وعقله لها ، ويعقل لوازم تلك الموجودات من لوازمها مثل الزمان والحركة. وأما الفاسدات فإنه يعقلها فاسدة من جهة أسبابها وعللها كما تعقل أنت فاسدا إذا عقلته من جهة أسبابه ، مثال ذلك أنك إذا عقلت أنه كلما تعفنت مادة فى عرق تبعها حمى وتعلم مع ذلك من الأسباب والعلل وأن شخصا ما يوجد تحدث فيه هذه فتحكم أن ذلك الشخص يحم فهذا الحكم لا يفسد ، وإن فسد الموضوع وشيء آخر وهو أن المعقولات التابعة للمحسوسات مما لم تدرك بعلة فإن كل ما تحسه تعقله من وجه. وإن لم يكن معقولا من جهة العلل والأسباب فإنه زمانى متغير وبالحقيقة المدرك الزمانى يكون بالحس والتخيل ، إذ نحن ليس يمكننا أن نصادف شيئا جزئيا إلا فى زمان. والأول حكمه بخلاف حكمنا ، فإن الزمان هو معقول له من كل وجه ، وهو محسوس لنا من وجه ، ومعقول من وجه. والمشخصات أيضا معقولة من وجه ما ، فإن وضعا ما أوجبه سبب من الأسباب يمكن أن يعقل ذلك السبب كليا والوضع كليا. والأول لما عقل هذه الأشياء على تراتيب وجودها أدركها كلها على تراتيبها. والشخص وإن كان فى الوجود شخصيا فإن ذلك الشخص عقلى عنده من حيث أدركه من أسبابه. وعندنا أيضا لو أنا أدركنا علل شخص ما ، كنا نحكم بأنه كلما وجدت تلك العلة وجد شخص تلك العلل علل شخصيته ، لكنا لا نعلم أى سبب يتأدى إلى وجود هذه الأسباب فإن الأسباب السابقة غير متناهية ، وعند الأول تلك الأسباب على نظامها وتراتيبها معقولة له فلا يعزب عن علمه شيء من الموجودات.
نحن إذا أدركنا شخصا ما ، حكم العقل بأنه لا تقع الشركة فيه ، ولا يحمل على كثيرين ، فندرك من هذا أنه شخص. فلو عرفنا هذا من حيث هذا الشخص لكان وجب أن نعرف شخصيته من علله وأسبابه ولوازمه حتى يتأدى إلى ذات البارى. وليس هذا فى قدرة البشر ، وكان علمنا بشخصيته يصح اذ ذاك لا حين استفدنا شخصيته ووجوده من الحس.
لا يصح أن تكون صورة واحدة معقولة مرارا كثيرة ، كما نعقل نحن صورة النفس من أشخاص الناس فإنا نعقلها مرة واحدة ، ولكن تارة مع لوازم هذا الشخص وتارة مع لوازم ذلك الشخص ، أو كالصورة الجسمية التي تشترك فيها أشياء جسمية كثيرة ويكون كل واحد من تلك الأشياء له لوازم غير لوازم الآخر.
لو كانت الصور والهيئات محصورة مجموعة حاضرة لنا ، وكنا نعرف النسب بينها من غير تكلف اعتبار تلك النسب ، وإن كانت تلك النسب فى ذواتها غير متناهية لكنا
Sayfa 123