طَبَقَات الشَّافِعِيَّة لِابْنِ قَاضِي شُهْبَة
1 / 1
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم رب يسر يَا كريم
الْحَمد لله الَّذِي رفع قدر الْعلمَاء وجعلهم بِمَنْزِلَة النُّجُوم فِي السَّمَاء أَحْمَده على مَا أَسْبغ من النعماء وأجزل من الْعَطاء وأسبل من الغطاء وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ المتفرد بالعظمة والكبرياء شَهَادَة موقنة خَالِصَة مَا لَقِي الله بهَا عبد يَوْم الْجَزَاء إِلَّا أوجبت لَهُ بهَا الخلود فِي دَار الْبَقَاء وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله إِلَى جَمِيع من يسْتَقلّ على الغبراء ويستظل بالخضراء صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه دَائِما مستمرا مَا اخْتَلَط الظلام بالضياء وَمَا انْفَلق الإصباح عَن غرَّة النَّهَار وأعلن الدَّاعِي بالنداء وَرَضي الله عَن الصَّحَابَة أَجْمَعِينَ
وَبعد فَهَذَا مُخْتَصر لطيف أذكر فِيهِ طَبَقَات الشَّافِعِيَّة اقْتصر فِيهِ على تراجم من شاع اسْمه واشتهر ذكره وَاحْتَاجَ طَالب الْعلم إِلَى معرفَة حَاله أَو نقل عَنهُ الرَّافِعِيّ وَغَيره فِي تصانيفهم الْمَشْهُورَة وَهَذَا فِي الْحَقِيقَة هُوَ الْمَقْصُود من طَبَقَات الشَّافِعِيَّة وَلَا أذكر غير الْمَشْهُورين وَمن وَقع النَّقْل عَنهُ وَإِن وصف بالبراعة
1 / 53
فِي الْعلم أَو درس بالنظامية أَو غَيرهَا لِأَن الْإِكْثَار من تِلْكَ التراجم يكثر على طَالب الْفِقْه ويختلط عَلَيْهِ مَقْصُوده بِغَيْرِهِ وَقد أذكر فِيهِ بعض تراجم من لم يُوجد فِيهِ الشَّرْط الْمَذْكُور لِمَعْنى اقْتضى ذَلِك لَا يخفى على النَّاظر فِي تَرْجَمته حِكْمَة ذكره وأذكر فِي الْمِائَة الثَّامِنَة والتاسعة من لم يُوجد فِيهِ الشَّرْط لقرب زمانهم والتشوف لسَمَاع أخبارهم مَعَ عزة وجود تراجمهم ورتبته على تسع وَعشْرين طبقَة الطَّبَقَة الأولى فِي الآخذين عَن الإِمَام الشَّافِعِي ﵁ وأرضاه وَالثَّانيَِة فِيمَن كَانَ من الْأَصْحَاب إِلَى الثلاثمائة وَبعد ذَلِك أذكر كل عشْرين سنة طبقَة وَإِن لزم من ذَلِك تَأْخِير بَعضهم عَن أهل طبقته لامتداد حَيَاته وَذكر بَعضهم من طبقَة مشايخه لسرعة وَفَاته فالضرورة ألجأت إِلَى ذَلِك وَأَن آخر كل طبقَة يُقَارب أَوَائِل الطَّبَقَة الَّتِي تَلِيهَا ورتبت كل طبقَة على حُرُوف المعجم ليسهل الْكَشْف عَنهُ وَالله أسأَل أَن ينفع بِهِ إِنَّه قريب مُجيب
1 / 54
الطَّبَقَة الأولى فِيمَن أَخذ عَن الشَّافِعِي ﵁
١
- إِبْرَاهِيم بن خَالِد بن أبي الْيَمَان أَبُو ثَوْر وَقيل كنيته أَبُو عبد الله ولقبه أَبُو ثَوْر الْكَلْبِيّ الْبَغْدَادِيّ الْفَقِيه الْعَلامَة أَخذ الْفِقْه عَن الشَّافِعِي وَغَيره قَالَ أَبُو بكر الْأَعْين سَأَلت أَحْمد بن حَنْبَل عَنهُ فَقَالَ اعرفه بِالسنةِ مُنْذُ خمسين سنة وَهُوَ عِنْدِي فِي مسلاخ سُفْيَان الثَّوْريّ وَقَالَ غَيره إِن رجلا سَأَلَ أَحْمد عَن مَسْأَلَة
1 / 55
