Tebsire
التبصرة
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
أَنْ تَنْزَجِرُوا عَنِ الْخِلافِ ﴿وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ﴾ أَيْ بَيَّنَّا لَكُمُ الأَشْبَاهَ.
﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ﴾ فِي الْمُشَارِ إِلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ نُمْرُودُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁: قَالَ نُمْرُودُ: لا أَنْتَهِي حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى السَّمَاءِ. فَأَمَرَ بِأَرْبَعَةٍ مِنَ النُّسُورِ فَرُبِّيَتْ وَاسْتُعْجِلَتْ، ثُمَّ أَمَرَ بِتَابُوتٍ فَنُحِتَ، ثُمَّ جَعَلَ فِي وَسَطِهِ خَشَبَةً، وَجَعَلَ [عَلَى] رَأْسِ الْخَشَبَةِ لَحْمًا شَدِيدَ الْحُمْرَةِ، ثُمَّ جَوَّعَهَا وَرَبَطَ أَرْجُلَهَا بِأَوْتَارٍ إِلَى قَوَائِمِ التَّابُوتِ، وَدَخَلَ هُوَ وَصَاحِبٌ لَهُ فِي التَّابُوتِ، وَأَغْلَقَ بَابَهُ ثُمَّ أَرْسَلَهَا، فَجَعَلَتْ تُرِيدُ اللَّحْمَ، فَصَعِدَتْ فِي السَّمَاءِ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ لِصَاحِبِهِ: افْتَحْ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى. فَفَتَحَ فَقَالَ: أَرَى الأَرْضَ كَأَنَّهَا الدُّخَانَ. فَقَالَ: أَغْلِقْ. فَصَعِدَ مَا شَاءَ اللَّهُ
تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: افْتَحْ فَقَالَ: مَا أَرَى إِلا السَّمَاءَ وَمَا تَزْدَادُ مِنْهَا إِلا بُعْدًا. فَقَالَ: صَوِّبْ خَشَبَتَكَ. فَصَوَّبَهَا فَانْقَضَّتِ النُّسُورُ تُرِيدُ اللَّحْمَ، فَسَمِعَتِ الْجِبَالُ هَدَّتَهَا فَكَادَتْ تَزُولُ عَنْ مَوَاضِعِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ بُخْتَنَصَّرَ، وَأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ لَهُ جَرَتْ، وَأَنَّ النُّسُورَ لَمَّا ارْتَفَعَتْ نُودِيَ: يَا أَيُّهَا الطَّاغِي أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَفَرَقَ فَنَزَلَ. فَلَمَّا رَأَتِ الْجِبَالُ ذَلِكَ ظَنَّتْ أَنَّهُ قِيَامُ السَّاعَةِ، فَكَادَتْ تَزُولُ. وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الإِشَارَةَ إِلَى الأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمَكْرُهُمْ شِرْكُهُمْ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَالرَّابِعُ: [أَنَّهُمُ] الَّذِينَ مَكَرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ هَمُّوا بِقَتْلِهِ وَأَخْرَجُوهُ. ذَكَرَهُ بَعْضُ المفسرين.
قوله تعالى: ﴿وعند الله مكرهم﴾ أَيْ جَزَاؤُهُ ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجبال﴾ مَنْ كَسَرَ اللامَ الأُولَى فَإِنَّ الْمَعْنَى: وَمَا كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ. أَيْ هُوَ أَضْعَفُ وَأَهْوَنُ وَمَنْ فَتَحَ [تِلْكَ] اللامَ أَرَادَ: قَدْ كَادَتِ الْجِبَالُ تَزُولُ مِنْ مَكْرِهِمْ.
وَفِي الْمُرَادِ بِالْجِبَالِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: الْجِبَالُ الْمَعْرُوفَةُ. قَالَهُ الجمهور.
1 / 95