Tebsire
التبصرة
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
(إِذَا كَانَ مَا فِيهِ الْفَتَى عَنْهُ زَائِلا ... فَسِيَانٌ فِيهِ أَدْرَكَ الْحَظَّ أَوْ أَخْطَا)
(وَلَيْسَ يفي يومًا سرور وَغِبْطَةً ... بِحُزْنٍ إِذَا الْمُعْطِي اسْتَرَدَّ الَّذِي أَعْطَى)
لَقَدْ وَعَظَ الزَّمَنُ بِالآفَاتِ وَالْمِحَنِ، لَقَدْ حَدَّثَ مَنْ لَمْ يُظْعِنْ بِالظَّعْنِ، وَخَوَّفَ الْمُطْلَقَ بِالْمُرْتَهَنِ، تَاللَّهِ لَوْ صَفَتِ الْفِطَنُ لأَبْصَرَتْ مَا بَطَنَ، إِخْوَانِي: أَمْرُ الْمَوْتِ قَدْ عَلَنَ، كَمْ طَحْطَحَ الرَّدَى وَكَمْ طَحَنَ، يَا بَائِعًا لِلْيَقِينِ مُشْتَرِيًا لِلظِّنَنِ، يَا مُؤْثِرًا الرَّذَائِلَ فِي اخْتِيَارِ الْفِتَنِ، إِنَّ السُّرُورَ وَالشُّرُورَ فِي قَرَنٍ.
(أَجَلُّ هِبَاتِ الدهر ترك المواهب ... تمد لِمَا أَعْطَاكَ رَاحَةَ نَاهِبِ)
(وَأَفْضَلُ مِنْ عَيْشِ الْغِنَى عَيْشُ فَاقَةٍ ... وَمِنْ زِيِّ مَلِكٍ رَائِقٍ زِيُّ رَاهِبِ)
(وَلِي مَذْهَبٌ فِي هَجْرِي الإِنْسِ نَافِعٌ ... إِذَا الْقَوْمُ خَاضُوا فِي اخْتِيَارِ الْمَذَاهِبِ)
(أَرَانَا عَلَى السَّاعَاتِ فُرْسَانُ غَارَةٍ ... وَهُنَّ بِنَا يَجْرِينَ جَرْيَ السَّلاهِبِ)
(وَمِمَّا يَزِيدُ الْعَيْشَ إِخْلاقَ مَلْبَسٍ ... تَأَسُّفُ نَفْسٍ لَمْ تُطِقْ رَدَّ ذَاهِبِ)
لَقَدْ تَكَاثَفَتْ ذُنُوبُكَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَعَاظَمَتْ عُيُوبُكَ فَمَلأَتِ الأَرْضَ طُولا وَعَرْضًا، وَهَذَا الْمَوْتُ يَرْكُضُ نَحْوَ رُوحِكَ رَكْضًا، وَعِنْدَكَ مِنَ الدُّنْيَا فَوْقَ مَا يَكْفِي وَمَا تَرْضَى، أَأَمِنْتَ عَلَى مَبْسُوطِ الأَمَلِ بَسْطًا وَقَبْضًا، كَمْ حَصَرَ الرَّدَى إذا أتى غصنًا غصًا، كَمْ بُلْبُلٍ بَالا وَمَا بَالَى هَدْمًا وَنَقْضًا، اسْمَعْ مِنِّي قَوْلا نُفُوعًا وَنُصْحًا مَحْضًا، كَمْ قَدْ جَنَيْتَ طَوِيلا فَكُنْ مِنَ الْيَوْمِ ذَلِيلا أَرْضًا.
قَالَ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لَقِيتُ جَارِيَةً سَوْدَاءَ قَدِ اسْتَلَبَهَا الْوَلَهُ مِنْ
حُبِّ الرَّحْمَنِ شَاخِصَةً بِبَصَرِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ فَقُلْتُ: عَلِّمِينِي شَيْئًا مِمَّا عَلَّمَكِ اللَّهُ. فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْفَيْضِ، ضَعْ عَلَى جَوَارِحِكَ نِيرَانَ الْقِسْطِ حَتَّى يَذُوبَ كُلُّ مَا كَانَ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَيَبْقَى الْقَلْبُ مُصَفَّى لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ الرَّبِّ ﷿، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقِيمُكَ عَلَى الْبَابِ وَيُوَلِّيكَ وَلايَةً جَدِيدَةً وَيَأْمُرُ الْخُزَّانَ لَكَ بِالطَّاعَةِ. فَقُلْتُ: زِيدِينِي رَحِمَكِ اللَّهُ! فَقَالَتْ: خُذْ مِنْ نَفْسِكَ لِنَفْسِكَ وَأَطْلِعِ اللَّهَ إِذَا خَلَوْتَ بِحُبِّكَ إِذَا دَعَوْتَ.
1 / 133