فَقَالَ سل غَيرنَا سل أَبَا ثَوْر وَقَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ كَانَ أحد الثِّقَات المأمونين وَمن الْأَئِمَّة الْأَعْلَام فِي الدَّين وَله كتب مصنفة فِي الْأَحْكَام جمع فِيهَا بَين الحَدِيث وَالْفِقْه قَالَ وَكَانَ أَولا يتفقه بِالرَّأْيِ وَيذْهب إِلَى قَول أهل الْعرَاق حَتَّى قدم الشَّافِعِي بَغْدَاد فَاخْتلف إِلَيْهِ وَرجع عَن الرَّأْي إِلَى الحَدِيث توفّي فِي صفر سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ أحد رُوَاة الْقَدِيم وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي بَاب الْغَضَب أَبُو ثَوْر وَإِن كَانَ معدودا وداخلا فِي طبقَة أَصْحَاب الشَّافِعِي فَلهُ مَذْهَب مُسْتَقل وَلَا يعد تفرده وَجها
٢
- أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل بن هِلَال بن أَسد الشَّيْبَانِيّ أَبُو عبد الله الْمروزِي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ أحد أَئِمَّة الْإِسْلَام والهداة الْأَعْلَام وَأحد الْأَرْبَعَة الَّذين تَدور عَلَيْهِم الْفَتَاوَى وَالْأَحْكَام فِي بَيَان الْحَلَال وَالْحرَام أَخذ الْفِقْه عَن جمَاعَة أَجلهم الإِمَام الشَّافِعِي صَحبه مُدَّة مقَامه بِبَغْدَاد فِي الرحلة الثَّانِيَة وسلك مسلكه ونهج منهجه وَقَالَ كل مَسْأَلَة لَيْسَ عِنْدِي فِيهَا دَلِيل فَأَنا أَقُول فِيهَا بقول الشَّافِعِي
1 / 56
وَقَالَ عبد الله بن احْمَد سَمِعت أَبَا زرْعَة يَقُول كَانَ أَبوك يحفظ ألف ألف حَدِيث فَقلت وَمَا يدْريك فَقَالَ ذاكرته فَأخذت عَلَيْهِ الْأَبْوَاب وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ كَأَن الله جمع لَهُ علم الْأَوَّلين والآخرين وَقد أفرد تَرْجَمته بالتصنيف عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ وَغَيرهمَا وَجمع ابْن الْجَوْزِيّ أخباره
1 / 57
فِي مجلدة وَقد ذكره الْعَبَّادِيّ وَغَيره فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة مولده سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَمَات بِبَغْدَاد فِي ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَحضر جنَازَته ثَلَاثمِائَة ألف وَقيل ثَمَانمِائَة ألف وَقيل ألف ألف وَقيل أَكثر
٣
- إِسْمَاعِيل بن يحيى بن إِسْمَاعِيل بن عَمْرو بن إِسْحَاق أَبُو إِبْرَاهِيم الْمُزنِيّ الْمصْرِيّ الْفَقِيه الإِمَام صَاحب التصانيف أَخذ عَن الشَّافِعِي وَكَانَ يَقُول أَنا خلق من أَخْلَاق الشَّافِعِي ذكره الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق أول أَصْحَاب الشَّافِعِي وَقَالَ كَانَ زاهدا عَالما مُجْتَهدا مناظرا محجاجا غواصا على الْمعَانِي الدقيقة صنف كتبا كَثِيرَة قَالَ الشَّافِعِي الْمُزنِيّ نَاصِر مذهبي ولد سنة خمس وَسبعين وَمِائَة وَتُوفِّي فِي رَمَضَان وَقيل فِي ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ مجاب الدعْوَة قَالَ الرَّافِعِيّ فِي بَاب الْوضُوء وَعَن الْمُزنِيّ أَن التَّخْلِيل وَاجِب وَرَوَاهُ ابْن كج عَن بعض الْأَصْحَاب فَإِن أَرَادَ الْمُزنِيّ فتفرداته
1 / 58
