شأنه، وحديث «أميري من الملائكة جبريل»؛ أي مشاوري.
وليس بالأمر الغريب ضياع معنى ﴿وأُولي الأمر﴾ على كثير من الأفهام بتضليل علماء الاستبداد الذي يحرِّفون الكَلِمَ عن مواضعه، وقد أغفلوا معنى قيد ﴿منكم﴾؛ أي المؤمنين منعًا لتطرُّق أفكار المسلمين إلى التفكير بأنّ الظالمين لا يحكمونهم بما أنزل الله، ثمَّ التدرُّج إلى معنى آية ﴿إن الله يأمر بالعدل﴾، أي بالتساوي؛ ﴿وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل﴾، أي التساوي؛ ثمّ ينتقل إلى معنى آية: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾. ثمَّ يستنتج عدم وجوب طاعة الظالمين وإن قال بوجوبها بعض الفقهاء الممالئين دفعًا للفتنة التي تحصد أمثالهم حصدًا. والأغرب من هذا جسارتهم على تضليل الأفهام في معنى (أمر) في آية: ﴿وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القول فدمَّرناها تدميرًا﴾؛ فإنهم لم يبالوا أن ينسبوا إلى الله الأمر بالفسق ... تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، والحقيقة في معنى (أمرنا) هنا أنَّه بمعنى أمرِنا - بكسر الميم أو تشديدها-؛ أي جعلنا أمراءها مترفيها ففسقوا فيها (أي ظلموا أهلها) فحقّ عليهم العذاب؛ أي (نزل بهم العذاب).
والأغرب من هذا وذاك؛ أنَّهم جعلوا للفظة العدل معنىً عُرفيًا؛ وهو الحكم بمقتضى ما قاله الفقهاء؛ حتى أصبحت لفظة العدل لا تدلُّ على غير هذا المعنى، مع أنّ العدل لغةً للتسوية؛ فالعدل بين النّاس هو التسوية بينهم، وهذا هو المراد في آية: ﴿إن الله يأمر بالعدل﴾، وكذلك القصاص في آية: ﴿ولكم في القصاص حياةٌ﴾ المتواردة مطلقًا، لا المعاقبة بالمثل فقط على ما يتبادر إلى أذهان الأُسراء،
1 / 36