Tebsire
التبصرة
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
[فَقَرَأَهُ] فَإِذَا فِيهِ: تُؤْثِرُونَ فَانِيًا عَلَى بَاقٍ، وَلا تَغْتَرَّ بِمُلْكِكَ وَسُلْطَانِكَ وَعَبِيدِكَ وولَدك، فَإِنَّ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ جَسِيمٌ لَوْلا أَنَّهُ عَدِيمٌ، وهو مُلك لولا أنّ بعده هُلك، وَهُوَ فَرح وَسُرُورٌ لَوْلا أَنَّهُ لَهْوٌ وَغُرُورٌ، وَهُوَ يومٌ لَوْ كَانَ يُوثَقُ فِيهِ بغدٍ، فَسَارِعْ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: ﴿وَسَارِعُوا إلى مغفرة من ربكم﴾ .
فَانْتَبَهَ فَزِعًا [مَرْعُوبًا] وَقَالَ: هَذَا تَنْبِيهٌ مِنَ اللَّهِ ﷿ وَمَوْعِظَةٌ. فَخَرَجَ مِنْ مُلْكِهِ لا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ وَقَصَدَ هَذَا الْجَبَلَ فَتَعَبَّدَ فِيهِ، فَلَمَّا بَلَغَنِي أَمْرُهُ قَصَدْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي بِبَدْءِ أَمْرِهِ وَحَدَّثْتُهُ بِبَدْءِ أَمْرِي فَمَا زِلْتُ أَقْصُدُهُ حَتَّى مَاتَ، وَهَذَا قَبْرُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي صَادِقٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ بَاكَوِيَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَرْدُبِيلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُوَفَّقِ، قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً وَظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ أَصْبَحْتُ وَإِذَا عَلَيَّ لَيْلٌ، فَقَعَدْتُ عِنْدَ بَابٍ صَغِيرٍ، وَإِذَا بِصَوْتِ شَابٍّ يَبْكِي وَيَقُولُ: وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِكَ مُخَالَفَتَكَ، وَقَدْ عَصَيْتُكَ حِينَ عَصَيْتُكَ وَمَا أَنَا بِنَكَالِكَ جَاهِلٌ، وَلا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ وَلا بِنَظَرِكَ مُسْتَخِفٍّ، وَلَكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي وَغَلَبَتْ عَلَيَّ شِقْوَتِي، وَغَرَّنِي سِتْرُكَ الْمُرْخَى عَلَيَّ، والآن فمن عذابك من ينقذني، وَبِحَبْلِ مَنْ أَتَّصِلُ إِنْ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي، وَاسَوْأَتَاهْ مِنْ تصرُّم أَيَّامِي فِي مَعْصِيَةِ رَبِّي، يَا وَيْلِي! كَمْ أَتُوبُ وَكَمْ أَعُودُ، قَدْ حان [لي] أن أستحي مِنْ رَبِّي.
قَالَ مَنْصُورٌ: فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلامَهُ قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. بِسْمِ الله الرحمن الرحيم: ﴿يأيها الذين ءامنوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ الآيَةَ. فَسَمِعْتُ صَوْتًا وَاضْطِرَابًا شَدِيدًا وَمَضَيْتُ لِحَاجَتِي، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ رَجَعْتُ، وَإِذَا جِنَازَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْبَابِ، وَعَجُوزٌ تَذْهَبُ وَتَجِيءُ فَقُلْتُ لَهَا: مَنْ هَذَا الْمَيِّتُ مِنْكِ؟ فَقَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي لا تُجَدِّدْ عَلَيَّ أَحْزَانِي. قُلْتُ
1 / 36