بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم رب زِدْنِي علما وفهمًا يَا كريم يَا حَكِيم الْحَمد لله على إحسانه المترادف المتوال وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الْكَبِير المتعال وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أَضَاءَت أَوْصَافه الْحسنى اضاءة الْآل ﷺ وعَلى آله وَأَصْحَابه أولى الهمم العوال صَلَاة وَسلَامًا دائمين مَا دَامَت الْأَيَّام والليال أما بعد فقد وقفت على مُصَنف لِلْحَافِظِ أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمْزَة الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي سَمَّاهُ التَّذْكِرَة بِرِجَال الْعشْرَة ضم إِلَى من فِي تَهْذِيب الْكَمَال لشيخه الْمزي من فِي الْكتب الْأَرْبَعَة وَهِي الْمُوَطَّأ ومسند الشَّافِعِي ومسند أَحْمد والمسند الَّذِي خرجه الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن خسرو من حَدِيث الإِمَام أبي حنيفَة وحذا حَذْو الذَّهَبِيّ فِي الكاشف

1 / 235

فِي الِاقْتِصَار على من فِي الْكتب السِّتَّة دون من أخرج لَهُم فِي تصانيف لمصنفيها خَارِجَة عَن ذَلِك كالأدب الْمُفْرد للْبُخَارِيّ والمراسيل لأبي دَاوُد وَالشَّمَائِل لِلتِّرْمِذِي فَلَزِمَ من ذَلِك أَن ينْسب مَا خرج لَهُ التِّرْمِذِيّ أَو النَّسَائِيّ مثلا إِلَى من أخرج لَهُ فِي بعض المسانيد الْمَذْكُورَة وَهُوَ صَنِيع سواهُ أولى مِنْهُ فَإِن النُّفُوس تركن إِلَى من أخرج لَهُ بعض الْأَئِمَّة السِّتَّة أَكثر من غَيرهم لجلالتهم فِي النُّفُوس وشهرتهم وَلِأَن أصل وضع التصنيف للْحَدِيث على الْأَبْوَاب أَن يقْتَصر فِيهِ على مَا يصلح للاحتجاج أَو الاستشهاد بِخِلَاف من رتب على المسانيد فَإِن أصل وَضعه مُطلق الْجمع وَجعل الْحُسَيْنِي عَلامَة مَالك ك وعلامة الشَّافِعِي ش وعلامة أبي حنيفَة فه وعلامة أَحْمد اوَلمن أخرج لَهُ عبد الله بن أَحْمد عَن غير أَبِيه عب ورموز السِّتَّة على حَالهَا وَكنت قد لخصت تَهْذِيب المَال وزدت عله فَوَائِد كَثِيرَة وسميته تَهْذِيب التَّهْذِيب وَجَاء نَحْو ثلث الأَصْل ثمَّ لخصته فِي تصنيف لطيف سميته التَّقْرِيب وَهُوَ مُجَلد وَاحِد يحتوى على جَمِيع من ذكر فِي التَّهْذِيب مَعَ زياداته فِي التراجم فالتقطت الْآن من كتاب الْحُسَيْنِي من لم يترجم لَهُ الْمزي فِي التَّهْذِيب وَجعلت رموز الْأَرْبَعَة على مَا اخْتَارَهُ الشريف ثمَّ عثرت فِي أثْنَاء كَلَامه على أَوْهَام صعبة فتعقبتها ثمَّ وقفت على تصنيف لَهُ افرد فِيهِ رجال أَحْمد سَمَّاهُ الْإِكْمَال عَن من فِي مُسْند أَحْمد من الرِّجَال مِمَّن لَيْسَ فِي تَهْذِيب الْكَمَال فتتبعت مَا فِيهِ من فَائِدَة زَائِدَة على التَّذْكِرَة ثمَّ

1 / 236

وقفت على جُزْء لشَيْخِنَا الْحَافِظ نور الدّين الهيثمي استدرك فِيهِ مَا فَاتَ الْحُسَيْنِي من رجال أَحْمد لقطه من الْمسند لما كَانَ يكْتب زاوئد أَحَادِيثه على الْكتب السِّتَّة وَهُوَ جُزْء لطيف جداو عثرت فِيهِ مَعَ ذَلِك على أَوْهَام وَقد جعلت على من تفرد بِهِ هَب ثمَّ وقفت على تثنيف للْإِمَام أبي زرْعَة بن شَيخنَا حَافظ الْعَصْر أبي الْفضل بن الْحُسَيْن الْعِرَاقِيّ سَمَّاهُ ذيل الكاشف تتبع الْأَسْمَاء الَّتِي فِي تَهْذِيب الْكَمَال مِمَّن أهمله الكاشف وَضم إِلَيْهِ من ذكره الْحُسَيْنِي من رجال أَحْمد وَبَعض من استدركه الهيثمي وصير ذَلِك كتابا وَاحِدًا وَاخْتصرَ التراجم فِيهِ على طَريقَة الذَّهَبِيّ فاختبرته فَوَجَدته قلد الْحُسَيْنِي والهيثمي فِي أوهامها وأضاف إِلَى أوهامها من قبله أوهاما أُخْرَى وَقد تعقبت جَمِيع ذَلِك مُبينًا محررا مَعَ أَنى لَا أدعى الْعِصْمَة من الخطاء والسهو بل أوضحت مَا ظهر لي فليوضح من يقف على كَلَامي مَا ظهر لَهُ فَمَا الْقَصْد إِلَّا بَيَان الصَّوَاب ءلبا للثَّواب ثمَّ قَالَ الْحُسَيْنِي فِي خطْبَة التَّذْكِرَة مرغبا فِي كِتَابه ذكرت رجال الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة المقتدى بهم لِأَن عمدتهم فِي الِاسْتِدْلَال لَهُم لمذاهبهم فِي الْغَالِب

