Eski Dünyada Yemek
الطعام في العالم القديم
Türler
إذن فالطبيب لديه مبررات تدفعه للاعتراف بفضل الطاهي، بل لقد كتب بعض الأطباء أيضا كتبا عن الطهي وجلسات الشراب. وكان جالينوس من هؤلاء الأطباء، ويذكر أثينايوس عددا من الأطباء الآخرين (راجع الفصل السابع). ومع ذلك، لم يكن من المتوقع أن يقدم الأطباء اعترافات كثيرة لصالح للطهاة؛ إذ يصف جالينوس في كتابه «هايجينا» أو «عن المحافظة على الصحة» الطاهي بأنه الشخص الذي يقدم النوع غير المناسب من الطعام. وربما يكون السبب في ذلك هو أن الطاهي يهدف إلى المتعة. في الموضع (2، 11)، نقرأ أن الطاهي لا بد أن يكون مساعد الطبيب؛ لأن الطاهي يحضر الطعام دون معرفة النتيجة الطبية، التي هي تخصص الطبيب.
تتسم وظائف الأعضاء في الجهاز الهضمي للإنسان بالتعقيد، وهذا الملخص الموجز مأخوذ من بوكوك وريتشاردز (1999). بعبارات عامة، يدخل الطعام والشراب إلى الفم، وتطحنه الأسنان بالقدر الضروري، ويرطبه اللعاب الذي تفرزه ثلاث غدد، وبذلك يحضره للهضم، ثم يبلع وينزل عبر المريء إلى المعدة، وهناك يخلط الطعام بالأحماض والإنزيمات وغيرها من مكونات العصارة المعدية ويرج، ويرافق ذلك امتصاص بعض المواد المغذية إلى جدار المعدة. ولا تمتص إلا بضعة مركبات في هذه المرحلة، ولكنها تشمل الكحول والأسبرين، على سبيل المثال. وتخزن المعدة الطعام مؤقتا ثم تمرره - بعد رجه وخلطه بالعصارة المعدية، وتحوله إلى ما يسمى «الكيموس» - خلال فتحة البواب إلى الاثني عشر، أو القسم الأول من الأمعاء الدقيقة. ويتم الجزء الأكبر من امتصاص الطعام والمواد المغذية في الجسم داخل الأمعاء الدقيقة التي تتلقى الإفرازات القادمة من الكبد والبنكرياس بالإضافة إلى إفرازاتها هي؛ وتقدر مساحة سطح الأمعاء الدقيقة بنحو 200 متر مربع. وتعمل الحركة العضلية (أو التمعج) في نقل الطعام فيما بعد إلى الأمعاء الغليظة، ثم تمرر المواد غير الملائمة وغير الضرورية للهضم إلى القناة الشرجية لإخراجها. يقدر بوكوك وريتشاردز أن الفرد البالغ يستهلك نحو كيلوجرام واحد من الطعام يوميا، ومن لتر واحد إلى لترين من السوائل. يوجد نظام عصبي معقد مدمج في جدار الأمعاء، وهو يساعد في تنظيم الأمعاء، ويساعد في ذلك أيضا نحو عشرين من هرمونات الببتيد. وتتسم الاتصالات بين الدم والأمعاء بالتعقيد؛ إذ تأتي نسبة سبعين بالمائة من الدم الداخل إلى الكبد عن طريق الوريد البابي من المعدة والطحال والبنكرياس والأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة، وتأتي نسبة 30 بالمائة من الشريان الكبدي. وهكذا يوصل الوريد البابي الدم الغني بالمواد المغذية إلى الكبد لتوزيعه على بقية الجسم وتمثيله، وفي الوقت نفسه يفرز الكبد أيضا الصفراء لأغراض عدة من بينها الهضم.
شكل 8-2: الجهاز الهضمي لدى الإنسان. إن المريء والمعدة والجهاز الهضمي لدى الإنسان عبارة عن سلسلة مركبة ومعقدة تتصل بعلاقة وثيقة مع الأعضاء الحيوية، وخصوصا الكبد. في الفكر الحديث، تنقل الأمعاء الطاقة والفيتامينات والمعادن إلى الدم والأعضاء الرئيسية. والنظام الذي وضعه جالينوس مختلف للغاية، ولكنه يقدم وصفا مترابطا عن طريقة تحول الطعام المأكول إلى دم وأنسجة، وعن عدد العمليات المشاركة في ذلك، بالإضافة إلى الطاقة المتولدة في صورة سعرات حرارية.