لَا تعد من الْمَذْهَب إِذا لم يُخرجهَا على أصل الشَّافِعِي لَكِن نقل الرَّافِعِيّ فِي بَاب الْخلْع عَن الإِمَام أَنه قَالَ أرى كل اخْتِيَار للمزني تخريجا فَإِنَّهُ لَا يُخَالف أصُول الشَّافِعِي لَا كَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِنَّهُمَا يخالفان أصُول صَاحبهمَا كثيرا قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَقد رَأَيْت فِي النِّهَايَة وَكَأَنَّهُ فِي نواقض الْوضُوء عكس مَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي الْخلْع عَنهُ فَقَالَ إِنَّه إِن خرج يَعْنِي الْمُزنِيّ فتخريجه أولى من تَخْرِيج غَيره وَإِلَّا فالرجل صَاحب مَذْهَب مُسْتَقل
٤ - الْحَارِث بن أَسد أَبُو عبد الله المحاسبي أحد مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَشَيخ الْجُنَيْد إِمَام الطَّرِيقَة وَيُقَال إِنَّمَا سمي المحاسبي لِكَثْرَة محاسبته نَفسه قَالَ ابْن الصّلاح فِي الطَّبَقَات ذكره الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور التَّمِيمِي فِي الطَّبَقَة الأولى من الشَّافِعِيَّة فِيمَن صحب الشَّافِعِي وَقَالَ هُوَ إِمَام الْمُسلمين فِي الْفِقْه والتصوف والْحَدِيث وَالْكَلَام وَكتبه فِي هَذِه الْعُلُوم أصُول من يصنف فِيهَا وَإِلَيْهِ ينْسب أَكثر متكلمي الصفاتية قَالَ ابْن الصّلاح وصحبته للشَّافِعِيّ لم أر أحدا ذكرهَا
1 / 59
سواهُ وَلَيْسَ أَبُو مَنْصُور من أهل هَذَا الْفَنّ فيعتمد فِيمَا تفرد بِهِ والقرائن شاهدة بانتفائها مَاتَ بِبَغْدَاد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
٥ - الْحَارِث بن سُرَيج بِالسِّين الْمُهْملَة الْبَغْدَادِيّ أَبُو عَمْرو النقال بالنُّون وَالْقَاف ذكره الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي أَصْحَاب الشَّافِعِي البغاددة قَالَ وَهُوَ الَّذِي حمل كتاب الرسَالَة إِلَى عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الإِمَام قَالَ الْحَارِث لما حملت الرسَالَة إِلَى عبد الرَّحْمَن بن مهْدي جعل يتعجب وَيَقُول لَو كَانَ أقل لنفهم لَو كَانَ أقل لنفهم توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقد تكلمُوا فِيهِ وضعفوه نقل عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي بَاب حد السّرقَة وَبَاب قَاطع الطَّرِيق
1 / 60
٦ - حَرْمَلَة بن يحيى بن عبد الله بن حَرْمَلَة بن عمرَان التجِيبِي أَبُو حَفْص الْمصْرِيّ أحد الْحفاظ الْمَشَاهِير من أَصْحَاب الشَّافِعِي وكبار رُوَاة مذْهبه الْجَدِيد قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق كَانَ حَافِظًا للْحَدِيث وصنف الْمَبْسُوط والمختصر وَقَالَ ابْن يُونُس كَانَ أعلم النَّاس بِحَدِيث ابْن وهب وَنظر إِلَيْهِ أَشهب فَقَالَ هَذَا خير أهل الْمَسْجِد ولد سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَة وَمَات فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَقيل أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ والتجيبي نِسْبَة إِلَى تجيب بتاء
1 / 61
مثناة من فَوق مَضْمُومَة وَقيل مَفْتُوحَة ثمَّ جِيم مَكْسُورَة بعْدهَا مثناة من تَحت ثمَّ بَاء مُوَحدَة وَهِي قَبيلَة نزلت مصر