1 / 237

على مَا رَوَوْهُ فِي مسانيدهم باسانيدهم فَإِن الْمُوَطَّأ لمَالِك هُوَ مذْهبه الَّذِي يدين الله بِهِ اتِّبَاعه ويقلدونه مَعَ أَنه لم يرو فِيهِ إِلَّا الصَّحِيح عِنْده وَكَذَلِكَ مُسْند الشَّافِعِي مَوْضُوع لَا دلته على على مَا صَحَّ عِنْده من مروياته وَكَذَلِكَ مُسْند أبي حنيفَة وَأما مُسْند أَحْمد فَإِنَّهُ أَعم من ذَلِك كُله واشمل انْتهى كَلَامه وَفِيه مناقشات: الأولى لَيْسَ الْأَمر عِنْد الْمَالِكِيَّة كَمَا ذكر بل اعتمادهم فِي الْأَحْكَام وَالْفَتْوَى على مَا رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم عَن مَالك سَوَاء وَافق مَا فِي الْمُوَطَّأ أم لَا وَقد جمع بعض المغاربة كتابا فِيمَا خَالف فِيهِ الْمَالِكِيَّة نُصُوص الْمُوَطَّأ كالرفع عِنْد الرُّكُوع والاعتدال الثَّانِيَة قَوْله أَن مَالِكًا لم يخرج فِي كِتَابه إِلَّا مَا صَحَّ عِنْده فِي مقَام الْمَنْع وَبَيَان ذَلِك يعرفهُ من أمعن النّظر فِي كابه الثَّالِثَة مَا نسبه لمُسْند الشَّافِعِي لَيْسَ الْأَمر فِيهِ كَذَلِك بل الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهِ مِنْهَا مَا يسْتَدلّ بِهِ لمذهبه وَمِنْهَا مَا يُورِدهُ مستدلا لغيره ويوهيه ثمَّ أَن الشَّافِعِي لم يعْمل هَذَا الْمسند وَإِنَّمَا التقطه بعض النيسأبوريين من الْأُم وَغَيرهَا من مسموعات أبي الْعَبَّاس الْأَصَم الَّتِي كَانَ انْفَرد

1 / 238

بروايتها عَن الرّبيع وبقى من حَدِيث الشَّافِعِي شَيْء كثير لم يعق فِي هَذَا الْمسند ويكفى فِي الدّلَالَة على ذَلِك قَول إِمَّا الْأَئِمَّة أبي بكر بن خُزَيْمَة أَنه لَا يعرف عَن النَّبِي ﷺ سنة لم يودعها الشَّافِعِي كِتَابه وَكم من سنة وَردت عَنهُ ﷺ لَا تُوجد فِي هَذَا الْمسند وَلم يرتب الَّذِي جمع حَدِيث الشَّافِعِي أَحَادِيثه الْمَذْكُورَة لَا على المسانيد وَلَا على الْأَبْوَاب وَهُوَ قُصُور شَدِيد فَإِنَّهُ اكْتفى بالتقاطها من كتب الْأُم وَغَيرهَا كَيفَ مَا اتّفق وَلذَلِك وَقع فِيهَا تكْرَار فِي كثير من الْمَوَاضِع وَمن أَرَادَ الْوُقُوف على حَدِيث الشَّافِعِي مستوعبا فَعَلَيهِ بِكِتَاب معرفَة السّنَن والْآثَار للبيهقي فَإِنَّهُ تتبع ذَلِك أتم تتبع فَلم يتْرك لَهُ فِي تصانيفه الْقَدِيمَة الجديدة حَدِيثا إِلَّا ذكره وَأوردهُ مرتا على أَبْوَاب الْأَحْكَام فَلَو كَانَ الْحُسَيْنِي اعْتبر مَا فِيهِ لَكَانَ أولى الرَّابِعَة قَوْله وَكَذَلِكَ مُسْند أبي حنيفَة توهم أَنه جمع أبي حنيفَة وَلَيْسَ كَذَلِك وَالْمَوْجُود من حَدِيث أبي حنيفَة مُفردا إِنَّمَا هُوَ كتاب الْآثَار الَّتِي رَوَاهَا مُحَمَّد بن الْحسن عَنهُ وَيُوجد فِي تصانيف مُحَمَّد بن الْحسن وَأبي يُوسُف قبله من حَدِيث أبي حنيفَة أَشْيَاء أُخْرَى وَقد اعتنى الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْحَارِثِيّ وَكَانَ بعد الثلاثمائة بِحَدِيث أبي حنيفَة فَجَمعه فِي

1 / 239