Eski Dünyada Yemek
الطعام في العالم القديم
Türler
يشتمل كتاب «طيمايوس» على عرض لافت لآراء أفلاطون عن علاقة البشر مع الكون؛ إذ يذكر هذا الكتاب أن العناصر الأربعة، وهي التراب والهواء والنار والماء، تربطها علاقات متبادلة وهي أساس الكون الذي خلق وفقا لمبادئ رياضية. والمجموعات المؤتلفة المكونة من هذه العناصر مسئولة عن تركيبات أجسامنا وتركيبات السوائل الحيوية والإحساس، والروح البشرية ذات ثلاثة أوجه، والعقل مكمنه الرأس كما أن العواطف مكمنها القلب. «هذه العناصر مسئولة عن إيداع الشهية للطعام والشراب وغيرهما من الاحتياجات الطبيعية للجسم في موقع بين الجزء الأوسط من الجذع ومنطقة السرة؛ مما يكون في المنطقة ما يشبه المعلف للطعام الموجه للجسم؛ وهي تربط الشهية هناك مثل حيوان بري، يجب إطعامه معنا لضمان استمرار حياة البشر. ووضعته في هذا الموضع حتى يواصل الأكل في مربطه، على أن يكون بعيدا قدر الإمكان عن مقر التفكير» (70-71، ترجمه إلى الإنجليزية: لي ). وسأعود بعد قليل إلى هذه الفكرة التي تنظر إلى المعدة باعتبارها ضرورية ولكن خطيرة.
شكل 7-1: بقرة جيرسي من المشاهد المعتادة جنوبي إنجلترا عنها في البلدان المطلة على البحر المتوسط. وصف بوسيدونيوس وغيره من المؤلفين القدماء المتخصصين في شئون التراث العرقي السلتيين بأنهم من آكلي اللحوم البارزين بالمقارنة مع عادات الإغريق والرومان. كان آكلو اللحوم القدماء يشهدون حياة وموت الماشية وغيرها من الحيوانات على نحو أقرب من نظرائهم في العصر الحديث. وفي الوقت نفسه، كان الامتناع الإرادي عن تناول اللحوم مقتصرا فيما يبدو على جماعات متقشفة وجماعات دينية معينة في العصور القديمة. (الصورة إهداء من مالكولم هكستابل.)
وقرب نهاية الحوار يصف أفلاطون خلق النساء من نوع أدنى من البشر، وأيضا خلق الحيوانات. ويتحدث كذلك عن نشأة الطيور من الرجال الطائشين، ونشأة الدواب من الرجال غير المهتمين بالفلسفة، وأخيرا، يتحدث عن نشأة الأسماك من أغبى الرجال وأشدهم جهلا. «هذا هو أصل الأسماك والمحار وكل ما يعيش في الماء؛ فهي تعيش في الأعماق كعقاب على عمق غبائها» (ترجمه إلى الإنجليزية: لي).
ينشئ وصف أفلاطون تدرجا هرميا واضحا يتألف من الإله والرجل والمرأة والحيوان والأسماك، ويستعير الكثير من علم الفيزياء لشرح مكونات الكون، ويستعير من الطب لشرح وظائف الجسم. وتوجد أوجه تشابه بين هذا التصنيف وأسطورة بروميثيوس، كما توجد علاقة مشتركة بين الكائنات، وهو ما يشبه تناسخ الأرواح الذي تحدث عنه فيثاغورس. وكان يمتنع هو ومريدوه عن أكل الحيوانات لهذا السبب (راجع الفصل الخامس). وظهر موضوع النظام الغذائي النباتي الصرف أيضا في أعمال إمبيدوكليس الفيلسوف السابق لعصر سقراط، وبلوتارخ، وفرفريوس التابع للمدرسة الأفلاطونية الحديثة.
للعلاقة بين البشر والحيوانات آثار تتجاوز موضوع النظام الغذائي النباتي الصرف. وبخصوص من يأكلون اللحوم على الأقل من حين لآخر (وهم الأكثرية في معظم الثقافات)، يثار سؤال حول كيفية اعتنائهم بالحيوان، وكيفية قتلهم له بغرض الطعام، وكيفية تحملهم مسئولية ذلك القتل. في السنوات الأخيرة، وتحديدا في بعض البلدان في الغرب، روعي نقل بعض المسالخ خارج المراكز الحضرية حتى لا يشهد المستهلكون قتل الحيوانات، ويباع اللحم على هيئة قطع سميكة أنيقة لا تشبه الأشكال الحيوانية، والضوابط الحكومية جزئية وتشهد تقلبا، وهو ما أدى إلى عدم اطلاع المواطن غالبا على وقائع ذبح الحيوانات. أما المواطنون في العصور القديمة ممن شهدوا ذبح الحيوانات - وسمعوه وشموا رائحته وشاهدوه وشهدوا نثر الدماء فوق المذبح - فكانوا على دراية كاملة بظروف موت أي حيوان قبل أن يأكلوا لحمه؛ ويبدو أنهم كانوا يتحملون أيضا مسئولية موته.
