الْعقل فِي دسومه الدِّمَاغ وَالروح مُعَلّق بِالنَّفسِ فَإِذا نَام الانسان امْتَدَّ روحه مثل السراج فَرَأى بنوره وَقضى الله مَا يرِيه ملك الرُّؤْيَا
وذهابه ورجوعه مثل الشَّمْس إِذا غطاها السَّحَاب وانكشف عَنْهَا فَإِذا عَادَتْ الْحَواس باستيقاظه إِلَى أفعالها ذكر الرّوح مَا أرَاهُ الْملك وخيله لَهُ كرؤيا الْعين.
الْمقَالة الْخَامِسَة: فِي ذكر ملك الرُّؤْيَا
قَالَ دانيال ﵇ اسْم الْملك الْمُوكل بالرؤيا صديقون وَمن شحمة أُذُنه إِلَى مَنْكِبه مسيرَة سبع مائَة سنة وَهُوَ الَّذِي يضْرب الْأَمْثَال للآدميين فيريهم بضياء الله ﷿ من علم غيبه فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ مَا هُوَ كَائِن من خير أَو شَرّ لَا يشْتَبه عَلَيْهِ شَيْء من ذَلِك وَمثل هَذَا الْملك كَمثل الشَّمْس إِذا وَقع نورها على شَيْء بصرت ذَلِك الشَّيْء بِهِ
وَكَذَلِكَ يعرفك هَذَا الْملك بضياء الله ﷿ معرفَة كل شَيْء ويهديك ويبشرك ويحذرك من مَعْصِيّة قدهممت بهَا ثمَّ إِن هَذَا الْملك يقدم رُؤْيا الشَّرّ وَيُؤَخر رُؤْيا الْخَيْر لفائدة نذكرها وَذَلِكَ لشفقة من الله ﷿ على عباده وَلَو كَانَت رُؤْيا الشَّرّ تتأخر لَكَانَ الْإِنْسَان إِذا قصها وَعلم أَنَّهَا شَرّ لم يزل منتظرا وُقُوع ذَلِك لَهُم فَلَا يزَال مهموما فَعجل كَيْلا يطول همه وحزنه.
وَأما رُؤْيا الْخَيْر فأخرت لِأَن الْإِنْسَان إِذا بشر بهَا فَرح وَإِن تَأَخَّرت لِأَنَّهُ منتظر وُقُوعهَا وَاعْلَم أَن الرُّؤْيَا معلقَة على تَأْوِيلهَا فَمَتَى أولت وَقعت لقَوْل النَّبِي: الرُّؤْيَا على رجْلي طَائِر فَمَتَى عبرت وَقعت ".
الْمقَالة السَّادِسَة: فِي أَقسَام الرُّؤْيَا:
قَالَ النَّبِي الرُّؤْيَا ثَلَاثَة:
1 / 7