Different Interpretations of Hadith
تأويل مختلف الحديث
Yayıncı
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
Baskı
الطبعة الثانية
Yayın Yılı
1419 AH
Türler
Hadis Bilimi
= لَفظه الَّذِي أوردهُ هُوَ: "أَنَّ اللَّهَ ﷿ خَلَقَ آدم على صورته"، والْحَدِيث لَهُ بَقِيَّة توجه مَعْنَاهُ يَقِينا وَكَانَ يجب على ابْن قُتَيْبَة ذكرهَا، حَتَّى لَو لم يذكرهَا المعارضون كَانَ من واجبه ردهَا إِلَى الحَدِيث والتأكيد عَلَيْهَا، وَقد فعل الْعَكْس فَقَالَ مَا يوحي بِعَدَمِ ثُبُوتهَا حَيْثُ أصل الحَدِيث مَا ذكره وَزَاد قوم كَذَا وَكَذَا. وَأَقل مَا يُقَال فِي ذكل أَنه تَقْصِير بليغ مِنْهُ وَهَذَا مَعَ إِحْسَان الظَّن بِهِ؛ لِأَن أصل الحَدِيث كَمَا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ من جَمِيع الرِّوَايَات مَذْكُور سَبَب هَذَا القَوْل. وَقد رَوَاهُ مُسلم من سبع طرق كلهَا تذكر ذَلِك: "إِذا قَاتل أحدكُم أَخَاهُ فليتق الْوَجْهَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدم على صورته"، وَكَذَلِكَ رِوَايَة البُخَارِيّ بِنَفس اللَّفْظ، والملابسة قاضية بِعُود الضَّمِير على الْمَضْرُوب أَو الْمقَاتل قطعا. وَسبب الْقطع أَن الله تَعَالَى يَقُول: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، فَلَا يحوم حول التَّشْبِيه ذُو علم مُؤمن قطّ. إِمَّا أَن يكون لقلَّة علم أَو لنَقص يَقِين، فَالَّذِي أَشَارَ إِلَى توهِينه هُوَ حق صَحِيح وَهُوَ أصل الحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ وَاقْتصر عَلَيْهِ البُخَارِيّ، وَلم يرد: "إِن الله خلق آدم على صورته"، فَهِيَ لمُسلم وَحده فِي بعض أَلْفَاظه.
ثَانِيًا: الْموضع الثَّانِي من خطأ ابْن قُتَيْبَة قَوْله: وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنَ الْخَلَلِ مَا فِي الأول، وَهَذَا تغفيل وَاضح. فَالْقَوْل الأول الَّذِي صرح بخطئه أَن يكون الْمَعْنى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ يَعْنِي عود الضَّمِير على نفس آدم، وَهَذَا فعلا لَا تتضح فَائِدَته. أما أَن يَقُول رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "إِذا قَاتل أحدكُم أَخَاهُ فليجتنب الْوَجْه، فَإِن الله خلق آدم على صورته"، فَلَا يَسْتَقِيم فِي لُغَة الْعَرَب أَن يعود الضَّمِير إِلَّا على الْمَضْرُوب لِأَنَّهُ الرابط بَين الجملتين، وَإِلَّا كَانَ الْكَلَام غير مُفِيد، فَإنَّك إِذا قلت: رَأَيْت زيدا مَعَ أَبِيه يمشيان وَزيد يُشبههُ، لم يبْق أحد عِنْده قطّ من الْفَهم إِلَّا علم أَنَّك تَعْنِي أَن الضَّمِير من يُشبههُ يعود على أبي زيد لِأَنَّهُ الرابط بَين الجملتين، وَإِلَّا كَانَ الْكَلَام من الهذيان الَّذِي لَا يُفِيد معنى صَحِيحا. وَلَو قَالَ قَائِل: إِن هَذَا الضَّمِير فِي يُشبههُ يعود على زيد، قيل: ابْتَغوا لَهُ الطِّبّ فَإِنَّهُ مَجْنُون. أما إِذا شطر الحَدِيث وَقطعت مِنْهُ الْجُمْلَة الأولى وَاقْتصر فَقَط على هَذَا اللَّفْظ: "إِن الله خلق آدم على صورته"، فأقرب الْوُجُوه فِي لُغَة الْعَرَب هُوَ عود الضَّمِير على الله تَعَالَى، وَحِينَئِذٍ يكون أمامنا الْمَانِع اليقيني الْقَاطِع الَّذِي لَا يرتاب فِيهِ مُؤمن قطّ، وَهُوَ أَن الله تَعَالَى يَسْتَحِيل أَن يكون لَهُ شَبيه أَو مثيل؛ لقَوْله تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ....﴾، وَيكون الْمَعْنى الضَّرُورِيّ لَو كَانَ الحَدِيث هَكَذَا أَنَّهَا هَاء الملكية، يعين خلق آدم على الصُّورَة الَّتِي شَاءَ الله تَعَالَى وَأَرَادَهَا لَهُ ... وَلَكِن تَتِمَّة الحَدِيث تقضي أَن الْهَاء عئدة على الْأَخ وَمَعْنَاهَا أوضح من الشَّمْس. وَقد أَخطَأ ابْن قُتَيْبَة يَقِينا فِيمَا قَالَ من أَن هَذَا الْمَعْنى فِيهِ مِنَ الْخَلَلِ مَا فِي الْأَوَّلِ، وَالَّذِي رَجحه من أَن الْمَقْصُود صورته فِي الدُّنْيَا كصورته فِي الْجنَّة لَيْسَ يراجح، بل فِيهِ تكلّف. وَمَا اسْتشْهد بِهِ من التَّوْرَاة لإِثْبَات الشُّبْهَة بَاطِل؛ لِأَن مَا فِي التَّوْرَاة أَو من أَن يستشهد بِهِ فِي الحكم تكليفي بله أصُول العقيدة، وَقد تعمد الْيَهُود تَحْرِيف العقيدة أَكثر مَا حرفوا وَإِلَّا فيستشهدج بمصارعة آدم لرَبه وَأَنه غلب الرب؛ تَعَالَى الله عَن كفرهم علوا كَبِيرا، وَغَيره من الشيطنة الَّتِي كتبوها عَن الله تَعَالَى وَرُسُله. وَلَا شكّ أَن هَذِه زلَّة من ابْن قُتَيْبَة، وَقد اتهمَ الجاحظ أَنه عِنْد محاورة أهل الْكتاب ذكر شبههم مستوفاة وَاسْتدلَّ لَهَا كالمنبه لَهُم إِلَيْهَا وَقصر فِي الرَّد عَلَيْهِم، فَكَانَ كَلَامه يوحي بتثبيت شبههم أَكثر من أَن يكون ردا عَلَيْهِم، وَهُوَ غفر الله لَهُ فعل ذَلِك هُنَا، عَفا الله عَنَّا وَعنهُ، وَالله تَعَالَى أعلم وَأحكم. "الْإِضَافَة للشَّيْخ مُحَمَّد بدير".
1 / 320