علة. وعليتها للوجود هى العلة بالحقيقة ، أو هى كونها علة بالحقيقة. ومثال هذا أن يكون واحد من الناس لا يريد شيئا أولا من جملة الأشياء التي تكون بإرادته ، ولا يكون ذلك الشىء. فإذا أراد ، كان. فحق أن يقال عند كونه إن ذلك الشىء وجد عن علته ، فأما أن يقال إن ذلك المراد حصل ، بعد أن لم يكن حاصلا ، فلا أثر للعلة فى وجوده بعد أن لم يكن ، فلا تأثير لإرادته فى سبق العدم لذلك المراد. وعلى عبارة أخرى ، إذا وجد شىء عن إرادة حاصلة ، فحق أن يقال إن ذلك الشىء موجود ، فعلته علة ذلك الشىء المراد من جهة حصول إرادته وحصول مراده. فأما حصول الإرادة والمراد بعد أن لم يكونا ، فلا تأثير للعلة فيه ، فإن مثل هذا الحصول واجب على ما ذكرنا ، فإن حصول الوجود هو متعلق بحصول العلة ، وكون العلة علة وجود الشىء من علته ، وكون العلة علة غير معنى العلية من حيث هى علية. فكون العلة علة هو أن تصير علة ، والعلية غير ذلك ، وهو أنه علة. كما أن كون الوجود هو غير نفس الوجود ، فكون العلة علة هو مقابل لكون المعلول موجودا ، لا لمصير المعلول موجودا. فوجود العلة مقابل لوجود المعلول ، وصيرورة العلة علة مقابلة لصيرورة المعلول موجودا. ثم إرادة الفاعل ما يصير به الشىء موجودا ، لا ما يتعلق به وجود الشىء ، كأن الفاعل هو ما يصير فاعلا ، فتكون العلة هى ما تصير علة ، لا ما هو علة. فإن معنى قولهم : العلة ما يصير به الشىء موجودا ، هو ما يصير علة بعد أن لم يكن علة ، لا ما يتعلق به وجود المعلول. فوجود المعلول متعلق بعلية العلة مطلقا. وأما صيرورة وجود المعلول فمتعلق بصيرورة العلة علة. ثم إن أريد بالفاعل ما يصير به الشىء موجودا بالفعل ، فإفادة الوجود غير العلية ، بل هو صيرورة العلة علة. فإن أردت بكل واحد من قولنا العلية ، ومن قولنا صيرورة العلة علة ، غير ما أريد بالآخر ، وهو الحق كانت العلية لا نسبة لها إلى ما صار موجودا بعد أن لم يكن موجودا ، بل العلية مقابلة لوجود الشىء. وكل موجود متعلق الوجود بالغير ، ذلك الغير مباين له ، فذلك الغير هو فاعل ذلك الوجود ، سواء كان صدور ذلك الموجود عنه دائما أو وقتا ما.
الغاية أيضا علة مباينة للمعلول ، لكن الغاية والفاعل فى واجب الوجود هما واحد ، فهو الفاعل والغاية.
الوجود المستفاد من الغير : كونه متعلقا بالغير ، هو مقوم له ، كما أن الاستغناء عن الغير مقوم لواجب الوجود بذاته. والمقوم للشىء لا يجوز أن يفارقه ، إذ هو ذاتى له.
Sayfa 178