بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونستهديه ونؤمن بِهِ ونتوكل عَلَيْهِ ونسأله الْخَيْر كُله ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وَمن سيئات أَعمالنَا من يهده اللَّه فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدا عَبده وَرَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
حَدَّثَنَا أَبِي الشَّيْخُ الإِمَامُ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ فِيمَا قَرَأَهُ عَلَيْنَا مِنْ لَفْظِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ السَّقَطِيِّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْعَظِيمِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بَاقَا إِجَازَةً أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُقَوِّمِيُّ إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا ثُمَّ ظَهَرَ سَمَاعُهُ مِنْ بَعْدُ أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْمُنْذِرِ الْخَطِيبُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ بَحْرٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَاجَهِ الْحَافِظُ حَدثنَا أَبُو بكر ابْن أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلانِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى
ح وَأَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْعَبَّاسِ الأَشْعَرِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمهتَارِ إِجَازَةً وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْعَطَّارِ سَمَاعًا عَلَى سَمَاعٍ أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الصَّلاحِ أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْفُرَاوِيُّ بِنَيْسَابُورَ أَخْبَرَنَا
1 / 5
أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ الْحَافِظُ
ح قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ وَأَخْبَرَنَا الشَّيْخَانِ أَبُو النَّجِيبِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُثْمَانَ الْقَارِي وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنُ سَعِيدٍ الطَّبَرِيُّ الصَّرَّامُ بِنَيْسَابُورَ قَالا أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسْعَدِ هِبَةُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْقُشَيْرِيُّ أَخْبَرَتْنَا جَدَّتِي الْحُرَّةُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الأُسْتَاذِ أَبِي عَلِيٍّ الدَّقَّاقِ قَالا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الشَّيْخُ ابْن مَامُوَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا قُرَّةُ
ح قُلْتُ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوهيُّ أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْجُودِ الْبَغْدَادِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي غَالِبِ بْنِ الْوَرَّاقِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ الْخَوَارَزْمِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ قُرَّةَ
1 / 6
ح قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ النَّيْسَابُورِيُّ فَقِيهُ نَيْسَابُورَ وَمُفْتِيهَا قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِهَا أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسْعَدِ الْقُشَيْرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحِميِد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَحِيرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم عبد الْملك ابْن الْحَسَنِ الإِسْفَرَايِينِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ إِنَّ يُوسُفَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْمِصِّيصِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الطَّرَسُوسِيَّ وَأَبَا الْعَبَّاسِ الْغَزِّيَّ وَالْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثُونَا قَالُوا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوِيلٍ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ أَقْطَعُ هَذَا لَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ
وَلَفْظُ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ بِالْحَمْدِ للَّهِ أَقْطَعُ
وَلَفْظُ الْبَغَوِيِّ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالْكُلُّ بِلَفْظِ أَقْطَعُ مِنْ غَيْرِ إِدْخَالِ الْفَاءِ عَلَى خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الأَدَبِ مِنْ سُنَنِهِ عَنْ أَبِي تَوْبَةَ هُوَ الْحَلَبِيُّ قَالَ زَعَمَ الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ قُرَّةَ بِهِ ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ يُونُسُ وَعُقَيْلٌ وَشُعَيْبٌ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُرْسَلا
1 / 7
وَرَوَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْوَلِيدِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ بِهِ وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ أَيْضًا عَنِ الْوَلِيدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الزُّهْرِيِّ رَفَعَهُ مِثْلَهُ وَعَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مُرْسَلا وَاللَّفْظُ كُلُّ كَلامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ أَدْخَلَ الْفَاءَ فِي الْخَبَرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ
