والبردة ذات أشكال وألوان مختلفة ولكنها جميعا لا تختلف عن هذا الوصف الذي ذكرناه، واللون الشائع هو الأبيض وقد يرجع السبب في تفضيله إلى حرارة الجو.
ومع صرامة التقاليد التي تمنع المرأة من مغادرة منزلها إلا لأمر هام، فإنه ليس غريبا أن ترى نساء يرتدين البردة وقد جلسن إلى جانب أزواجهن في دور السينما لمشاهدة الروايات الغرامية والاستماع إلى أغاني العشق والهيام ... بل لقد رأيت ما هو أعجب من هذا، رأيت فتيات وسيدات في مكتبة جامعة لاهور وقد ارتدين البردة وانتحين جانبا من القاعة وأخذن يطالعن في الكتب والمراجع المختلفة.
بل رأيت في المجلس النيابي بالولايات الشمالية «عضوين» من النساء، وقد جلستا في أحد أركان القاعة وأخذتا في الاطلاع على جدول الأعمال ومتابعة المناقشات والاشتراك فيها، وكلتاهما ترتدي «البردة» السوداء اللون، وسألت عنهما فقيل لي إنهما من أنشط أعضاء المجلس النيابي وإنهما يواظبان على الحضور أكثر من الرجال، كما أنهما تدافعان عن رأيهما بحرارة ... كل ذلك من وراء ستار البردة.
ولكن إذا كان بعض الرجال يسمحون لبناتهم أو لنسائهم بالقيام بمهام التمثيل السياسي أو بالتردد على المكتبات أو الجامعات وهن مرتديات «البردة»، فإن هناك رجالا آخرين لا يسمحون لفتياتهم أو لنسائهم بمغادرة المنزل إلا في حالتين اثنتين، هما حالة الفرح وحالة الحزن.
ويبدأ ارتداء البردة في سن مبكرة، إذ لا تكاد الفتاة تبلغ الثالثة عشرة من عمرها حتى يلزمها أهلها بارتداء البردة، وإذا ارتدتها فإنها غالبا لا تخلعها إلا بعد موتها.
كنا نزور قبائل الشمال المعروفة باسم «الباتان»، وهي قبائل لها تقاليدها الخاصة التي تحافظ عليها ولا تتخلى عنها، كما أنها أشد محافظة على التقاليد من أهل الولايات الأخرى، وكان معنا في السيارة أحد أعيان تلك الجهات وهو يعرف هناك باسم «سيد»، لأنه لا يتبع قبيلة معينة وإنما يعتبر نفسه قاسما مشتركا بين جميع القبائل بحكم نسبه الشريف.
قال لنا إنه لم يشهد السينما الناطقة بعد!
ولما سألناه: لماذا؟ قال: لأن آخر فيلم شهدته كان يمثل ابنة أمير شرقي تقع في غرام رجل أجنبي، وكان ذلك في عهد السينما الصامتة منذ أكثر من 30 عاما.
واستطرد الرجل قائلا: ومنذ رأيت هذا الفيلم صممت على ألا أدخل السينما، وقد بررت بوعدي.
وسألته: وزوجتك وبناتك هل يترددن على السينما؟
Bilinmeyen sayfa