Eski Dünyada Yemek
الطعام في العالم القديم
Türler
يتناول هذا الفصل الطب والغذاء، ولكن قبل الانتقال إلى الموضوعات «الطبية» الصرفة، أكرر الفكرة التي أشرت إليها في الفصل الأول، وهي أن النظام الطبي الذي أنشأه أبقراط وجالينوس كان يقوم على «الطهي»؛ أي على إدخال المواد الخام الطبيعية إلى عالم الإنسان المتحضر. ثم تبدأ مرحلة ثانية من الطهي حين يؤكل الطعام وتؤدي حرارة الجسم إلى تمثيل الطعام ودخوله إلى مجرى الدم وإلى بنية الأنسجة؛ ومن ثم، فإن الطهي مترسخ في الثقافة الإغريقية، أو على الأقل في فكر أبقراط أكثر مما هو مترسخ في ثقافتنا. ولا بد أن نضيف أن التدخل الإلهي كان من العناصر القوية في الطب القديم فيما يخص الكثير من المرضى؛ ومن ثم، كان لطهي القربان أيضا دور في الطب القديم.
لدينا الكثير من السجلات عن تقديم قرابين إلى آلهة الشفاء، وفيما يلي قربان يعود إلى عام 400 قبل الميلاد تقريبا يقدمه إبيداوروس:
ليقدم قربان إلى أسكليبيوس عبارة عن ثور، وثور آخر للآلهة التي تشاركه في معبده، وبقرة للإلهة التي تشاركه في معبده. وتوضع هذه الأشياء ومعها ديك على المذبح المخصص لتقديم القرابين للإله أسكليبيوس. وليخصصوا لأسكليبيوس حصة عبارة عن مكيال من الشعير، ونصف مكيال من القمح، وواحد على اثني عشر مكيالا من النبيذ. وليضعوا أمام الإله إحدى أرجل الثور الأول، وليأخذ رجال الدين ممن يعرفون باسم «هيرومنيمونيس» الرجل الأخرى، وليعطوا إحدى أرجل الثور الثاني إلى أفراد الجوقة، والرجل الثانية إلى الحراس وكذلك الأحشاء. (نقوش إغريقية، الجزء الرابع 2 و1، رقم 41، ترجمته إلى الإنجليزية : إديلشتاين آند إديلشتاين)
كان أبولو هو الإله الأساسي للشفاء، وكان أسكليبيوس يعبد مثل الكثير من الآلهة الأخرى: تتشابه التفاصيل هنا مع التفاصيل المتعلقة بعيد بان أثينايا التي نستشهد بها في الفصل الثالث. كانت تقدم لأسكليبيوس القرابين، وتقام له الاحتفالات، بل تقدم إليه أيضا أريكة ليأكل عليها (في مزار بالقرب من مدينة تيثوريا في فوكيس في وسط اليونان، بحسب ما يذكر باوسانياس 10، 32، 12). ولم ينكر الأطباء التابعون لمدرسة أبقراط تأثير الآلهة في الأمراض والعلاجات (كتاب «المرض المقدس» 1)، ولكنهم كانوا يسعون إلى تقديم تفسير علمي لما كانوا يرونه ظواهر طبيعية. وكان الكثير من المرضى يتوجهون إلى معابد علاجية مثل معابد أسكليبيوس في إبيداوروس وأثينا، كما يتوجه بعض مواطني كريت المعاصرين إلى القديس أنطونيوس في باتسوس (راجع الفصل الثالث). وكان المرضى يعالجون كذلك عن طريق النوم المقدس، أو النوم في معبد الإله. وتأتي صورة من الصور الكوميدية لهذا النوم المقدس - الذي يوضح سمات تناول الطعام - في الفصل التاسع. يبالغ أريستوفان، ولكن تناول الطعام كان جزءا من ذلك الطقس لأنه كان يتطلب تقديم قربان، وأيضا حسبما يخبرنا بوسونياس (2، 27، 1)، لأنه كان لا بد من تناول القرابين داخل حدود المزار (دون أن تؤخذ إلى المنازل).