وَقَدْ جَاءَ مَوْضِعَ كَلامٍ أَمْرٍ وَجَاءَ مَوْضِعَ أَقْطَعُ وَأَجْذَمُ أَبْتَرُ وَجَاءَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَجَاءَ مَوْضِعَ يُبْدَأُ يُفْتَحُ وَجَاءَ مَوْضِعَ الْحَمْدِ الذِّكْرِ وَجَاءَ مَوْضِعَ الْحَمْدِ أَيْضًا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَسَنَسُوقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بَعْدَ الْكَلامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَنَقُولُ
قَدْ أَخْرَجَ ابْنُ حَبَّانَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ
إِحْدَاهُمَا قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي الْعِشْرِينَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ قُرَّةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كُلُّ أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد اللَّهِ أَقْطَعُ وَبَوَّبَ عَلَى هَذَا بِالإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ ابْتِدَاءِ الْحَمْدِ للَّهِ جَلَّ وَعَلا فِي أَوَائِلِ كَلامِهِ عِنْدَ بَغْيِهِ مَقَاصِدِهِ
وَالثَّانِيَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ أَبُو عَلِيٍّ بِالرَّقَّةِ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ قُرَّةَ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِهِ حَرْفًا حَرْفًا فَكَأَنَّ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَ بِهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً عَنِ ابْنِ أَبِي الْعِشْرِينَ وَمَرَّةً عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ وَكِلاهُمَا حَدَّثَهُ بِهِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ
وَبَوَّبَ أَبُو حَاتِمٍ عَلَى هَذَا بِالأَمْرِ لِلْمَرْءِ أَنْ تَكُونَ فَوَاتِحُ أَسْبَابِهِ بِحَمْدِ اللَّهِ لِئَلا تَكُونَ أَسْبَابُهُ بَتْرًا وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْمُغَايَرَةِ لاسِيَّمَا وَاللَّفْظُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ أَبْتَرُ
1 / 8
بَلْ أَقْطَعُ كَمَا هُوَ فِي اللَّفْظِ الأَوَّلِ وَلَئِنِ ادَّعَى أَبُو حَاتِمٍ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الأَسْبَابِ وَالْكَلامِ وَقَالَ ذَكَرْنَا الطَّرِيقَ الأُولَى لِلدَّلالَةِ عَلَى افْتِتَاحِ الْكَلامِ بِالْحَمْدِ للَّهِ وَالثَّانِيَةَ لِلدَّلالَةِ عَلَى افْتِتَاحِ الأَسْبَابِ بِهَا نُقِلُّ لَهُ الْكَلامَ لِبَغْيِهِ الْمَقَاصِدِ مِنْ جُمْلَةِ الأَسْبَابِ وَهَبْ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَالْحَدِيثُ وَاحِدٌ فَإِنْ دَلَّ عَلَى الأَمْرَيْنِ فَاعْقَدْ لَهُمَا بَابًا وَاحِدًا وَمَا أَرَاهُ إِلا عَلَى عَادَتِهِ فِي تَكْثِيرِ الأَنْوَاعِ فَكَأَنَّهُ قَصَدَ بِالأَوَّلِ وَهُوَ الْكَلامُ الأَقْوَالَ وَبِالثَّانِي وَهُوَ الأَسْبَابُ الأَفْعَالَ وَلا طَائِلَ تَحْتَ هَذَا
وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدِ افْتَتَحَ هَذَا بِالأَمْرِ لِلْمَرْءِ وَذَاكَ بِالإِخْبَارِ لَهُ وَالأَمْرُ غَيْرُ الْخَبَرِ لأَنَّ الأَمْرَ إِنْشَاءٌ وَهُوَ قَسِيمٌ لِلْخَبَرِ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ ذِكْرُ الإِخْبَارِ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ فَاسْتَوَيَا ثُمَّ هَبْ أَنَّ الْحَالَ كَمَا زَعَمْتَ فَالدَّالُّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ غَيْرَ مَا أَحْسَبُ مِنْ أَنَّهُ قَصَدَ التَّنْوِيعَ إِلَى أَلْفَاظٍ وَأَفْعَالٍ
وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ
وَقَضَى ابْنُ الصَّلاحِ بِأَنَّ الْحَدِيثَ حَسَنٌ دُونَ الصَّحِيحِ وَفَوْقَ الضَّعِيفِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ رِجَالَهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ سِوَى قُرَّةَ قَالَ فَإِنَّهُ مِمَّنِ انْفَرَدَ مُسْلِمٌ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالتَّخْرِيجِ لَهُ
وَأَنا أَقُول لم يخرج لَهُ مُسلم إِلَّا فِي الشواهد مَقْرُونا بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهَا حكم الْأُصُول وَإِنَّمَا خرج لَهُ الْأَرْبَعَة أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وأدعي مَعَ ذَلِك أَن الحَدِيث صَحِيح كَمَا ادَّعَاهُ هَذَانِ الحبران ابْن حبَان وَابْن البيع
فَإِن قلت فَمَا حَال قُرَّة بْن عَبْد الرَّحْمَن عنْدكُمْ قلت هُوَ عِنْدِي فِي الزُّهْرِيّ ثِقَة ثَبت فقد قَالَ الْأَوْزَاعِيّ مَا أحد أعلم بالزهري مِنْهُ وَقَالَ يزِيد بْن السمط أعلم النَّاس بالزهري قُرَّة بْن عَبْد الرَّحْمَن ونازعه أَبُو حَاتِم فَقَالَ هَذَا الَّذِي قَالَه يزِيد
1 / 9
لَيْسَ بِشَيْء يحكم بِهِ عَلَى الْإِطْلَاق وَكَيف يكون قُرَّة أعلم النَّاس بالزهري وكل شَيْء رَوَى عَنهُ نَحْو سِتِّينَ حَدِيثا بل أتقن النَّاس فِي الزُّهْرِيّ مَالك وَمعمر وَيُونُس والزبيدي وَعقيل وَابْن علية هَؤُلَاءِ السِّتَّة أهل الْحِفْظ والإتقان والضبط والمذاكرة وبهم يعْتَبر حَدِيث الزُّهْرِيّ
