Tebsire
التبصرة
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
نَشْرِ دَوَاوِينِكَ، وَابْذُلْ قُوَاكَ فِي ضَعْفِكَ وَلِينِكَ، قَبْلَ أَنْ يَدْنُوَ الْعَذَابُ فَتَجِدَ مَسَّهُ، ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ الله نفسه﴾ .
لَمَّا سَمِعَ الْمُتَيَقِّظُونَ هَذَا التَّحْذِيرَ فَتَحُوا أَبْوَابَ الْقُلُوبِ لِنُزُولِ الْخَوْفِ، فَأَحْزَنَ الأَبْدَانَ وَقَلْقَلَ الأَرْوَاحَ فَعَاشَتِ الْيَقَظَةُ بِمَوْتِ الْهَوَى، وَارْتَفَعَتِ الْغَفْلَةُ بِحُلُولِ الْهَيْبَةِ، وَانْهَزَمَ الْكَسَلُ بِجَيْشِ الْحَذَرِ، فَتَهَذَّبَتِ الْجَوَارِحُ مِنَ الزَّلَلِ وَالْعَزَائِمُ مِنَ الْخَلَلِ، فَلا سُكُونٌ لِلْخَائِفِ وَلا قَرَارٌ لِلْعَارِفِ، كُلَّمَا ذَكَرَ الْعَارِفُ تَقْصِيرَهُ نَدِمَ عَلَى مُصَابِهِ، وَإِذَا تَصَوَّرَ مَصِيرَهُ حَذِرَ مِمَّا فِي كِتَابِهِ، وَإِذَا خَطَرَ الْعِتَابُ بِفِنَائِهِ فَالْمَوْتُ مِنْ عِتَابِهِ، فَهُوَ رَهيِنُ الْقَلَقِ بِمَجْمُوعِ أَسْبَابِهِ.
كَانَ دَاوُدُ ﵇ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ نِيَاحَتِهِ عَلَى ذَنْبِهِ أَقْلَعَ مَجْلِسُهُ عَنْ أَلُوفٍ قَدْ مَاتُوا مِنَ الْخَوْفِ عِنْدَ ذِكْرِ رَبِّهِ.
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ يَمُرُّ بِالآيَةِ فِي وِرْدِهِ فَيَبْكِي حَتَّى يَسْقُطَ وَيَبْقَى فِي الْبَيْتِ مَرِيضًا يُعَادُ.
وَقَرَأَ الْحَسَنُ لَيْلَةً عِنْدَ إِفْطَارِهِ ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة﴾ فَبَقِيَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لا يَطْعَمُ.
حَقِيقٌ بِمَنْ عَلِمَ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَتَيَقَّنَ أَنَّ الْعَمَلَ يُحْصَى عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الرَّحِيلِ
عمل لَدَيْهِ، إِلَى مَوْقِفٍ صَعْبٍ يُسَاقُ إِلَيْهِ، يَتَجَافَى عَنْ مُضْطَجَعِ الْبَطَالَةِ بِجَنْبَيْهِ.
قَالَ حَاتِمٌ الأَصَمُّ: مَنْ خَلا قُلْبُهُ مِنْ ذِكْرِ أَخْطَارِ أَرْبَعَةٍ فَهُوَ مُغْتَرٌّ، فَلا يَأْمَنُ الشَّقَاءَ.
الأَوَّلُ: خَطَرُ يَوْمِ الْمِيثَاقِ، حِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هَؤُلاءِ فِي الْجَنَّةِ وَلا أُبَالِي وَهَؤُلاءِ فِي النَّارِ وَلا أُبَالِي؛ وَلا يَعْلَمُ فِي أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ كَانَ؟
وَالثَّانِي: حِينَ خُلِقَ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ، فنودي الْمَلَكُ بِالشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ،
1 / 82