٧ - الْحسن بن مُحَمَّد بن الصَّباح أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ الزَّعْفَرَانِي قَالَ ابْن حبَان فِي الثِّقَات كَانَ رَاوِيا للشَّافِعِيّ وَكَانَ يحضر أَحْمد وَأَبُو ثَوْر عِنْد الشَّافِعِي وَهُوَ الَّذِي يتَوَلَّى الْقِرَاءَة عَلَيْهِ وَقَالَ الزَّعْفَرَانِي لما قَرَأت كتاب الرسَالَة على الشَّافِعِي قَالَ لي من أَي الْعَرَب أَنْت فَقلت مَا أَنا بعربي وَمَا أَنا إِلَّا من قَرْيَة يُقَال لَهَا الزعفرانية قَالَ فَأَنت سيد هَذِه الْقرْيَة وَقَالَ السَّاجِي سَمِعت الزَّعْفَرَانِي يَقُول إِنِّي لأقرأ كتب الشَّافِعِي وتقرأ عَليّ مُنْذُ خمسين سنة وَكَانَ
1 / 62
إِمَامًا فِي اللُّغَة وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ هُوَ أثبت رُوَاة الْقَدِيم توفّي فِي رَمَضَان سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَه النَّوَوِيّ فِي تهذيبه وَقَالَ ابْن خلكان فِي شعْبَان وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي سلخ السّنة
٨ - الْحُسَيْن بن عَليّ بن يزِيد أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ الْكَرَابِيسِي أَخذ الْفِقْه عَن الشَّافِعِي وَكَانَ أَولا على مَذْهَب أهل الرَّأْي قَالَ ابْن عدي وَله كتب مصنفة ذكر فِيهَا اخْتِلَاف النَّاس فِي الْمسَائِل وَكَانَ حَافِظًا لَهُ وَذكر فِي كتبه أَخْبَارًا كَثِيرَة
1 / 63
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق كَانَ متكلما عَارِفًا بِالْحَدِيثِ لَهُ تصانيف كَثِيرَة فِي أصُول الْفِقْه وفروعه وَقَالَ الْعَبَّادِيّ لم يتَخَرَّج على يَدي الشَّافِعِي بالعراق مثل الْحُسَيْن قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَكتاب الْقَدِيم الَّذِي رَوَاهُ الْكَرَابِيسِي عَن الشَّافِعِي مُجَلد ضخم قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَرجحه الذَّهَبِيّ وَقَالَ ابْن قَانِع إِنَّه أشبه بِالصَّوَابِ وَسمي بالكرابيسي لِأَنَّهُ كَانَ يَبِيع الكرابيس وَهِي الثِّيَاب الغليظة
٩ - الرّبيع بن سُلَيْمَان بن دَاوُد الجيزي أَبُو مُحَمَّد الْأَزْدِيّ مَوْلَاهُم الْمصْرِيّ الْأَعْرَج أحد أَصْحَاب الشَّافِعِي والرواة عَنهُ مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة
1 / 64
سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ نقل عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي مَوضِع وَاحِد انه نقل عَن الشَّافِعِي انه كره الْقِرَاءَة بالألحان وَنقل عَنهُ فِي الْمُهَذّب انه نقل عَن الشَّافِعِي أَن الشّعْر يطهر بالدباغ تبعا للجلد