قلت لَا شكّ أَن هَؤُلَاءِ أرجح من قُرَّة حفظا وضبطا لَكِن لَا عَلَى الْإِطْلَاق فقد يكون لقرة خُصُوصِيَّة زَائِدَة بالزهري وَإِلَّا فَهَذَا الْأَوْزَاعِيّ إِمَام أهل الشَّام كَلَامه يُؤَيّد كَلَام يزِيد بْن السمط ثمَّ أَنا لَا أَدعِي أَنه أرجح مِنْهُم فِي الزُّهْرِيّ وَإِنَّمَا أَقُول إِنَّه عَارِف بالزهري غير مُتَّهم فِيهِ وَلَيْسَ فِي كَلَام أَبِي حَاتِم مَا يدْرَأ ذَلِك بل ذكره إِيَّاه فِي كتاب الثِّقَات مَعَ مَا حَكَاهُ مِمَّا يدل عَلَى تبجيله وَإِن لم يُوَافق عَلَيْهِ عَلَى الْإِطْلَاق دَلِيل عَلَى مَا أدعيه
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو أَحْمَد ابْن عدي رَوَى الْأَوْزَاعِيّ عَنْ قُرَّةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بضعَة عشر حَدِيثا ولقرة أَحَادِيث صَالِحَة وَلم أر لَهُ حَدِيثا مُنْكرا وَأَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ
فَإِن قلت فقد قَالَ ابْن معِين إِنَّه ضَعِيف وَقَالَ أَحْمَد مُنكر الحَدِيث جدا وَقَالَ أَبُو زرْعَة الْأَحَادِيث الَّتِي يَرْوِيهَا مَنَاكِير وَقَالَ أَبُو حَاتِم وَالنَّسَائِيّ لَيْسَ بِقَوي وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي أَحَادِيثه نَكَارَة
قلت هَذَا الْجرْح إِن قبل فَلَا أقبله فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ وَلَئِن قبلته فِيهِ فَلَا أقبله فِي هَذَا الحَدِيث مِنْهُ فلحديث قُرَّة عِنْدِي دَرَجَات أدناها حَدِيثه عَن غير الزُّهْرِيّ كحديثه عَن عَطاء بْن أَبِي رَبَاح وَمَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر وكحديثه عَن حبيب بْن أَبِي ثَابت وأعلا مِنْهَا حَدِيثه عَنِ الزُّهْرِيِّ لما عرفت من خصوصيته بِهِ لَا سِيمَا
1 / 10
مَا حدث بِهِ عَنهُ الْأَئِمَّة مثل الْأَوْزَاعِيّ إِمَام أهل الشَّام وَاللَّيْث بْن سعد إِمَام أهل مصر وأعلا مِنْهَا هَذَا الحَدِيث بِخُصُوصِهِ فَهُوَ من أثبت أَحَادِيثه عَنِ الزُّهْرِيِّ لِأَنَّهُ انْضَمَّ إِلَى تحديث الْأَوْزَاعِيّ بِهِ عَنهُ وقبوله إِيَّاه مِنْهُ أَنه أَعنِي الْأَوْزَاعِيّ حدث بِهِ أَيْضًا عَن شَيْخه الزُّهْرِيّ وَأَن قُرَّة توبع عَلَيْهِ
وَإِنَّمَا قلت إِنَّه من أثبت أَحَادِيثه عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلم أقل إِنَّه أثبت أَحَادِيثه مُطلقًا لاحْتِمَال أَن يكون لَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدِيث حصل فِيهِ مثل مَا حصل فِي هَذَا من الْمُتَابَعَة وَغَيرهَا
فَأَما تحديث الْأَوْزَاعِيّ بِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ إِن مُحَمَّد بْن كثير رَوَاهُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ لم يذكر قُرَّة
قلت وَكَذَلِكَ حدث بِهِ خَارِجَة بْن مُصعب عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة لم يذكر قُرَّة أَيْضًا
حَدَّثَ بِهِ عَنْ خَارِجَةَ الْحَافِظُ عِيسَى بْنُ مُوسَى غُنْجَارُ فِيمَا أخبرنَا بِهِ أَحْمد بن عَليّ ابْن الْحَسَنِ بْنِ دَاوُدَ الْحَنْبَلِيُّ وَزَيْنَبُ بِنْتُ الْكَمَالِ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ إِبْرَاهِيمَ إِذْنًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمَكِّيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلِيلِيُّ الْحَافِظُ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا عِصْمَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الْبِيكَنْدِيُّ بِبُخَارَى حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَمَّارٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْبُخَارِيَّانِ قَالا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُوسَى غُنْجَارُ حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن
1 / 11
أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ كُلُّ كَلامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُبشر بن إِسْمَاعِيل عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ وَقَالَ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَقْطَعُ وَذَلِكَ فِيمَا أَنْبَأَنَاهُ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ شَيْخُنَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْقُضَاعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ بْنِ شَبِيبٍ الْحَرَّانِيُّ سَمَاعًا عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ بِدِمَشْقَ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَكْفَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ الْوَرَّاقُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَرْدَعِيُّ قَالا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عمرَان حَدثنَا مُحَمَّد ابْن صَالِحٍ الْبَصْرِيُّ بِهَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ شَرِيكٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الأَنْطَاكِيُّ حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ
فَإِن قلت إِذا كَانَ الْأَوْزَاعِيّ يرويهِ تَارَة عَنْ قُرَّةَ وَتارَة عَن شيخ قُرَّة فَهَذَا اضْطِرَاب فِي حَدِيثه