وقد يكون من المفيد لنا عقد مقارنة بين ذلك وما يحدث في العالم الحديث. هل يؤدي إخفاء عمليات قتل الحيوانات عن معظم الناس إلى زيادة رحمتنا بالحيوان وعطفنا عليه أم العكس؟ هل يزيد هذا من مسئوليتنا عن قتله أم يقللها؟ ويفيد هذا أيضا في تصنيف الموضوعات بناء على الأولوية؛ فمن الممكن أن يحظى موضوع ما باهتمام الرأي العام أكثر من موضوع آخر؛ وعليه، ففي بريطانيا في عام 2004، اكتسبت القسوة الموجهة لآلاف الثعالب أولوية سياسية على القسوة الموجهة لملايين الدجاج؛ فالمواطنون الذين يأكلون الدجاج أكثر بكثير من المواطنين الذين يصطادون الثعالب، ولكن يستبعد موضوع المعاملة الرحيمة في تربية الدجاج من سلم الأولويات السياسية؛ وفي الوقت نفسه، تعيش ملايين الحيوانات الأخرى حياة مترفة نسبيا كحيوانات أليفة تربى في المنازل. فالتعريفات التي تحدد دلائل القسوة تجاه الحيوانات، وأي الحيوانات مهمة وأيها غير مهمة، والمسئوليات التي يتحملها البشر تجاه الحيوانات؛ كلها أمور تتطلب النقاش.
وكانت العلاقة بين البشر والحيوانات محل بحث ومناقشة في الفلسفة وفي عدة مجالات أخرى في العصور القديمة، مثل الحكايات الرمزية والأعمال الكوميدية والشعر، وأفضل مثال كوميدي نجده في مسرحية «الطيور» من تأليف أريستوفان، وفيها يستولي أحد البشر على العالم من قبضة الآلهة ويعيده إلى القوة الكونية الأقدم، وهي الطيور. وتدور المسرحية في قالب قائم على فكرة المدينة الفاضلة، وتزخر بالمقارنات القائمة على التشابه بين التجربة البشرية وحياة الطيور. ومع ذلك، تظل العلاقة الأساسية بين عالمي البشر والطيور كما هي دون تغيير في الجزئيات المهمة المتعلقة بمن يأكل من، ومن يقدم ماذا كقربان لمن؛ فتظل الطيور تؤكل (في حالة إيمانهم بعقيدة خاطئة)، ويظل البشر يقدمون قرابين للآلهة (ويلكنز 2000). وتوجد مسرحية مشابهة وهي «الأسماك» كتبها كاتب معاصر لأريستوفان، وهو أركيبوس؛ وفي هذه المسرحية أيضا، نجد مقارنات وروابط بين عالم الأسماك وعالم البشر.
وفي الشعر الملحمي الوعظي، تتناول قصيدة «هاليوتيكا» من تأليف أوبيان عالم الأسماك، وألفها في نفس العصر تقريبا الذي شهد تأليف «مأدبة الحكماء» أو «ديبنوسوفيستاي». وتشمل هذه القصيدة وصفا تفصيليا لعالم البحر. ونرى العلاقة بين البشر والأسماك علاقة عداوة، تشبه العلاقة بين البشر والحيوانات البرية، وهي العلاقة التي كتب عنها أوبيان أيضا في شعر ملحمي (بورسيل 1995)؛ فالبحر عميق وواسع إلى حد يصعب معه فهمه فهما كاملا؛ إذ تكمن فيه عجائب جمة، مثل التي وجدها بلينوس على الأرض كما ذكر في كتابه «التاريخ الطبيعي». وفي الوقت نفسه، غالبا ما يصور المؤلفون الأسماك بكلمات تنطبق على الأسر والمجتمعات البشرية؛ ولذلك يقول أوبيان متحدثا عن سمك التونة (1، 756-764):
أعتقد أن ما من سمكة تعيش في البحر تفوقها فوضوية وجموحا (أثيميستيرون) أو تتفوق عليها في الشر؛ إذ إن السمكة الأم بعد أن تضع البيض وتفلت من ألم المخاض الفظيع، فإنها تلتهم كل ما تستطيع التهامه من البيض؛ إنها أم عديمة الرحمة تلتهم صغارها وهم ما زالوا عاجزين عن الهرب، ولا تبدي أي شفقة على صغارها. وتوجد كذلك أنواع من الأسماك لا تتكاثر بالتزاوج (غامويسي) أو الولادة، فهي أنواع تتكاثر ذاتيا: وكل أنواع المحار تنشأ بالطريقة نفسها. (ترجمه إلى الإنجليزية: ماير)
ونقرأ في الجزء الثاني (43-45):
Bilinmeyen sayfa