Arap Kültürünün Yunan Kültüründen Etkilenmesi
تأثر الثقافة العربية بالثقافة اليونانية
Türler
في القرن التاسع الميلادي (857م) ألف الطبيب يوحنا بن ماسويه كتبا في الطب باللغتين السريانية والعربية، وكان أحد الذين قربهم العباسيون وأحلوهم محلا رفيعا من الاحترام والإجلال، وفي ذلك العصر عاش فئة من الكتاب السريانيين كتبوا تعليقات على منطق «أرسطوطاليس»، وفي القرن الثاني عشر المسيحي علق «ديونسيوس بارصليبي» على كتاب «إيساغوجي» و«قاطيغورياس» وأرمانوطيقا وأنالوطيقا، وفي أوائل القرن الثالث عشر كتب «يعقوب بارشقاقو» في الفلسفة والمنطق والطبيعة والرياضيات وما بعد الطبيعة.
ويعتبر القرن الثالث عشر المسيحي نهاية عصر الآداب السريانية، التي ختمت بأعمال «غريغوري بار إرباوس» المعروف «بأبي الفرج بن العبري»، وقد لخص في كتاب له اسمه «إنسان العين» كثيرا في المنطق وإيساغوجي لفرفوريوس، ولخص عن أرسطو المقولات أي قاطيغورياس وأرمانوطيقا أي العبارة وأنالوطيقا أي القياس، وطوبيقا أي الجدل وسوفوسطيقا أي السفسطة، وله كتاب آخر أذكر أن اسمه «عيون الحكمة» لخص فيه مقدمات المنطق وما بعد الطبيعة واللاهوت، وقد ترجم عن السريانية مؤلف «ديوسقوريدس» في «البسائط» وألف في الطب مقالة أجاب بها على مسائل «حنين بن إسحاق»، كما كتب في الجغرافية.
الفصل الثالث
دستور البحث العلمي والفلسفي عند العرب
اتبع العرب في البحث العلمي دستورا محكم الأساس، يوجه البحث في الناحية التي يحتملها كل سؤال قد ينشأ عن وجوه البحث، غير أن هذا الدستور على إحكامه من ناحية الحصر والدقة، لا يقيد العقل بحسب البحوث التي يتجه إليها، فإن حكما من أحكام هذا الدستور قد ينتهي ببحث في الفلسفة لا مجال له إلا في العلم، وقد ينتهي في العلم ببحث لا مجال له إلا في الفلسفة، وعلى الجملة نقول: إن هذا الدستور يحصر اتجاهات العقل، ولكن لا يقرر المتجه الذي ينبغي أن يتجه فيه العقل إزاء كل بحث بعينه، وقد انحصر هذا الدستور عندهم في تسعة أحكام، قالوا:
1
إن السؤالات الفلسفية تسعة أنواع، مثل تسعة آحاد: وهي: (1) «هل هو»: سؤال يبحث عن وجدان شيء أو عن عدمه، والجواب نعم أو لا. (2) «ما هو»: سؤال يبحث عن حقيقة الشيء. (3) «كم هو»: سؤال يبحث عن مقدار الشيء. (4) «كيف هو»: سؤال يبحث عن صفة الشيء. (5) «أي شيء هو»: سؤال يبحث عن واحد من الجملة أو عن بعض من الكل. (6) «أين هو»: سؤال يبحث عن مكان الشيء أو عن رتبته. (7) «متى هو»: سؤال يبحث عن زمان كون الشيء. (8) «لم هو»: سؤال يبحث عن علة الشيء المعلول. (9) «من هو»: سؤال يبحث عن التعريف بالشيء.
حصر العرب بهذا الدستور المحكم متجهات البحث العلمي والفلسفي، غير أنهم لم يطبقوا هذا الدستور تطبيقا يقتضيه التفريق الحتمي بين كفايات العقل الإنساني، فإن كفاية العقل المستمدة من الحواس مباشرة، ينبغي لها أن تختص بجهات من هذا الدستور لا تتعداها، وكذلك كفاية التأمل، فإذا عرض سؤال معضل في مسألة علمية أو فلسفية رأيتهم يحاولون تطبيق هذا الدستور عليها جميعا، فسؤال يحتمل أن يكون من باب «ما هو» لا ينبغي أن ينظر فيه من باب «كيف هو» أو «أين هو» أو «متى هو»، فإذا اشترك بابان أو أكثر في الإجابة عن «سؤال» ما، يجب أن يفرق بين أجزاء السؤال، لتكون الإجابة عن كل جزء من اختصاص الباب الذي هو داخل فيه، حتى لا تختلط كفايات العقل التي فرق بينها الطبع، بتخالط الأوجه التي تنشأ عن سؤال في العلم يمت إلى الفلسفة بسبب، أو سؤال في الفلسفة فيه طرف من العلم، ولو أنهم طبقوا هذه الأبواب بحسب ما يجب، لكانوا أول الواضعين للطريقة العلمية في البحث، تلك الطريقة التي يفخر أهل عصرنا بها، ولكن لكل عصر حكمه، ولعل السبب في أنهم لم يطبقوا هذا الدستور على الوجه الذي ينبغي راجع إلى وراثتهم عن اليونان بالذات.
كيف توصل العرب إلى هذا الدستور المحكم؟ وما هي الأصول التي اعتمدوا عليها في تفصيل المعاني المنطوية تحت كل باب من أبواب هذا الدستور؟ لا شك عندي مطلقا في أن هذا الدستور البديع وليد علم المنطق، وأنه قد استمد من «المقولات» العشر المسماة عند اليونان «قاطيغورياس» وبالرغم من أن الفراغ المخصص لكتابة هذا البحث محدود؛ فإني لا أجد مندوحة من الإطناب في هذا الباب، فالبحث جديد غريب على القراء والموضوع خطير الشأن، فإنه يتعلق من حيث المنطق بمسألة من أعوص مسائله، ويتعلق من حيث تأريخ الفكر العربي بمنحى من أعوص مناحيه، ذلك إلى أن أسلوب البحث العلمي والفلسفي عند العرب مسألة جدلية في زماننا هذا، تكلمت فيها من قبل وتكلم فيها غيري من غير أن يحدد ذلك الأسلوب أو تعرف قواعده،
2
Bilinmeyen sayfa