التي بين يدي، وأرجح أنها مصحفة عن الضيائية، بدليل أن الحسيني نفسه لم يذكرها في "ذيل العبر" حين ترجم لابن عبد الهادي، واكتفى بذكر الضيائية. أما المنصورية، فإنها تثير تساؤلًا لم أجد له جوابًا أيضًا في المصادر التي بين يدي .. هذا التساؤل: هل سافر ابن عبد الهادي إلى مصر ودرس بالمدرسة المنصورية؟ ومتى كان ذلك؟ فالمنصورية -كما هو معروف- من مدارس القاهرة المشهورة، وقد بناها والقبة التي تجاهها والبيمارَسْتَان الملك المنصور قلاوون قبل سنة (٦٩٠ هـ) (١).
لا أحب أن أرجمَ بالغيب في هذه المسألة، ويبقى التساؤل قائمًا حتى يأتي نص يؤيِّدُ أو ينفي.
ولعل العمرية هي آخر مدرسة درس بها، فقد آثر أن يترك ما بيده من المدارس، وأن يتفرَّغ للتأليف والتحصيل (٢)، والذي يطلع على أسماء مؤلفاته يدرك الطموح الذي كان يدفع ابن عبد الهادي لكتابة ما يكتب، بعض هذا الطموح أن يكتب التفسير المُسْنَد، والأحكام الكبرى، ولكن لم يمتَّع بالعمر، إذ توفي شابًّا دون أن يدرك ما كان يؤمِّلُه.
٥ - وفاتُه
أجمع المترجمون له أن وفاته كانت يوم الأربعاء عاشر جُمَادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبع مئة، وله تسع وثلاثون سنة، وكان قد مرض قريبًا من ثلاثة أشهر بقرحة وحمَّى سل، ثم تفاقم أمره، وأفرط به
_________
(١) "خطط المقريزي": ٢/ ٣٧٩ - ٣٨١، و"الخطط التوفيقية": ٢/ ٨٩.
(٢) "الوافي بالوفيات": ٢/ ١٦١.
1 / 30