١ - دمشق
عاشتْ دمشق في النِّصف الأوَّل من القرن الثامن الهجري أجمل أيامها، فقد أَمِنَتْ من التَّتار بعد هزيمتهم في شَقْحب سنة (٧٠٢ هـ) (١)، وعاد إلى السلطة الملكُ الناصر محمد بن قَلاوون للمرة الثالثة سنة (٧٠٩ هـ) (٢)، وتولى أمر نيابتها أمير ذوهمة عالية هو تنكز، وذلك سنة (٧١٢ هـ) (٣)، وقد بَسَطَ الملك الناصر سلطتَه على مِصْر والشَّام بحزمٍ وقوة؛ مما مكَّن تنكز في دمشق أن يقوم بحملة إصلاح واسعة شَمِلَتْ مناحي الحياة كافَّة، ابتداءً من كفِّ ظلم الولاة عن الناس، ومنع الأمراء من تسخير الفلاحين والمزارعين في أعمالهم، وانتهاءً بإحياء ما اندثر من الأوقاف بإعادة عمارة المدارس والمساجد، وقد أَنْصَفَ العامة والتجار بخلاص حقوقهم من الأمراء على ما يقتضي الشرع الحنيف، وأصلحَ تقاسيم المياه بعدما كانت فاسدة، ونظَّف مجاريها،
_________
(١) "البداية والنهاية": ١٤/ ٢٥ - ٢٦.
(٢) "النجوم الزاهرة": ٨/ ٢٧٧، ٩/ ٣ وما بعدها، وكان قد ولي السلطنة للمرة الأولى سنة (٦٩٣ هـ) وهو صبي فخلع منها، ثم أعيد سنة (٦٩٨ هـ)، ثم عزل نفسه حتى عاد في المرة الثالثة.
(٣) "الوافي بالوفيات": ١٠/ ٤٢١.
1 / 11