قلت الْأَوْزَاعِيّ أجل من أَن ينْسب حَدِيثه إِلَى الِاضْطِرَاب وَلَو كَانَ ثمَّ اضْطِرَاب لجعلنا الْحمل فِيهِ عَلَى الروَاة عَنهُ لَا عَلَيْهِ وَلَكِنِّي أَقُول لَا اضْطِرَاب فَإِنَّهُ لَا مَانع أَن يرْوى الحَدِيث تَارَة عَن وَاحِد وَتارَة عَن شيخ ذَلِك الْوَاحِد إِذا كَانَ قد سَمعه مِنْهُمَا
1 / 12
وَلَا سِيمَا عِنْد اخْتِلَاف اللَّفْظ وَذَلِكَ مَوْجُود فِي رِوَايَة مُبشر بْن إِسْمَاعِيل عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّهُ جعل الْبَسْمَلَة مَوضِع الحمدلة فَلَعَلَّهُ سَمعه من قُرَّة عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظ الحمدلة وسَمعه هُوَ من الزُّهْرِيّ بِلَفْظ الْبَسْمَلَة وَبِتَقْدِير اتِّحَاد اللَّفْظ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَهِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن كثير وخارجة بْن مُصعب عَنِ الْأَوْزَاعِيّ فَلَا بدع فِي رِوَايَته لحَدِيث عَن وَاحِد وَعَن شَيْخه كَمَا عرفناك وكما يجوز أَن يسمعهُ من شيخين فَيقْتَصر مرّة عَلَى ذكر أَحدهمَا وَأُخْرَى عَلَى ذكر الآخر وَقد فعل ابْن حبَان ذَلِك فِي صَحِيحِهِ فِي هَذَا الحَدِيث كَمَا أريناك أَنه رَوَاهُ مرّة من طَرِيق ابْن أَبِي الْعشْرين وَأُخْرَى من طَرِيق شُعَيْب بْن إِسْحَاق وَكِلَاهُمَا حدث هشاما بِهِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ
وَأما بَيَان أَن قُرَّة قد توبع عَلَيْهِ فقد تَابعه يُونُس بْن يزِيد فرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَوْزَاعِيّ نَفسه فَحدث بِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا سبق ومُحَمَّد بْن الْوَلِيد الزبيدِيّ فرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَن ابْن كَعْب بْن مَالك عَن أَبِيه كَمَا سَيَأْتِي وَأَنا لَا أَقُول إِن السندين إِلَى يُونُس بْن يزِيد وَإِلَى الْأَوْزَاعِيّ عَنِ الزُّهْرِيِّ صَحِيحَانِ وَلَكِنِّي أَقُول يُقَوي بهما حَدِيث قُرَّة وَقد لَا ينتهض الشَّيْء حجَّة بمفرده وينتهض مقويا وَمُرَجِّحًا لاسيما عِنْد انضمام غَيره إِلَيْهِ
وَأَقُول أَيْضًا إِن من أرسل يعضد من سَنَد لعدم التَّنَافِي بَين الْإِرْسَال والإسناد وَقد أرْسلهُ عقيل فرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلا وقدمناه نَحن من كَلَام النَّسَائِيّ فَإِنَّهُ أخرجه عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث عَن عقيل عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلا كَمَا عرفناك وَاللَّفْظ فَهُوَ أَجْذم وَعقيل أحد السِّتَّة الْأَثْبَات عَنِ الزُّهْرِيِّ الَّذين ذكرهم ابْن حبَان
وأرسله أَيْضًا يُونُس بْن يزِيد وَشُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة وَسَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز كَمَا حكيناه عَن أَبِي دَاوُد
1 / 13
بل رَوَى من حَدِيث صَحَابِيّ آخر بطرِيق أُخْرَى فَأَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ أَنَّ الْفَقِيهَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَنْبَلِيَّ أَخْبَرَهُ بِقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا مُحَمَّدٍ الرُّهَاوِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَدِّبُ أَخْبَرَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ هُوَ ابْنُ رِيذَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هُوَ الطَّبَرَانِيُّ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدثنَا صَدَقَة بن عبد الله عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ أَقْطَعُ
فَإِنْ قُلْتَ لَقَدْ وَقَعَ الاضْطِرَابُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَنَدًا وَمَتْنًا
أَمَّا سَنَدًا فَالزُّهْرِيُّ تَارَةً يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَارَةً عَنِ ابْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ كَمَا رَأَيْتُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ يُقَالُ لَهُ الْوَصِيفُ كَمَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالأَوْزَاعِيُّ تَارَةً يَرْوِيهِ عَنْ قُرَّةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَتَارَةً يَرْوِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَفْسِهِ وَتَارَةً يَرْوِيهِ عَنْ يَحْيَى فَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيرَازِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ الأَلْقَابِ فِيمَا أَنْبَأَنِيهِ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ شَبِيبٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بن شَيْخِنَا الْحَافِظُ أَبِي الْعَلاءِ الْهَمَذَانِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَكِّيٍّ الشّعارُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْبَيِّعُ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ الْمَأْمُونِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُفْلِحٍ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَنَّا
1 / 14
الْمِصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ جَابر الْبَزَّار حَدثنَا ابْن كثير يَعْنِي مُحَمَّد الْمِصِّيصِيَّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد الله أقطع
وَأَمَّا الْمَتْنُ فَفِي لَفْظٍ كُلُّ كَلامٍ وَفِي آخَرَ كُلُّ أَمْرٍ وَالأَمْرُ أَعَمُّ مِنَ الْكَلامِ لأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِعْلا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَمَا أَمر فِرْعَوْن برشيد﴾ أَيْ وَمَا فِعْلُهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمر﴾ أَيِ الْفِعْلِ
وَفِي لَفْظٍ بِحَمْدِ اللَّهِ وَبِالْحَمْدِ
وَفِي آخَرَ الْحَمْدِ وَالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ
أَنْبَأَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَنْبَلِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي عَنِ السِّلَفِيِّ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمَكِّيُّ الْقَزْوِينِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ جَرِيرِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُوَقَّرِ بِهَمَذَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الطَّيَّانُ الأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ الشَّامِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كُلُّ كَلامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْد الله وَالصَّلَاة عَليّ فهوأقطع أَبْتَرُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ
وَفِي ثَالِثٍ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ
وَفِي رَابِعٍ بِذِكْرِ اللَّهِ
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمُسْنِدُ إِذْنًا خَاصًّا أَخْبَرَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلانَ أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّصَافِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن مُحَمَّد ابْن عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْحُصَيْنِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُذْهِبِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حمدَان أخبرنَا عبد الله بن أَحْمد حَدثنَا أَبِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
1 / 15
آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُفْتَحُ بِذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ أَوْ قَالَ أَقْطَعُ
وَفِي لَفْظٍ وَصَفَ الْكَلامَ أَوِ الأَمْرَ بِأَنَّهُ ذُو بَالٍ وَذَلِكَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَفِي آخَرَ لَمْ يَقُلْ ذِي بَالٍ كَمَا سُقْنَاهُ فِي رِوَايَةِ غُنْجَارَ
وَفِي لَفْظٍ فَهُوَ بِدُخُولِ الْفَاءِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ وَخَبَرُهُ خَبَرٌ عَنِ الْمَبْتَدَأِ الأَوَّلِ وَهُوَ كُلُّ وَالْخَبَرُ جُمْلَةٌ وَفِي آخَرَ بِدُونِ الْفَاءِ وَالْخَبَرُ مُفْرَدٌ
وَفِي لَفْظٍ أَقْطَعُ وَفِي آخَرَ أَبْتَرُ وَفِي ثَالِثٍ أَجْذَمُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَفِي رَابِعٍ الْجَمْعُ بَيْنَ أَقْطَعُ وأَبتر وَزِيَادَةُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ كَمَا رَأَيْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ
قُلْتُ لَا يَضُرُّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الاخْتِلافَاتِ لاحْتِمَالِ سَمَاعِ الزُّهْرِيِّ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنَ ابْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ إِنْ ثَبَتَتْ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ كَعْبٍ وَهِيَ تُؤَيِّدُ الرِّوَايَةَ الأُولَى وَتُعَضِّدُهَا وَيَكُونُ قَدْ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَحَدَّثَ بِهِ عَنْهُ صَحَابِيَّانِ كَعْبٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ
وَأَمَّا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ قُرَّةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ تَارَةً وَعَنِ الزُّهْرِيِّ نَفْسِهِ أُخْرَى فَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلامَ عَلَيْهِ
وَأما الْأَوْزَاعِيّ عَن يَحْيَى فقد خَفِي عَلَى الْحَافِظ عَبْد الْقَادِر الرهاوي حَاله فَقَالَ كَذَا كَانَ فِي أصل أَبِي يُوسُف الْوراق قَرَأَهُ عَلَيْنَا بِلَفْظِهِ من أصل كِتَابه
قلت ظن بعض الْمُحدثين أَنه يَحْيَى بْن أَبِي كثير أحد الْأَئِمَّة من شُيُوخ الْأَوْزَاعِيّ
قلت وَلَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ عاضدا قَوِيا وَيكون الْأَوْزَاعِيّ قد سَمعه من قُرَّة عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمن يَحْيَى بْن أَبِي كثير عَنِ الزُّهْرِيِّ وَيكون ابْن أَبِي كثير حِينَئِذٍ قد تَابع قُرَّة عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا تَابع قُرَّة عقيل فلئن ثَبت جَمِيع مَا ذكره يكون كَعْب
1 / 16
قد تَابع أَبَا هُرَيْرَةَ وَابْن أَبِي كثير قد تَابع الزُّهْرِيّ وَعقيل قد تَابع قُرَّة وَلَكِن لَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فَإِن يَحْيَى الْمشَار إِلَيْهِ هُوَ قُرَّة بْن عَبْد الرَّحْمَن وَيحيى اسْمه
