Arap Bilim Mirasında Soğutma
التبريد في التراث العلمي العربي
Türler
39
قال ابن رشد: «وهذه القوة هي القوة التي من شأنها أن تستكمل بمعاني الأمور الملموسة، والملموسات كما قيل في كتاب «الكون والفساد» إما أول، وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة؛ وإما ثوان، وهي المتولدة عن هذه كالصلابة واللين، وهذه القوة لما كانت إنما تدرك هذه الملموسات على نحو ترتيبها في وجودها فهي تدرك الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة أولا وبالذات، وتدرك الكيفيات الأخرى المتولدة عن هذه بتوسط هذه؛ ولهذه العلة بعينها لزم أن تكون هذه القوة تدرك أكثر من تضاد واحد بخلاف ما عليه الأمر في البصر والسمع؛ وذلك أنه لما كانت إنما تدرك هذه الملموسة على نحو كنهها في وجودها، وكانت كل واحدة من هذه الكيفيات تقترن به كيفية أخرى كالحرارة التي تقترن بها اليبوسة والرطوبة، كان إدراكها لهذه القوى معا.»
40 (8) فخر الدين الرازي (القرن 7ه/13م)
لم يضف الإمام فخر الدين (توفي 606ه/1210م) على ما سبق وذكره السابقون فيما يتعلق بحاسة اللمس.
قال الإمام: «ذكروا أن قوى اللمس أربع: الحاكمة بين الحار والبارد، والحاكمة بين الرطب واليابس، والحاكمة بين الصلب واللين، والحاكمة بين الأملس والخشن. وزاد بعضهم الحاكمة بين الثقيل والخفيف، وذلك بناء على أن القوة الواحدة لا تصدر عنها أفعال مختلفة. [قالوا] لكن هذه القوى لانتشارها في البدن ظلت قوة واحدة، ولا استحالة في أن تكون الآلة الواحدة آلة للقوتين، كما أن الرطوبة الجليدية فيها قوة باصرة وقوة لامسة. [و]قالوا من خواص قوة اللمس أن حاملها هو الواسطة، ومن شروط الواسطة خلوها عن الكيفية التي تؤديها حتى تنفعل عنها انفعالا جديدا فيقع الإحساس به المدرك للحرارة والبرودة، مثلا يجب ألا يكون موصوفا بهما، وليس ذلك لأجل أنه لا حظ له منهما؛ لأنه مركب من العناصر الأربعة، فهو إذن لأجل أن تكون الكيفيات فيه إلى الاعتدال حتى يحس بالخارج عنه؛ فالأقرب إلى الاعتدال أشد إحساسا، ولم تكن العناصر الأربعة البسيطة معتدلة الكيفيات، لم تكن لها قوة اللمس؛ فليس لها حياة أصلا.»
41 (9) عبد اللطيف البغدادي (القرن 7ه/13م)
وجد عبد اللطيف البغدادي (توفي 628ه/1231م) أن حاسة اللمس أقوى حاسة في عملية الإدراك، وأصدق ما يمكن الاعتماد عليه بين الحواس، لكننا سبق ووجدنا كيف أن مسكويه أشار إلى عدم أمانة وصدق هذه الحاسة؛ نظرا لاختلاف الإحساس الذي تعطيه لدى لمس الماء الحار ثم الماء البارد.
قال عبد اللطيف البغدادي: «وكل واحد من الحواس له عضو خاص به هو آلة له ما خلا حاسة اللمس؛ فإنها سارية في الجلد بأسره، وفي كثير من اللحم الكائن تحته، وبالجملة في كل ما أنبت فيه عصب الحس. وهذه الحواس على طبقات؛ فأولها ما يدرك من محسوسه أعراضه القارة فيه والمتصلة به، وذلك عند مباشرته له كحاسة اللمس في إدراك الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والخفة والثقل واللين والصلابة والملامسة والخشونة ونحو ذلك، وهذه الحاسة عامة للحيوان ومقدمة على سائر الحواس، وهي أثبت معرفة وأقوى إدراكا وأصدق حكما.»
42
كما يؤخذ على البغدادي أنه صنف كل ما يحس باللمس تحت باب واحد، أما جالينوس فيبدو أقرب إلى الحقيقة العلمية التي نعرفها نحن اليوم؛ فقد قرر جالينوس أن اللمس والحرارة والبرودة تدرك بشكل مباشر، إلا أن الصفات الأخرى كالليونة واليبوسة والصلابة والرطوبة تحتاج إلى وظيفة أعلى من التنبيه المباشر للعصب؛ فهي أحد أعمال الذهن الذي يصدر حكمه بناء على الخبرة. وقد بين العلم المعاصر أنه توجد ثلاث صفات أساسية للمس هي الحرارة والبرودة والألم، ولكل واحدة منها أعضاؤه وأعصابه الخاصة، أما بقية الحواس فإنها ترتكز على عملية نفسية معقدة تتناول الأحاسيس الأولية بالتحليل والتركيب.
Bilinmeyen sayfa