وما إن يصبح الكيموس (الطعام المهضوم جزئيا) جاهزا للامتصاص حتى يوزع خلال خلايا جدار الأمعاء ليتحول إلى الدم الشعيري. وتمتص السكريات في الاثني عشر والمعي الصائم العلوي، وتمتص الأحماض الأمينية والببتيدات اللازمة للبروتينات في الأمعاء الدقيقة أيضا، وكذلك الأحماض الدهنية والفيتامينات، وتمتص السوائل في الأمعاء الدقيقة والغليظة. ويصف بوكوك وريتشاردز (1999: 428-429) الاحتياجات الغذائية للجسم على النحو التالي: توفر الكربوهيدرات الطاقة والحرارة اللتين يمكن الحصول عليهما بسرعة، أما البروتينات فهي تصنع الإنزيمات والهرمونات، ولها دور في البناء أيضا، وتدعم الدهون أنسجة الأعضاء وأغماد الأعصاب وأغشية الخلايا؛ وتنظم الفيتامينات وظائف الجسم الضرورية؛ والأملاح المعدنية ضرورية للعمليات التي تؤديها الخلايا.
يلخص هذا العرض السريع الفهم الحديث للهضم، وذلك فيما يتعلق بالطب التقليدي على أقل تقدير. (أشير إلى الطب البديل والطب الهندي التقليدي المعروف بالأيورفيدا فيما يأتي.) والهدف من هذا الملخص هو توفير أساس لفهم رؤية جالينوس عن فسيولوجيا الجهاز الهضمي ورؤيته بشأن التغذية.
ويصف جالينوس البنية العامة للجهاز الهضمي في كتاب «عن استخدام الأجزاء» 4، 8: المريء (ويعرف أيضا باسم «ستوماكوس») ليس إلا ممرا للطعام؛ والمعدة («جاستر») هي العضو المسئول عن الطهي/التسخين/الهضم؛ والأمعاء هي العضو المختص بتوزيع الطعام («أنادوسيس»). وكان جالينوس مهتما بصفة خاصة بمواضع التقاء المريء بالمعدة، ومواضع التقاء المعدة بالاثني عشر. وكانت الأخلاط الباردة المتجمعة في هذا المكان تصيب الجهاز الهضمي بالشلل. يقدم سيلسوس ملخصا مشابها في كتاب «عن الطب» 4، 1، 6-7. ويصف المؤلف التابع لمدرسة أبقراط الذي ألف كتاب «اللحوم» (13) عملية الهضم بتفصيل أكثر بعض الشيء:
فعند تجمع الطعام والشراب في المعدة والأمعاء، وتسخينه، تسحب الأوعية التي تنشأ في ذلك المكان القسم الأكثر ليونة ورطوبة، وتترك القسم الأكثر سمكا وهو الذي يتحول إلى براز في الأجزاء السفلية من الأمعاء. وعند تسخين الأطعمة، فإن هذه الأوعية تسحب القسم الأكثر ليونة من المعدة ومن الجزء العلوي من الأمعاء، وهو القسم الواقع أعلى المعى الصائم («نيستيس») ... وعند وصول المواد المغذية فإنها تتخلى عن الخاصية المعينة المقابلة لكل جزء؛ إذ يزداد كل جزء عند تزويده بهذه المواد المغذية، الأجزاء الساخنة والباردة واللزجة والدهنية والحلوة والمرة والعظام، وكل الأجزاء الأخرى الموجودة في جسم الفرد. (ترجمه إلى الإنجليزية: بوتر )
ويبدو أن العملية التي يطلق عليها جالينوس «أنادوسيس» أو التوزيع تقابل ما يطلق عليه الآن الامتصاص والتمثيل الغذائي. يشرح جالينوس في كتاب «عن القوى الطبيعية» 1، 8-9 أنه من الضروري حدوث عملية تحويل للأطعمة («ألويوسيس») قبل حدوث التمثيل الغذائي أو («هومويسيس»). ويبدو أن جالينوس والأطباء التابعين لمدرسة أبقراط كانوا يرون أن المواد المغذية تمر خلال جدران الأمعاء مباشرة إلى الأوردة. وفي بحث «الحمية 2» 56 يتحدث المؤلف عن أن الأطعمة الحمضية تفتح مداخل الأوردة في الأمعاء وتنظفها، أما في كتاب «عن قوى الأطعمة» 1، 12 فيتحدث جالينوس عن مداخل الأوردة الموجودة في المعدة والأمعاء. وسأل جالينوس نفسه أيضا كيف تتشابه الأعضاء المختلفة في حصولها على التغذية (كتاب «عن مذهبي أبقراط وأفلاطون» 410-411، 15-17 من تأليف دي لاسي)، وما هو الغرض من كل منهما:
تنقبض المعدة حول الطعام وتسحب منه السوائل المناسبة لها؛ وحين تنتهي من الحصول على الفائدة وتمتلئ تماما، تدفع كل البقايا إلى المعي الصائم؛ ومن هناك يسحب الكبد بدوره السائل الذي جرى تحضيره في وقت سابق في المعدة، مع أن المعدة لا تحوله بالطبع من أجل الكبد ... وكما تصبح البقايا الصادرة من المعدة مناسبة للكبد، تصبح البقايا الصادرة من الكبد أيضا مناسبة لكل أجزاء الجسم الأخرى التي تأتي بعده بنفس الطريقة؛ والكبد أيضا لم يغير المواد المغذية من أجل الأجزاء الأخرى من الجسم، بل إن الأمر يحدث بالطريقة التي وصفتها، حين تصبح المواد المغذية أكثر ملاءمة للأجزاء التي تأتي بعد الكبد، وذلك بعد أن يغيرها الكبد ويحولها؛ فحين يسحب الكبد المواد المغذية من خلال الأوردة الصادرة من المعدة والأمعاء، نجد أن الأجزاء الموجودة بعد الكبد تسحب المواد المغذية إلى نفسها من خلال أوردة أخرى، ثم يتكرر ذلك في أجزاء أخرى أيضا؛ وتستمر هذه العملية حتى تصل المواد المغذية إلى كل جزء من الحيوان. وفي كل مرة ، يتولى كل جزء تحضير المواد المغذية وهضمها مسبقا من أجل الجزء الذي يليه في عملية التوزيع المتواصلة. (ترجمه إلى الإنجليزية: دي لاسي)
ويتحدث جالينوس في هذه الفقرة عن جدال عويص عن علاقة أعضاء الجسم الرئيسية، وهي القلب والكبد، بالمخ. في الجزء السادس من كتاب «عن آراء أبقراط وأفلاطون»، يرفض نظرية أرسطو القائلة بأن القلب هو موطن العقل وموطن الشرايين أيضا (وهو رأي يركز الاهتمام على القلب، واستفاض الرواقيون في شرحه بالتفصيل)، ويتفق مع فكرة أفلاطون عن الروح ذات الجوانب الثلاثة. ويستشهد بكتاب «طيمايوس» لأفلاطون، ولكنه يحدد مواضع السمات الثلاث للروح التي تحدث عنها أفلاطون في أعضاء معينة باستفاضة أكثر من أفلاطون نفسه؛ ومن ثم، فإنه يرى أن موضع الجانب العقلي («لوجيستيكى») من الروح هو المخ، وموضع الجانب الروحي («ثومويديز») هو القلب، وموضع الجانب المتعلق بالرغبة والشهية يقع في الكبد (374-375، 9-19). وبخصوص الأغراض المرجوة من هذا الكتاب، فإن الكبد (وهو أهم عضو فيما يتعلق بامتصاص المواد المغذية في مجرى الدم) يحضر الطعام لأغراض تتعلق به، ثم يمرره إلى القلب والمخ وجميع الأعضاء الأخرى. وبحسب نظرية أفلاطون التي عدلها جالينوس، فإن الكبد يحتوي على الجانب المتعلق بالرغبة من الروح، ولكنه أيضا يتسم بخواص أخرى («دوناميس»). ويذكر (374، 14، 19) أن أرسطو عدل كلمة الرغبة - التي ينسبها جالينوس إلى الكبد - إلى مصطلحات مثل المغذية أو النباتية أو التناسلية (وهكذا يحدد هدف الرغبة). ولم يتحدث أفلاطون إلا عن الجانب المتعلق بالرغبة، وأشار إلى مجموعة متنوعة من الرغبات التي تنتاب ذلك الجانب من الروح.
Bilinmeyen sayfa