قَالَ ابْن حبَان كَانَ إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش يَقُول إِن اسْمه يَحْيَى وقرة لقب سَمِعت الْفضل بْن مُحَمَّد الْعَطَّار بأنطاكية يحكيه عَن عَبْد الْوَهَّاب بْن الضَّحَّاك عَنهُ
قَالَ ابْن حبَان وَهَذَا شَيْء يشبه لَا شَيْء لِأَن عَبْد الْوَهَّاب واه وَلم يكن هَذَا الشَّأْن من صناعته فَيرجع إِلَيْهِ فِيمَا يحكيه عَنهُ
قلت وَالْأَظْهَر عِنْدِي أَن الْأَمر كَمَا زعم عَبْد الْوَهَّاب وَلَو كَانَ هَذَا الحَدِيث عِنْد يَحْيَى بْن أَبِي كثير لما خَفِي عَلَى الْحفاظ وَلما انْفَرد الْأَوْزَاعِيّ بروايته عَنهُ وَلما كَانَ يتْركهُ فِي الْغَالِب من أمره وَيذكر قُرَّة
وَأما تغاير الْأَمر وَالْكَلَام فَصَحِيح غير أَنه قد يوضع الْأَخَص مَوضِع الْأَعَمّ بل أَقُول إِن بَينهمَا عُمُوما وخصوصا من وَجه فَالْكَلَام قد يكون أمرا وَقد يكون نهيا وَقد يكون خَبرا وَالْأَمر قد يكون فعلا وَقد يكون قولا وَالْأَمر فِي هَذَا قريب
وَأما ذكر ذِي بَال فِي بعض الْأَلْفَاظ دون بعض فالأثبت سندا إِثْبَاتهَا غير أَنِّي أَقُول
قد يَقُول الْقَائِل إِن لم يفتح بِالْحَمْد لَا يكون ذَا بَال وَهَذَا سُؤال يطْرق من أثبت هَذِهِ الزِّيَادَة فَيُقَال لَهُ كَيفَ يكون ذَا بَال وَهُوَ غير مبدوء بِالْحَمْد دون من لم يوردها
وَجَوَاب من أثبتها أَن الْمَعْنى بِكَوْنِهِ ذَا بَال أَنه مهتم بِهِ معني بِحَالهِ ملقى إِلَيْهِ بَال صَاحبه فَإِذا كَانَ بِهَذِهِ المثابة وَلم يفْتَتح بِالْحَمْد كَانَ أقطع لَا يفِيدهُ إِلْقَاء البال واعتناء الرِّجَال شَيْئا
1 / 17
فَإِن قلت فَمَا لم يلق إِلَيْهِ البال إِذا لم يفْتَتح بِالْحَمْد مَا حَاله أَيكُون أقطع عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة أم لَا
قلت يكون أقطع من بَاب أولى فَهَذِهِ الزِّيَادَة تنبه عَلَيْهِ من بَاب التَّنْبِيه بالأدنى عَلَى الْأَعْلَى
وَأما يفتح ويبْدَأ فَسَوَاء فِي الْمَعْنى
وَأما الْحَمد والْبَسْمَلَة فَجَائِز أَن يَعْنِي بهما مَا هُوَ الْأَعَمّ مِنْهُمَا وَهُوَ ذكر اللَّه وَالثنَاء عَلَيْهِ عَلَى الْجُمْلَة إِمَّا بِصِيغَة الْحَمد أَو غَيرهَا وَيدل عَلَى ذَلِك رِوَايَة ذكر اللَّه وَحِينَئِذٍ فَالْحَمْد وَالذكر والبسملة سَوَاء
وَجَائِز أَن يَعْنِي خُصُوص الْحَمد وخصوص الْبَسْمَلَة وَحِينَئِذٍ فرواية الذّكر أَعم فَيقْضى لَهَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَن الْمُطلق إِذا قيد بقيدين متنافيين لم يحمل عَلَى وَاحِد مِنْهُمَا وَيرجع إِلَى أصل الْإِطْلَاق
وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن خُصُوص الْحَمد والبسملة متنافيان لِأَن الْبدَاءَة إِنَّمَا تكون بِوَاحِد وَلَو وَقع الِابْتِدَاء بِالْحَمْد لما وَقع بالبسملة وَعَكسه وَيدل عَلَى أَن المُرَاد الذّكر فَتكون رِوَايَته هِيَ الْمُعْتَبرَة أَن غَالب الْأَعْمَال الشَّرْعِيَّة غير مفتتحة بِالْحَمْد كَالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا مفتتحة بِالتَّكْبِيرِ وَالْحج وَغير ذَلِك
فَإِن قلت لَكِن رِوَايَة بِحَمْد اللَّه أثبت من رِوَايَة بِذكر اللَّه
قلت صَحِيح وَلَكِن لم قلت إِن الْمَقْصُود بِحَمْد اللَّه خُصُوص لفظ الْحَمد وَلم لَا يكون المُرَاد مَا هُوَ أَعم من لفظ الْحَمد والبسملة وَيدل عَلَى ذَلِك مَا ذكرت لَك من الْأَعْمَال الشَّرْعِيَّة الَّتِي لم يشرع الشَّارِع افتتحاها بِالْحَمْد بِخُصُوصِهِ وَيدل عَلَيْهِ أَيْضًا أَنه ورد بِالْحَمْد وبِحَمْد اللَّه وَالْحَمْد إِذا أطلق يُرَاد الْأَعَمّ من خصوصه
1 / 18
كَمَا يَقُول سُورَة الْحَمد وَيَعْنِي الْفَاتِحَة وَهِي مُشْتَمِلَة عَلَى لفظ الْحَمد وَغَيره
وَأما دُخُول الْفَاء فِي خبر هَذَا الْمُبْتَدَأ مَعَ عدم اشتماله عَلَى وَاقع موقع الشَّرْط أَو نَحوه مَوْصُولا بظرف أَو شبهه أَو فعل صَالح للشرطية فوجهه أَن الْمُبْتَدَأ وَهُوَ كل أضيف إِلَى مَوْصُوف بِغَيْر ظرف وَلَا جَار ومجرور وَلَا فعل صَالح للشرطية وَحِينَئِذٍ يجوز دُخُول الْفَاء عَلَى حد قَول الشَّاعِر
(كل أَمر مباعد أَو مدان ... فمنوط بحكمة المتعال)
وَقد أضيف الْمُبْتَدَأ فِي الحَدِيث وَهُوَ كل إِلَى مَوْصُوف بمفرد وَهُوَ ذِي بَال وَجُمْلَة وَهُوَ لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد اللَّه فِي رِوَايَة من جمع بَينهمَا
وَأما أقطع وأَبتر وأَجْذم فمعانيها إِن لم تتحد فَهِيَ مُتَقَارِبَة فَلَعَلَّ النَّبِي ﷺ قَالَ كل وَاحِدَة مرّة أَو لَعَلَّ الرَّاوِي رَوَى بِالْمَعْنَى
وَأما زِيَادَة الصَّلَاة وَزِيَادَة ممحوق من كل بركَة فَإِن صَحا لم يضر غير أَن سندهما لَا يثبت
فَإِن قلت هَل يحكم للْحَدِيث بِالرَّفْع مَعَ أَن الْأَثْبَات البزل عَنِ الزُّهْرِيِّ وهم يُونُس بْن يزِيد وَعقيل بْن خَالِد وَشُعَيْب بن أبي جَمْرَة وَسَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز إِنَّمَا رَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلا وَلَو أَن وَاحِدًا من هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة عَارض قُرَّة لحكم لَهُ عَلَى قُرَّة فَمَا ظَنك باجتماعهم وَمن أجل ذَلِك قَالَ جهبذ الْعِلَل والحافظ الْجَبَل أَبُو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ إِن الصَّحِيح عَنِ الزُّهْرِيِّ الْمُرْسل
