الذي ذكرنا ، وهو أن تكون تلك الصفات من لوازم ذاته ، ولا صفات عرضية ، كالبياض. وأما الصفات الإضافية ، فلا بد من أن تكون موجودة له ، إذ الوجودات كلها عنه ، وهو معها ، أو متقدم عليها ، على اعتبارين مختلفين ، فإن المعية هى نفس الإضافة ، والتقدم نفس العلية ، وهذه الوجودات إضافات. وأيضا له صفات عدمية ، أعنى لا صفتية ، مثل الوحدة ، فإن معناها أنه موجود لا شريك له ، أو لا جزء له. وإذا قيل : «أزلى» ، أى أنه لا أول لوجوده ، فإنا نسلب عنه الحدوث أو وجودا متعلقا بالزمان ، فهذه السلوب والإضافات لا تتكثر بها الذات ، فإن الإضافة معنى عقلى لا وجود له فى ذات الشىء. ولكن لما كان لمثل هذه السلوب ألفاظ محصلة ، مثل الوحدة والأزلية ، ظنت أنها صفات محصلة. وقد تكون ألفاظ محصلة ومعانيها غير محصلة ، ووجودية ، بل سلبية. وقد تكون ألفاظ محصلة ومعانيها محصلة وجودية. فالأول كالوحدة والزوج والفرد. والثاني كاللاأعمى ، أى البصير. أو مثال آخر ، وهذا كما يقال الغنى والفقير ، فإن الغنى ليس إلا إضافة ذى المال إلى ماله ، لا صفة موجودة فى ذات ذى المال. والفقر معنى عدمى ، ومعناه أنه ليس بذى المال. وليس لهاتين الصفتين وجود فى ذات صاحبيهما. فصفات واجب الوجود بذاته إما أن تكون لوازم له ، فلا يتكثر بها على ما ذكر ، وإما أن تكون عارضة له من خارج ، وذلك إما معنى إضافى ، وإما معنى عدمى ، فلا يتكثر بها.

لا يصح أن يكون واجب الوجود بذاته له سبب ، فإنه إن كان لا سبب لوجوده ، فليس لوجوده سبب ، فإذن لا تعلق له بسبب. وإن لم يكن له وجود إلا بسبب ، فليس هو واجب الوجود بذاته. ولا يصح أن يكون مستفيد الوجود من شىء آخر ، وذلك الشىء يستفيد وجوده من هذا الأول ، فإنه يكون كل واحد منهما أقدم من الآخر ، وأشد تأخرا من الآخر ، فلا يصح وجود أحدهما إلا بوجود الآخر الذي لا يوجد إلا بالأول ، فلا يكون له وجود أصلا. ولا يصح أن يكونا متكافئى الوجود ، مثل وجود الأخوة ، فإنه لا يخلو إما أن يكون كل واحد منهما يجب وجوده بالآخر ، أو يجب وجوده بذاته. فإن كان يجب وجوده بذاته ، كان لا تأثير للآخر فى وجوده ، فلا يكون لأحدهما تعلق بالآخر فى الوجود. وإن كان كل واحد منهما ليس واجبا بذاته ، فيكون بذاته ممكن الوجود ، فلا يكون وجوده أولى من لا وجوده. وكل ممكن الوجود فإنه يجب وجوده بسبب متقدم بالذات.

Sayfa 188