1
وقد كان لهذا التهديد بحرمان باكستان من المياه أثر عميق في نفوس الباكستانيين، فقد كانت مياه الأنهار الستة، وهي السند وجيهلم وجيناب وراوي وستلج وبياس، ومجموعة القنوات التي تربط بينها ذات أهمية حيوية للزراعة في شبه القارة.
أما الهند فقد استنكرت هذا الاتهام بكل شدة وقالت إنه لم يدر أي تفكير في مشروع كهذا، وأشارت إلى الاستحالة المادية التي تعترض التصرف في هذه المياه وإلى ما يتكلفه تنفيذها، بفرض إمكانه، من أموال طائلة. كما أشارت إلى أن كميات المياه في هذه الأنهار من الوفرة بحيث يمكن أن تكفي حاجة الدولتين.
ولكن على الرغم من هذا ظلت الباكستان في قلق بسبب مشكلة المياه، وذلك لأن باكستان الغربية تعتمد اعتمادا كليا على مياه حوض نهر السند التي تستمد منها حياتها، وسكان هذا الإقليم يتزايدون بكثرة، وقد زاد عليهم عدد اللاجئين الذين هاجروا إليه من الهند ، وكل هؤلاء بحاجة إلى كل مياه الري التي سبق أن أحالت في الماضي 31 مليون فدان من أراض صحراوية إلى أراض زراعية تعد من أخصب أراضي العالم التي تنتج الحبوب.
وقد كان من الوسائل التي عمدت إليها بريطانيا في مكافحة المجاعات المروعة التي كانت تكتسح إمبراطوريتها بالهند في النصف الأخير من القرن التاسع عشر؛ إقامة نظام للري في إقليمي البنجاب والسند يعتبر من أحسن وأعظم أعمال الري في العالم كله، وقد ساعد هذا النظام على استغلال مياه الأنهار الخمسة التي تصب في نهر السند، وهي أنهار جيلوم وشناب وراوي وبياس وستلج، وفي تحويل 36,5 مليون فدان من الأراضي الصحراوية إلى جنات زاهرة أطلق عليها بحق «سلة الخبز» بالهند. ويكفي لكي نبين أهمية هذه الأنهار الخمسة لإقليم البنجاب أن نذكر أن كلمة «بنجاب» مشتقة منها، فكلمة «بانج» باللغة الأوردية معناها «خمسة» و«آب» معناها ماء، وعلى هذا يكون معنى «بنجاب» أرض الأنهار الخمسة.
ولولا كميات المياه التي تفيض بها هذه الأنهار لتحولت كل هذه الأراضي الخصيبة في الحال إلى صحار جرداء.
وتزخر أنهار حوض السند بالمياه الغزيرة في شهور يونيه ويوليه وأغسطس من كل عام، وذلك حين تنساب الثلوج المذابة في أعلى التلال وتتضاعف كمياتها بالتقائها بمياه الأمطار الموسمية في المناطق التي تتجمع فيها مياه هذه الأنهار، وتقل الإفادة من هذه المياه عند حلول موسم الفيضان وتنساب كميات كبيرة منها إلى البحر.
وقد كانت المياه توزع توزيعا عادلا بين الولايات بما يتفق مع القواعد الدولية المرعية، بمعنى أن من يستغل هذه المياه عند أعلى مجاريها يجب أن يحترم حاجة من يريد الإفادة منها عند مصابها، ولذلك وضعت اللوائح المفصلة لحماية حقوق أصحاب الحاجة إلى هذه المياه عند المجاري السفلى.
وقد أعيد النظر في هذه المبادئ في عام 1942 على يد لجنة السند (لجنة راو)، وقد جاء في تقريرها أن إقامة سد «بهكرا» على أعالي نهر ستلج سيؤثر على كميات المياه التي تحصل عليها السند من ستلج، وقد وضع هذا التقرير على أثر احتجاج تقدم به إقليم السند. •••
وعند تنفيذ قرار التقسيم اتفق الطرفان على عدم إجراء أي تعديل في نظام توزيع مياه الري كنتيجة لتخطيط الحدود الدولية الجديدة، لأن هذا المبدأ منصوص عليه في التقرير الذي وضعته لجنة تقسيم البنجاب، وجاء فيه ما يلي:
Bilinmeyen sayfa