قلت لَو أَن بَين الْإِسْنَاد والإرسال مُعَارضَة لقضيت لهَؤُلَاء عَلَى قُرَّة وَلَكِن لَا تنافى بَينهمَا وَلَا مُعَارضَة والْحَدِيث إِذا أسْند مرّة وَأرْسل أُخْرَى فَالْحكم للإسناد
1 / 19
وَلذَلِك حكم إِمَام الصِّنَاعَة ومقدم الْجَمَاعَة أَبُو عَبْد اللَّه البُخَارِيّ لإسناد إِسْرَائِيل بْن يُونُس عَن جده أَبِي إِسْحَاق السبيعِي عَن أَبِي بردة عَن أَبِيه أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ حَدِيث لَا نِكَاح إِلَى بولِي عَلَى إرْسَال سُفْيَان وَشعْبَة وهما من هما فِي الْحِفْظ والإتقان وعلو الشَّأْن عَن أَبِي إِسْحَاق عَن أَبِي بردة عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُرْسَلا وَأقسم بِمن فاوت بَين مقدارهم لنسبة إِسْرَائِيل إِلَيْهِمَا أبعد من نِسْبَة قُرَّة إِلَى الْأَرْبَعَة وَكَيف وقرة فِيمَا ذكر أعلم النَّاس بالزهري وَقد توبع فِي هَذَا الحَدِيث وَشَيْخه الزُّهْرِيّ كَانَ كثير الْإِرْسَال ثمَّ كَانَ يفصح بِالْإِسْنَادِ بعد الْإِرْسَال بل رُبمَا أرسل ثمَّ أفْصح بِإِسْنَاد لَا يقبل
من أجل ذَلِك أهْدر الإِمَام المطلبي مُرْسَلاته وَذكر ﵁ فِي مِثَال عوارها حَدِيثه فِي الضحك فِي الصَّلَاة مُرْسَلا ثمَّ وجدانه إِيَّاه إِنَّمَا رَوَاهُ عَن سُلَيْمَان بْن أَرقم وَسليمَان بْن أَرقم ضَعِيف ثمَّ قَالَ يَقُولُونَ يحابي وَلَو حابينا لحابينا الزُّهْرِيّ وإرسال الزُّهْرِيّ لَيْسَ بِشَيْء وَذَاكَ أَنا نجده يرْوى عَن سُلَيْمَان بْن أَرقم انْتهى
قلت وَإِنَّمَا رد إرْسَاله عِنْد الْإِطْلَاق لاحْتِمَال أَن يكون طوى ذكر من لَو أفْصح بِهِ لرددناه كَمَا فعل فِي حَدِيث الضحك فَإِنَّهُ طوى ذكر سُلَيْمَان وَهُوَ ضَعِيف أما إِذا تبين أَنه طوى ذكر ثِقَة كَمَا فِي حَدِيث الْحَمد فَلَا يرتاب فِي قبُوله فَإِنَّهُ بَين بِرِوَايَة قُرَّة أَن المطوي ذكره أَبُو سَلمَة وَهُوَ ثِقَة الثِّقَات فلئن أرْسلهُ الْحَافِظ الْجَبَل فَلَقَد أسْندهُ الإِمَام الْأَجَل أَعنِي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل
1 / 20
وَأَقُول أَيْضًا إِن الْأَخْذ بِالْإِسْنَادِ هُنَا أولى مِنْهُ فِي حَدِيث لَا نِكَاح إِلَّا بولِي من وَجْهَيْن حَدِيثي وفقهي
أما الحديثي فَإِن رَاوِي الْإِسْنَاد عَنْ قُرَّةَ إِمَام كَبِير وَهُوَ الْأَوْزَاعِيّ فالأكثر فِي الرِّوَايَة عَنهُ الْإِسْنَاد وَرِوَايَة الْإِرْسَال عَنهُ قَليلَة
وَأما الفقهي فَإِن الْحَمد حَدِيث فِي فَضَائِل الْأَعْمَال فَكَانَ قبُوله أقرب من حَدِيث لَا نِكَاح إِلَّا بولِي لما يتَعَيَّن من مزِيد الِاحْتِيَاط فِي ذَلِك هَذَا مُنْتَهى الْكَلَام عَلَى الحَدِيث وَلَا ريب فِي أَنه بعد ثُبُوت صِحَّته وَرَفعه مُسْندًا غير بَالغ مبلغ الْأَحَادِيث الْمُتَّفق عَلَى أَنَّهَا مُسندَة صَحِيحَة وَلَكِن للصحيح مَرَاتِب
فَإِن قلت إِذا كَانَ كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد اللَّه أقطع فَلم لم يفْتَتح الْمُزنِيّ مُخْتَصره بِالْحَمْد بل افتتحه بقوله هَذَا مُخْتَصر اختصرته من علم الشَّافِعِي إِلَى آخر مَا ذكره فَإِن كَانَ مُخْتَصر الْمُزنِيّ أقطع فواها عَلَيْكُم معاشر الشافعيين فَإِنَّهُ زِينَة مذهبكم وعمدة أصلكم وَقَاعِدَة طريقكم وقعر يمكم وموئلكم حِين تختلفون ومرجعكم حِين تضطربون ومفزعكم حِين تتلاطم أمواج الآراء ويتناضل فِي المحافل الْفُقَهَاء وَإِلَّا يكن أقطع فَمَا باله غير مفتتح بِالْحَمْد
قلت نقُول فِي الْجَواب أَولا مَا قَالَه قدماء أَصْحَابنَا إِن كَانَ سؤالكم ذَا بَال فَهَلا قدمتم عَلَيْهِ حمد اللَّه وَإِلَّا فَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ
وَثَانِيا إِن الْأَمر بِالْحَمْد مَعْنَاهُ قَوْله لَا كِتَابَته وَلم قُلْتُمْ إِن الْمُزنِيّ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ عِنْد نجاز كل بَاب من مُخْتَصره لم ينْطق بِالْحَمْد حِين ابْتِدَائه تضنيفه
1 / 21
ويوضح هَذَا أَن قَول النَّبِي ﷺ كل أَمر ذِي بَال الحَدِيث ذُو بَال وَشرف باذخ بِلَا مراء وَلم يرد قبله لفظ الْحَمد وَذَلِكَ مَحْمُول عَلَى أَن اللَّه تَعَالَى مَحْمُود عَلَى لِسَان نبيه ﷺ وَقَلبه فِي كل الْأَحْوَال وَهَذَا أَبُو عَبْد اللَّه البُخَارِيّ لم يسطر لفظ الْحَمد فِي مفتتح جَامعه وَلَيْسَ لأحد أَن يَقُول إِنَّه لم يحمد عِنْد ابْتِدَائه إِلَّا إِن ثَبت عِنْده أَنه لم يقل ذَلِك لَا لفظا وَلَا غير لفظ وانقلاب الْبَحْر زئبقا فِي نظر أولي النَّهْي أقرب من ثُبُوت ذَلِك فِي البُخَارِيّ والمزني
وَقد قَالَ الْخَطِيب أَبُو بكر الْحَافِظ ﵀ فِي جَامعه إِنَّه رأى كثيرا من خطّ الإِمَام أَحْمَد ﵁ فِيهِ ذكر النَّبِي ﷺ وَلَيْسَت الصَّلَاة على النَّبِي ﷺ مَكْتُوبَة مَعَه قَالَ وَبَلغنِي أَنه كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ لفظا
والاعتذار عَن البُخَارِيّ والمزني بِمَا ذكرت أولى من الِاعْتِذَار عَنْهُمَا بِعَدَمِ صِحَة الحَدِيث عِنْدهمَا فَإِنَّهُ بِتَقْدِير تَسْلِيم أَنه لن يَصح يُقَال أَلَيْسَ هُوَ فِي فَضَائِل الْأَعْمَال وَعِنْدَهُمَا من الْوَرع مَا يحمل عَلَى اعْتِمَاده وَإِن لم يَصح
