{لا تعمى الأبصار} أي أبصار العيون ثابتة لهم، {ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} [(46) سورة الحج] أي عن درك الحق والاعتبار، وقال قتادة: البصر الناظر جعل بلغة ومنفعة والبصر النافع في القلب، وقال مجاهد: لكن عين أربع أعين، يعني لكل إنسان أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه، وعينان في قلبه لآخرته فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه فلم يضره عماه شيئا، وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه فلم ينفعه نظره شيئا، وقال قتادة وابن جبير: نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم الأعمى ...
هذا كلام مجاهد، وأما في القلب عينين تبصران أمور الآخرة يكون العمى المذكور في الآية حقيقي لهاتين العينين، يكون العمى حقيقي {تعمى القلوب} بمعنى أنه تذهب العينان المدركتان لما ينفعه في آخرته، وإذا قلنا: إن عمى القلب ليس المراد به ما يراد بعمى البصر، فعمى كل شيء بحسبه، يعني لو أن رجلا وهو يمشي يضرب برجليه الحجارة وهو يمشي باستمرار ولا ينتبه قيل: إن رجليه عمياوان، فعماه بحسبه، باعتبار أنه يقع فيما يقع فيه الأعمى ولو كان مبصرا، ويكون هذا استعمال حقيقي وإن كان الأصل والأكثر العمى في العيون، لكن عمى القلب من هذا النوع، ليس بعمى حسي مثل عمى العيون لكنه عمى يقال له حقيقة في مقابل المجاز، هو استعمال شرعي حقيقة شرعية لا يقال: أنه مجاز، إنما هو حقيقة شرعية، وعمى العين تتضافر فيه الحقائق الثلاث: اللغوية والشرعية والعرفية.
طالب:. . . . . . . . .
اجتهاد، باعتبار أنه يريد أن يوجه الآية {ولكن تعمى القلوب} [(46) سورة الحج] كيف تعمى وهي ما لها عيون؟
قال ابن عباس ومقاتل: لما نزل {ومن كان في هذه أعمى} [(72) سورة الإسراء] قال ابن أم مكتوم: يا رسول الله فأنا في الدنيا أعمى أفأكون في الآخرة أعمى؟ فنزلت: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} [(46) سورة الحج] أي من كان في هذه أعمى بقلبه عن الإسلام فهو في الآخرة في النار.
Sayfa 13