فأما سب افتراق الاباضية فيما ذكر غير واحد من اصحابنا فهو : ان عبد الوهاب رحمه الله لما ولى المسلمين استعمل على ولايته كلها أهل الورع والزهد ، وكل من علم انه ليست له رغبة في الولاية ، فاستعان على ما قلده الله من أمور المسلمين باهل العلم والبصائر في الدين . ولما رأى ذلك ابن فندين واصحابه وتحققوا مخالفة ما يرجونه من ايثاره اياهم ، تغيرت قلوبهم وتنكرت صدورهم وساءت ظنونهم وسقط في ايديهم وندموا على ما فرط منهم في مبايعة عبد الوهاب ، واخذوا في العلل والاباطيل ، وقالوا : انما كانت ولاية عبد الوهاب على شرط ان لا يقطع أمرا دون جماعة معلومة ، ورجعوا في حاجة (2) امرهم الذي لم يجزه لهم اهل البصائر من قبل ، وجعلوا يفتشون ذلك عند الجهال والطغاة ، ومن ليست لهم بصيرة في الدين يستنزلون عقولهم ، ويستفزون افكارهم ، ويحيلون عقائدهم واشاعوا انه حابى عليهم بعض الناس ، وولاهم الامور دونهم ، وزعموا انهم بذلك أولىمن سواهم ، وانه لا ينبغي ان يلي امر جماعة المسلمين احد إذا كان في الجماعة من هو اعلم منه ، فتفاقم امرهم ، وكثر القيل والقال في البلد ، وعظم داؤهم ، وكثر النزاع وانتشر الخلاف ، فتارة يقولون نحن وليناه ، وتارة بقولون كيف يلينا وفينا اعلم منه ، وتارة يقولون انما كانت ولايته على شرط .
Sayfa 51