ماذا فاتك من تلك المشاهد؟ فقال: يا سيدي والله فاتني أفاضلها، يعني الحانات.
حدَّثني ابن داوود قال: حدَّثني العوفي قال: دخل أبو دلامة على المهدي وعنده عيسى بن موسى والعباس بن محمد وناس من بني هاشم، فقال له المهدي: اهج أينا شئت. فنظر إلى القوم وتصفحهم، فكلما مر نظره إلى رجل غمز بعينه: إني على رضاك ولا تفعل. فمكث هنيهة ثم أنشأ يقول:
ألا أبلغ لديك أبا دلامة ... فلست من الكرام ولا كرامة
جمعت دمامة وجمعت لؤمًا ... كذاك اللؤم تتبعه الدمامة
فإن تك يا عليج أصبت مالًا ... فيوشك أن تقوم بك القيامة
إذا لبس العمامة قلت قرد ... وخنزير إذا وضع العمامة
فضحك المهدي وتعجب من حسن ما أتى به من التخلص مما كان دفع إليه، فلم يبق أحد في القوم إلا وصله وأهدى إليه.
وخرج أبو دلامة مع روح بن حاتم في بعض الحروب، فلما التقى الجمعان قال أبو دلامة: لو أنّ تحتي فرسًا من خيلك، وفي وسطي ألف دينار، لأشجيت عدوك نجدة وإقداما. قال روح: ادفعوا إليه ذلك فلما أخذه أنشأ يقول:
إني أعوذ بروح أن يقدمني ... إلى القتال فتشقى بي بنو أسد
إن الملهب حب الموت أورثكم ... ولم أرث نجدة في الحرب عن أحد
فأجابه روح، وكان شاعرًا أديبًا بطلا شجاعًا هزبرًا ليثًا:
هون عليك فلن أريدك في وغى ... لتطاعن وتناوش وضراب
كن واقفًا في الجيش آخر آخر ... فإن انهزمت مضيت في الهراب
1 / 57