ومنهم المسرف في العويل والصهيل ، يحسبهما للجهاد نفيرا.
ومنهم من تطلع إلى ما تحت سريره، فلما أمن أن ليس هنالك ما يخيفه؛ أوصد الباب ونام قريرا.
ومنهم جماعات لم تتحرر بعد من غريزة البهائم؛ فهي تسير خلف كل من ارتفعت أذناه عن القطيع وعوى أمامه.
وربة باخرة دوى صوت ربانها، وازدهى ملاحوها، وشعت نوافذها، وضخمت مداخنها، وغاصت في وحول المفوضيات والجاسوسية مراسيها.
غير أن جمهور هذه الأمة نبيل، يتوق إلى الكبر، والنظام، والحرية، والحق، والقوة، والعدالة الاجتماعية.
ولقد استجاب الله لصلوات هذه الأمة؛ فظهرت في الشرق - وقد اقتصرت رسائل الشرق حتى اليوم على الروحانيات - لأول مرة عقيدة مادية روحية، قومية اجتماعية، واضحة الهدف، والموحيات، والوسائل، ساذجة ككل شيء عظيم نبيل، تقول بفصل الدين عن الدولة، وبهدم الحيطان التي سورت الطوائف، وبتنظيم الاقتصاد على أساس الإنتاج، وبإنصاف العامل والفلاح؛ فاعتنق هذا الإيمان فتيان وفتيات، كبروا في عيون أنفسهم حين تحققوا أنه يجب أن تكون لهم كرامة المواطنين، وفولذت العقيدة أرواحهم، فلم يعودوا رمالا تذريها الرياح، ولا حصى تتطاير تحت الأقدام، بل قطعة من باطون تحطم ولا تحطمها الرءوس.
تدافعوا على طريق الحياة نحو المصلحة العامة؛ إذ إنهم لا يعرفون أن هم مصلحة خاصة.
ما تبجحوا بالأرواح على ما وقفوها، ولكنهم وهبوها.
ما تغنوا باللاطائفية؛ لأنهم يحيون الإخاء الصحيح، هدفهم وجغرافيتهم وشخصيتهم واضحة بينة الخطوط، لا بالمعقدة ولا بالمزدوجة.
أحيا الفرد منهم نفسه على أتمها وأجملها وأقواها، حين أفنى نفسه في مجتمعه.
Bilinmeyen sayfa