ثمة صلات قوية بين هذا الفصل وبين الفصلين السابع والتاسع بخصوص الفكر والأدب، على التوالي. وسيتضح ذلك حين نتأمل الاهتمامات الفلسفية المتنوعة لجالينوس في نهاية المدة الزمنية التي يتناولها هذا الكتاب، والأساس الفلسفي الذي كان يستند إليه فكر أبقراط قبل ذلك بنحو 600 عام. وتتضمن معظم مناقشة الطب مفاهيم عن الجسم تناولها الأدباء بطرق أخرى، وذلك في مناقشات عن الإسراف، أو عدم التحكم في الشهية، أو زيادة وزن الجسم، أو نقص الوزن عن الحد اللازم.
أوضحت الفصول السابقة كيف أن المؤلفين المتخصصين في مجال الطب تصوروا أن الحضارة تطورت من عادات تناول الطعام البدائية إلى المتمدنة (الفصل الأول)، وأوضحت مدى أهمية الأفكار الحديثة فيما يبدو عن الطعام النيئ والمطهي لفكر الكتاب التابعين لمدرسة أبقراط ولفكر جالينوس من حيث المفاهيم. وهذه الأفكار تنتمي إلى النظرية التقدمية فيما يتعلق بالتطور البشري. ولدينا صورة بديلة وصفها هسيود وآخرون، لاحظوا حدوث هبوط من الفردوس الأول نحو خلق الزراعة والقرابين والنساء كعقاب فرضه زيوس؛ فالمرأة - باندورا - فتحت صندوقها فخرجت منه الكثير من الأمراض المزعجة ضمن أشياء أخرى. يكتب روي بورتر بنفس النهج في كتابه «الاحتياجات الأساسية» (2002: 1-3): «ظهرت الأوبئة مع نشأة المجتمع، وكان المرض - وسيظل - نتاجا اجتماعيا لا يقل قيمة عن الطب الذي يقاومه؛ فالحضارة لا تجلب فقط المنغصات بل الأمراض أيضا ... كانت مجتمعات الصيد وجمع الثمار تحيق بها بيئات قاسية وخطيرة؛ ومن ثم كانت أعمار أسلافنا ممن عاشوا إبان العصر الحجري القديم قصيرة.» (رأي أبقراط) «ومع ذلك، نجوا من الأوبئة التي كان من المقدر أن تحيط بالمجتمعات التي ظهرت بعد ذلك ... ولا بد أن الأمراض المعدية (الجدري والحصبة والإنفلونزا وما شابه) كانت مجهولة فعليا؛ لأن الكائنات الدقيقة المسببة لها تتطلب وجود كثافات سكانية مرتفعة تشمل أعدادا كبيرة من الأشخاص المعرضين لمخاطر العدوى أو الإصابة بالمرض. ولم تظل هذه الجماعات المشتغلة بالصيد وجمع الثمار في مكان واحد لمدة طويلة بما يكفي لتلوث الموارد المائية أو تخلف وراءها القاذورات التي تجتذب الحشرات التي تساعد على انتشار الأمراض. والأهم من ذلك أنه لم تكن لديهم الحيوانات المستأنسة التي ظل لها دور ملتبس للغاية في تاريخ البشرية؛ فمع أن الحيوانات المستأنسة ساعدت في قيام الحضارة، اتضح أيضا أنها كانت من مصادر المرض المستمرة والمدمرة غالبا.» والفكرة الثانية قريبة من رؤية هسيود القاتمة، وبعض الأمراض التي تنقلها الحيوانات مذكورة في الفصل الأول، وللاطلاع على مناقشة للعلاقة بين الحيوانات والبشر راجع الفصل السابع.
يتعلق هذا الفصل في معظمه بالنظريات القديمة بشأن التغذية وبالأفكار التي تتناول سمات الصحة السليمة والصحة المعتلة، ولكن لا بد من نبذة مختصرة في البداية عن الأساليب الحديثة في تناول الأدلة القديمة. كان جالينوس والأطباء التابعون لمدرسة أبقراط يرون أن الأطعمة تغذي الجسم وتجلب عددا من الصفات المباشرة والممكنة التي أطلقوا عليها «دوناميس» (أي القوى أو الخصائص)؛ وهذه القوى أو الخصائص بالتحديد كانت تساعد في تعديل حالة الأخلاط في الجسم، وكذلك الأعضاء الداخلية وغيرها من الوظائف.