وثالثا إِن دعواكم عَلَى أبي إِبْرَاهِيم أَنه لم يبتدىء الْمُخْتَصر بتسطير الْحَمد لله مَمْنُوع بل للمختصر خطْبَة مَوْجُودَة فِي كثير من الْأُصُول الْقَدِيمَة حَكَاهَا الشَّيْخ أَبُو حَامِد والْمَاوَرْدِيّ وَهِي الْحَمد لله الَّذِي لَا شريك لَهُ وَلَا مثل الَّذِي هُوَ كَمَا وصف نَفسه وَفَوق مَا يصفه بِهِ خلقه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير﴾
والمرضي عِنْدِي فِي الْجَواب جَوَاب رَابِع عَن البُخَارِيّ والمزني وَهُوَ أَن الْحَمد إِمَّا أَن يَعْنِي بِهِ مَا هُوَ أَعم مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ الذّكر أَو خصوصه وأيا مَا كَانَ فالمأمور بِهِ لفظ الذّكر أما عَلَى الأول فَوَاضِح وَأما عَلَى الثَّانِي فَلَمَّا قدمْنَاهُ من أَن رِوَايَة
1 / 22
الْحَمد حِينَئِذٍ مُعَارضَة بِرِوَايَة الْبَسْمَلَة فَيسْقط القيدان وَيرجع إِلَى أصل الْإِطْلَاق وَهُوَ الذّكر والبسملة ذكر وَقد ابْتَدَأَ بهَا الْمُزنِيّ وَالْبُخَارِيّ كِتَابَيْهِمَا
فَإِن قلت إِذا كَانَ لفظ الذّكر هُوَ الْمَأْمُور بِهِ دون خُصُوص الْبَسْمَلَة والحمدلة فَمَا وَجه تَخْصِيص الْبَسْمَلَة بِالذكر
قلت لَهُ وَجْهَان أَحدهمَا يعم البُخَارِيّ والمزني وَهُوَ أَن الْعَادة جَارِيَة بِتَقْدِيم الْبَسْمَلَة فَإِذا وَافَقت الْعَادة الْمَأْمُور بِهِ شرعا كَانَ اعتمادها أولى وَالثَّانِي معنى لطيف سنح بخاطري يخْتَص بالمزني فَأَقُول
لما كَانَ الْقُرْآن عندنَا مفتتحا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم إِذْ هِيَ آيَة من الفاحة عَلَى رَأينَا افْتتح أَبُو إِبْرَاهِيم مُخْتَصره بهَا ليسلم من قَول قَائِل إِذا كَانَ كل ذِي بَال لَا يبتدأ بِالْحَمْد أقطع لزم كَون الْقُرْآن مُبْتَدأ بِهِ وَإِلَّا لَكَانَ أقطع معَاذ اللَّه وَإِذا كَانَ مُبْتَدأ بِالْحَمْد خرجت ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ عَنهُ فَنَقُول الْحَمد أَعم من الْبَسْمَلَة وَالْقُرْآن مفتتح بهَا وَأَرَادَ الْمُزنِيّ أَن يبتدىء بهَا الْمُخْتَصر لذَلِك فَإِن مَسْأَلَة الْبَسْمَلَة أعظم شعار الشافعيين فَنَاسَبَ الِافْتِتَاح بهَا فاشدد يدك بِهَذَا الْجَواب
وَمِمَّا أعجبني لِلْحَافِظِ أَبِي الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ ﵀ افتتاحه كتاب الصَّلَاة فِي سنَنه بِحَدِيث كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد اللَّه أقطع وَأرَاهُ أَشَارَ بذلك إِلَى تعين الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة وَهُوَ استنباط حسن
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ وَغَيْرِه إِذْنًا عَنْ أَبِي الْمُظَفَّرِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ الْحَافِظِ أَبِي سَعْدٍ بْنِ السِّمْعَانِيِّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَسَدُ بْنُ رُسْتُمَ بْنِ أَحْمَدَ الرُّسْتُمِيُّ بِهَرَاةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ الْقَاضِي حَدَّثَنَا الْخَلادِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ قَالَ كَتَبَ
1 / 23
سَهْلُ بْنُ هَارُونَ فِي صَدْرِ كِتَابٍ لَهُ وَجب على كل ذِي مقَالَة أَن يبتدىء بِالْحَمْد قبل افتتاحها كَمَا بدىء بِالنِّعْمَةِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا
قَوْلُهُ اسْتِحْقَاقِهَا تَجُوزُ وَإِلا فَالْعَبْدُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى اللَّه شَيْئًا وَمُرَادُهُ قَبْلَ التَّرَشُّحِ لَهَا وَحُضُورِ وَقْتِهَا وَلَقْد وَقَعَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي كَلامِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ﵁ فَقَالَ فِي أَحْكَامِ الْقُرآنِ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الأَصَمِّ عَنِ الرَّبِيعِ مَا نَصُّهُ فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْمُبْتَدِيَ لَنَا بِنِعَمِهِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا الْمَانَّ بِهَا عَلَيْنَا مَعَ تَقْصِيرِنَا فِي الإِتْيَانِ عَلَى مَا أَوْجَبَ مِنْ شُكْرِهِ لَهَا أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَأَنْ يَرْزُقَنَا فَهْمًا فِي كِتَابِهِ ثُمَّ سُنَّةَ نَبِيِّهِ ﷺ قَوْلا وَعَمَلا يُؤَدِّي بِهِ عَنَّا حَقَّهُ وَيُوجِبُ لَنَا نَافِلَةً مَزِيدَةً انْتَهَى
وَالاسْتِشْهَادُ مِنْهُ فِي مَوْضِعَيْنِ قَوْلُهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا وَقَوْلُهُ وَيُوجِبُ لَنَا نَافِلَةً مَزِيدَةً أَيْ يَجْعَلُ الْمَزِيدَ وَاجِبَ الْوُقُوعِ لَا مَحَالَةَ ضَرُورَةَ صِدْقِهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى اللَّه شَيْءٌ وَالأَصْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُهُ ﷺ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ فَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ فَبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمد لله الَّذِي وَقع طَبَقَاتِ الْعُلَمَاءِ عَلَى هَامِ الْمُلُوكِ وَتَاجِهَا وَدَفَعَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ تُرَّهَاتِ الْمُبْطِلِينَ مَا لَمْ يَدْفَعْهُ مَسَاجِدَ التُّقَى وَمَشَاهِدَ الْوَغَى عِنْدَ عُجَّاجِ لَيْلِهَا وَلَيْلِ عُجَّاجِهَا وَقَمَعَ بِهِمْ شُبُهَاتِ الْمُلْحِدِينَ وَمَا شُبْهَةُ الْمُلْحِدِينَ إِلا لَيْلُ غُمَّةٍ وَكَلِمَةُ الْعَالِمِ صبح انفراجها
1 / 24