١٠ - الرّبيع بن سُلَيْمَان بن عبد الْجَبَّار بن كَامِل الْمرَادِي مَوْلَاهُم أَبُو مُحَمَّد الْمصْرِيّ الْمُؤَذّن صَاحب الشَّافِعِي وخادمه وراوية كتبه الجديدة قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق وَهُوَ الَّذِي يروي كتب الشَّافِعِي قَالَ الشَّافِعِي الرّبيع راويتي قَالَ الذَّهَبِيّ كَانَ الرّبيع أعرف من الْمُزنِيّ بِالْحَدِيثِ وَكَانَ الْمُزنِيّ اعرف بالفقه مِنْهُ بِكَثِير حَتَّى كَأَن هَذَا لَا يعرف إِلَّا الحَدِيث وَهَذَا لَا يعرف إِلَّا الْفِقْه ولد سنة ثَلَاث أَو أَربع وَسبعين وَمِائَة وَتُوفِّي فِي شَوَّال سنة سَبْعَة وَمِائَتَيْنِ وَقد قَالَ الشَّافِعِي فِيهِ أَنه أحفظ أَصْحَابِي رَحل النَّاس إِلَيْهِ من أقطار الأَرْض لأخذ علم
1 / 65
الشَّافِعِي وَرِوَايَة كتبه قَالَ الْقُضَاعِي وَالربيع آخر من روى عَن الشَّافِعِي بِمصْر
١١ - عبد الله بن الزبير بن عِيسَى بن عبيد الله الْقرشِي الْأَسدي الإِمَام أَبُو بكر الْحميدِي الْمَكِّيّ صَاحب الشَّافِعِي ورفيقه فِي الرحلة إِلَى الديار المصرية وَقد أَخذ عَن شُيُوخ الشَّافِعِي وَقَالَ يَعْقُوب بن سُفْيَان مَا رَأَيْت أنصح لِلْإِسْلَامِ وَأَهله مِنْهُ وَقَالَ الْحَاكِم الْحميدِي مفتي أهل مَكَّة ومحدثهم وَهُوَ
1 / 66
لأهل الْحجاز فِي السّنة كأحمد بن حَنْبَل لأهل الْعرَاق روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَله مُسْند مَشْهُور مَاتَ بِمَكَّة سنة تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة عشْرين نقل الرَّافِعِيّ عَنهُ انه روى عَن الشَّافِعِي أَن الشعرة الْوَاحِدَة يجب فِيهَا ثلث دم وَفِي الشعرتين ثلثان
١٢ - عبد الْعَزِيز بن عمرَان بن أَيُّوب بن مِقْلَاص بميم مَكْسُورَة وقاف وصاد مُهْملَة الْخُزَاعِيّ مَوْلَاهُم الْمصْرِيّ قَالَ ابْن يُونُس فِي تَارِيخ مصر كَانَ فَقِيها فَاضلا زاهدا ثِقَة وَكَانَ من أكَابِر الْمَالِكِيَّة فَلَمَّا قدم الشَّافِعِي مصر لزمَه وتفقه على مذْهبه توفّي فِي شهر ربيع الآخر سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ نقل عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي بَاب الرِّبَا وَفِي بَاب الْكَلَام على ضَابِط أرش الْعَيْب
١٣ - الْقَاسِم بن سَلام أَبُو عبيد الْبَغْدَادِيّ أحد أَئِمَّة الْإِسْلَام فقها ولغة وأدبا صَاحب التصانيف الْمَشْهُورَة والعلوم الْمَذْكُورَة أَخذ الْعلم عَن الشَّافِعِي
1 / 67
والقراءات عَن الْكسَائي وَغَيره قَالَ إِبْرَاهِيم بن أبي طَالب سَأَلت أَبَا قدامَة عَن الشَّافِعِي وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأبي عبيد فَقَالَ أما أفهمهم فالشافعي وَأما أورعهم فَأَحْمَد بن حَنْبَل وَأما أحفظهم فإسحاق وَأما أعلمهم بلغات الْعَرَب فَأَبُو عبيد وَقَالَ الإِمَام أَحْمد أَبُو عبيد مِمَّن يزْدَاد كل يَوْم خيرا وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي كَانَ أَبُو عبيد يقسم اللَّيْل أَثلَاثًا فَيصَلي ثلثه وينام ثلثه ويصنف ثلثه وَقَالَ عبد الله بن الإِمَام أَحْمد عرضت كتاب الْغَرِيب لأبي
1 / 68
عبيد على أبي فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ جزاه الله خيرا وَولي قَضَاء طرسوس وَتُوفِّي بِمَكَّة سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