والنظريات الحديثة المتعلقة بالتغذية مهتمة أيضا بتحديد نظام غذائي متوازن، وتشدد على المواد المغذية الضرورية (ولذلك، فهي ترى أن الغذاء الأساسي المكون من الحبوب هو أهم المواد المغذية، كحالة الحبوب («سيتوس») في كتابات أبقراط وجالينوس). ومتطلبات الطاقة هي أول عنصر مهم، ويبلغ المعدل اليومي 2550 سعرا حراريا للرجال، ونحو 1940 سعرا حراريا للنساء (ويلز 1998)، والمكملات من الدهون والبروتينات أيضا ضرورية، ومصدرها المواد الحيوانية والنباتية (بما فيها الفول)، ثم المعادن والفيتامينات. وبينما نجد أن عالم التغذية في العصر الحديث ربما يقول إن نقص الزنك أو الفيتامينات يتسبب في حالة مرضية معينة، نجد أن الطبيب القديم كان على الأرجح يرجع السبب إلى القوى أو الخصائص التي يحتوي عليها الطعام نفسه. وكان الطبيب القديم يبحث على الأرجح عن سبب يتعلق بالطعام لأن الأسباب المعروفة كانت محدودة، ولم يكن يتوافر تفسير قائم على الفيروسات أو الجراثيم.
وثمة اتجاه حديث ثان يتعلق بالتغذية القديمة أسفر عن نتائج طيبة، ويتمثل هذا الاتجاه في تحليل الهياكل العظمية المأخوذة من المقابر القديمة للتحقق من الأدلة المتعلقة بالتغذية من خلال التحليل الكيميائي للعظام، وربما يؤدي هذا إلى تحديد الأمراض التي أصيب بها هؤلاء (سوء التغذية على وجه التحديد)، وأيضا الرواسب المتبقية في العظام التي نتجت عن النظام الغذائي الذي اعتمد عليه هؤلاء؛ وهكذا توصل فريق العمل في كريت إلى ما يدل على تناول السكان القدامى للأسماك واللحوم وغيرهما من المكونات الغذائية (راجع الفصل الأول)، في حين توصلت الدراسات التي أجريت في بومبي وهركولانيوم، مثلا، إلى ما يدل على إصابتهم بأمراض معينة. ويلخص جارنسي (1999) الحالات المرضية التي تدل على سوء التغذية، ويتوصل إلى بعض النتائج اللافتة بخصوص الصحة العامة وطول العمر، بما في ذلك بعض الآراء غير المتوقعة عن معدل العمر المتوقع بين مختلف جماعات المكانة (وهي جماعات لا يستند تمييزها إلى وضعها الاقتصادي المشترك، ولكن بالإضافة إلى نمط حياتها المشترك غالبا ما يوجد تشابه بينها في التربية العامة أو في المركز أو الهيبة الملتصق بميلادهم أو بعائلاتهم كما في الأرستقراطية الإرثية). وإذا قارنا القيود الغذائية مع غيرها من العوامل المؤثرة على معدل العمر المتوقع - وتحديدا الولادة والطفولة المبكرة - نجد أنها لم تكن مؤذية إلى حد بالغ، مع أنها كانت مزمنة. وقد ناقش سالارس (1991: 283-286) سوء التغذية.
ويخيل إلي أن استنتاج جارنسي لا يختلف على نحو لافت للنظر عن الانطباع الذي يأخذه القارئ عن أول جزأين من كتاب جالينوس «عن قوى الأطعمة». والجزء الثالث من البحث - الذي يتحدث عن اللحوم والأسماك - غير مناسب إلى حد كبير لدراسة عن سوء التغذية؛ نظرا لأن معظم السكان نادرا ما كانوا يأكلون اللحوم أو الأسماك بانتظام، وكما رأينا في الفصل الثاني، فإن الخطوة الأولى للريفيين في مواسم الشتاء القاسية هي ذبح الخنازير، ثم أكل اللحوم، وبعد ذلك أكل الطعام الذي كان مخزنا لإطعام الخنازير، وهو ثمار البلوط. يذكر جالينوس في مواضع كثيرة أن الريفيين كانوا مضطرين للبحث عن طعامهم في أدنى سلسلة الطعام التي تتألف من الأطعمة المعتادة أو المرغوب فيها؛ نظرا لأزمات نقص الطعام التي كانت تحدث، خاصة في فصل الربيع. ويتحدث جالينوس عن تعقيد هذه المشكلة قائلا:
Bilinmeyen sayfa