بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير القرطبي
تفسير الثلاث الآيات الأول من سورة النور
الشيخ / عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:
سورة النور
مدنية بالإجماع، وقوله تعالى: {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون} [(1) سورة النور] مقصود هذه السورة ذكر أحكام العفاف والستر، وكتب عمر -رضي الله عنه- إلى أهل الكوفة: "علموا نساءكم سورة النور".
لأنها مشتملة على أحكام كثيرة مما يهم النساء، لا سيما في مسائل العفاف والستر والحجاب والاحتياط والقرار في البيوت.
وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "لا تنزلوا النساء الغرف، ولا تعلمونهن الكتابة، وعلموهن سورة النور والغزل" {وفرضناها} قرئ بتخفيف الراء ..
وعلى كل حال هذه الأخبار، ويروى مرفوع: ((لا تعلموا نساءكم الكتابة)) لكنه ضعيف جدا، فالمرأة فيما يتعلق بالعلم الشرعي، وبما يتعلق بمعرفة الله ومعرفة حقوقه هي كالرجل مطالبة بذلك، وأما ما زاد على ذلك مما يختص بالرجال فلا.
تعلم هذه السورة بالنسبة للنساء أمر مهم جدا، لكن كما ذكر شيخ الإسلام وبعض العلماء أن النساء ميلهن إلى سورة يوسف أكثر من ميلهن إلى سورة النور؛ لأن سورة يوسف قصص متعلقة بهن، وأما بالنسبة لسورة النور فهي أحكام ملزمة لهن، وفي بعضها مشقة عليهن.
{وفرضناها} قرئ بتخفيف الراء، أي فرضنا عليكم وعلى من بعدكم ما فيها من الأحكام، وبالتشديد، أي أنزلنا فيها فرائض مختلفة ..
يعني فرضناها.
وقرأ أبو عمرو: {وفرضناها} بالتشديد: أي قطعناها في الإنزال نجما نجما، والفرض: القطع، ومنه فرضة القوس، وفرائض الميراث، وفرض النفقة، وعنه أيضا: {فرضناها} فصلناها وبيناها، وقيل: هو على التكثير، لكثرة ما فيها من الفرائض ..
فيعود إلى الأول، فيكون فرضناها هو معنى فرضناها إلا أن هذا البناء خاص بالتكثير، فرضناها: أنزلها في فرائض، لكن: فرضناها: أنزلنا فيها فرائض كثيرة، فالفرق بينهما حينئذ التكثير فقط.
Sayfa 1