١٤ - مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْحَكِيم بن اعين أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ قَالَ ابْن خُزَيْمَة مَا رَأَيْت فِي فُقَهَاء الْإِسْلَام اعرف بأقاويل الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ مِنْهُ وَكَانَ أعلم من رَأَيْت بِمذهب مَالك أَخذ عَن أَشهب وَابْن وهب وَصَحب الشَّافِعِي وتفقه بِهِ وَرجع بعد موت الشَّافِعِي إِلَى مَذْهَب أَبِيه لِأَنَّهُ أَرَادَ أَن يجلس فِي مجْلِس الشَّافِعِي فَلم يُمكن من ذَلِك فَغَضب وَعَاد إِلَى مَذْهَب أَبِيه وانتهت إِلَيْهِ الرِّئَاسَة بِمصْر مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَمَات فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة تسع ذكر فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة لأجل مسَائِل نقلهَا عَن الشَّافِعِي مِنْهَا مَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ أَن الصَّائِم يلْزمه الْكَفَّارَة إِذا بَاشر فِيمَا دون الْفرج فَأنْزل
1 / 69
١٥ - مُوسَى بن أبي الْجَارُود أَبُو الْوَلِيد الْمَكِّيّ الْفَقِيه رَاوِي كتاب الأمالي وَغَيره عَن الشَّافِعِي روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ فِي آخر الْجَامِع أَقْوَال الشَّافِعِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ روى عَن الشَّافِعِي حَدِيثا كثيرا وَكَانَ يُفْتِي بِمَكَّة على مَذْهَب الشَّافِعِي لم يذكرُوا وَفَاته قَالَ الذَّهَبِيّ أَظُنهُ قديم الْمَوْت وَله رِوَايَة عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة نقل عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي بَاب زَكَاة الذَّهَب انه روى عَن الشَّافِعِي تَحْرِيم تحلية السرج واللجام
١٦ - يُوسُف بن يحيى الْقرشِي أَبُو يَعْقُوب الْبُوَيْطِيّ الْمصْرِيّ الْفَقِيه أحد
1 / 70
الْأَعْلَام من أَصْحَاب الشَّافِعِي وأئمة الْإِسْلَام قَالَ الرّبيع وَكَانَ لَهُ من الشَّافِعِي منزلَة وَكَانَ الرجل رُبمَا يسْأَله عَن الْمَسْأَلَة فَيَقُول سل أَبَا يَعْقُوب فَإِذا أجَاب اخبره فَيَقُول هُوَ كَمَا قَالَ وَرُبمَا جَاءَ إِلَى الشَّافِعِي رَسُول صَاحب الشرطة فيوجه الشَّافِعِي أَبَا يَعْقُوب الْبُوَيْطِيّ وَيَقُول هَذَا لساني وَخلف الشَّافِعِي فِي حلقته بعده قَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ أحد أَحَق بمجلسي من أبي يَعْقُوب وَلَيْسَ أحد من أَصْحَابِي أعلم مِنْهُ وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي مُقَدّمَة شرح الْمُهَذّب إِن أَبَا يَعْقُوب الْبُوَيْطِيّ أجل من الْمُزنِيّ وَالربيع الْمرَادِي وَقَالَ الْحَاكِم سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس الْأَصَم يَقُول رَأَيْت فِي الْمَنَام أبي فَقَالَ لي عَلَيْك بِكِتَاب الْبُوَيْطِيّ فَلَيْسَ فِي كتب الشَّافِعِي كتاب أقل خطأ مِنْهُ كَانَ يَصُوم وَيقْرَأ الْقُرْآن لَا يكَاد يمر يَوْم وَلَيْلَة إِلَّا ختم مَعَ صنائع الْمَعْرُوف إِلَى النَّاس وَقَالَ ابْن أبي الْجَارُود كَانَ الْبُوَيْطِيّ جاري فَإِن انْتَبَهت سَاعَة من اللَّيْل إِلَّا سمعته يقْرَأ وَيُصلي مَاتَ
1 / 71