سبط العلامة الشيخ السيد محمد الدسوقي المتقدم ذكره، وخال والدي، الشافعي الخلوتي الفاضل الشهير والفقيه النحرير. كان إماما بارعا مشاركا في عدة فنون، له استحضار حسن للفروع الفقهية وتضلع من مسائله وأبحاثه. ولد بدمشق سنة (1241) وسرى سيرة آل والدته السادة الدسوقيين في أخذ العلوم والطريق عن الأجلاء الأعلام، فقرأ على الشيخ هاشم التاجي بعض كتب في النحو والفرائض، وعلى الشيخ محمد بن عبد الله الخاني حصة من الفقه الشافعي، وكذا عند الشيخ أحمد البغال. وحضر في النحو أيضا عند الشيخ عبد الرحمن بايزيد، ولازم الملازمة التامة، ليلا ونهارا، دروس سيدي وجدي العلامة الشيخ قاسم الشهير بالحلاق، فقرأ عليه معظم كتب الفقه والحديث وغيره، وأعاد له دروسه بين العشائين في جامع السنانية قبل سيدي الوالد، ثم بعد وفاة سيدي الجد المنوه به لازم شيخنا، فريد عصره، الشيخ سليم العطار، فسمع منه مجالس من «الإحياء» و«البيضاوي» و«القسطلاني» و«نوادر الأصول» وغير ذلك. واستجاز من مشاهير فضلاء عصره دمشقيين وغيرهم، وجمع ذلك في «ثبت» فممن أجازه بجميع مروياته سيدي الجد المتقدم ذكره، والعلامة الشيخ إبراهيم الباجوري، والشيخ إبراهيم السقا، والشيخ أحمد [بن] زيني دحلان مفتي مكة المكرمة، والعارف بالله تعالى الأمير عبد القادر الحسني الجزائري، والمولى محمود أفندي الحمزاوي مفتي دمشق، وشيخنا المحدث الشيخ سليم العطار، وغيرهم ممن يطول المقام بذكرهم. ولما وظف سيدي الجد إماما بجامع السنانية صار المترجم إماما بجامع حسان مكان سيدي الجد وأقرأ به وفي جامع السنانية دروسا خاصة وعامة وانتفع به كثير من المتفقهة الشافعية، وكنت حضرت عليه حصة من «شرح الحضرمية» وسمعت منه «الشمائل» و«الأربعين النووية» وغيرها وأجاز لي إجازة عامة، وقد انتفعت بصحبته كثيرا جزاه الله خيرا، وكان رحمه الله عالما لطيفا وفاضلا ظريفا، متواضع النفس، سخي الكف، له لطف طبع ومنادمة مقبولة واطلاع على أخبار المتقدمين، وله رسالة في الأخلاق التي ينبغي للإنسان أن يكون عليها أخذها من الآيات والأحاديث الشريفة، وله شعر متوسط مقبول منه قوله في شروط السيران:
يا أيها الجمع على السيران .... فأجمعوا دراهم الإخوان
وبعد سيروا بالسرور والهنا .... وأرسلوا أكلا لنا يشبعنا
وهيئوا هذا الذي ذكرته .... ونوع حلو ليس يخفى نعته
واصطحبوا صوتا جميلا حسنا .... ومن يكون مطربا يضحكنا
وأبعدوا عمن إلينا يرقب .... وإن تشاؤا في الرياض فالعبوا
وانتخبوا لنا مكانا معتبر ..... وأجلسونا حول زهر ونهر
لنجتلي ثلاثة تجلي الحزن .... الماء والخضرة والشكل الحسن
وقال في غلام اسمه الرشا على لسان من يحبه:
إن فؤادي والحشا .... لم يقبلا إلا الرشا
Sayfa 16