قال : فلما حضرت الوفاة عبد الرحمن رحمه الله جعل الامامه شورى في ستة نفر كصنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه : احدهم مسعود الاندلسي ، وكان فاضلا فقيها ، ورعا من شيوخ المسلمين ، وابو قدامة يزيد بن فندين اليفرنى ، ومروان الاندلسي ، وعبد الوهاب بن عبد الرحمن ، وابو الموفق سعدوس ابن عطية ، وشكر بن صالح الكتامى ، فلما مات رحمه الله اجتمع أهل الشورى يتفاوضون فيمن يولونه أمور المسلمين فتدافعها بعضهم إلى بعض . الا ان عامة المسلمين مالت نفوسهم إلى اثنين من النفر المسميين ؛ احدهما مسعود ، والآخر عبد الوهاب فبعضهم أراد توليه هذا ، وبعضهم أراد تولية هذا ، فمكثوا نحو شهرين يرون الرأي ثم ان الجمهور رجحوا مسعود أو مالت نفوسهم إلى توليته ، فبادروا ليبايعوه ، فهرب واختفى فابتدروا عبد الوهاب ليبايعوه فلما سمع مسعود بتركهم اياه وطلبهم عبد الوهاب خرج مبادرا ليكون أول من يبايعه ، وكان أبو قدامة لما لم تمل قلوب الناس إليه ورأى انه قد خلا منها اراد تولية عبد الوهاب وقال : هو منا أقرب رحما من غيره ، فلعل ذلك يعطفه علينا ، وانما قال ذلك لأن ام عبد الوهاب يفرنية فرجوا أن يؤثرهم في الأمر ، فقام ابو قدامه في نفر من اصحابه فأبوا الا مبايعة عبد الوهاب لما يرجونه من يثاره اياهم ومع ذلك فقد تخوفت نفوسهم منه .
----------------------------------------
(1) هو الاديب المشهور والشاعر التاهرتى ولد بها وتوفى سنة 292 ه
(2) راجع المغرب في ذكر بلاد افريقيا والمغرب ، وهو جزء من كتاب المسالك والممالك من ص 66
Sayfa 49