Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Yayıncı
دار الأدب الاسلامي
Baskı Numarası
الأولى
Türler
بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى، حَيْثُ طَفِقَتْ قَبَائِلُ العَرَبِ تَخْرُجُ مِنْ دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً، كَمَا دَخَلَتْ فِي هَذَا الدِّينِ أَفْوَاجاً، حَتَّى لَمْ يَبْقَ عَلَى الإِسْلَامِ، إِلَّا أَهْلُ مَكّةَ وَالمَدِينَةِ وَالطَّائِفِ، وَجَمَاعَاتٌ مُتَفَرِّقَةٌ هُنَا وَهُنَاكَ مِمَّنْ ثَبَّتَ اللّهُ قُلُوبَهُمْ عَلَى الإِيمَانِ.
***
صَمَدَ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، لِهَذِهِ الفِتْنَةِ المُدَمِّرَةِ العَمْيَاءِ، صُمُودَ الجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ، وَجَهَّزَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ أَحَدَ عَشَرَ جَيْشاً، وَعَقَدَ لِقَادَةِ هَذِهِ الجُيُوشِ أَحَدَ عَشَرَ لِوَاءً، وَدَفَعَ بِهِمْ فِي أَرْجَاءِ جَزِيرَةِ العَرَبِ لِيُعِيدُوا المُرْتَدِّينَ إِلَى سَبِيلِ الهُدَى وَالحَقِّ، وَلِيَحْمِلُوا المُنْحَرِفِينَ عَلَى الجَادَّةِ(١) بِحَدِّ السَّيْفِ.
وَكَانَ أَقْوَى المُرْتَدِّينَ بَأْساً، وَأَكْثَرَهُمْ عَدَداً، بَنُو ((حَنِيفَةَ)) أَصْحَابُ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ.
فَقَدِ اجْتَمَعَ لِمُسَيْلِمَةَ مِنْ قَوْمِهِ وَحُلَفَائِهِمْ أَرْبَعُونَ أَلْفاً مِنْ أَشِدَّاءِ المُحَارِبِينَ.
وَكَانَ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ قَدِ اتَّبَعُوهُ عَصَبِيَّةً(٢) لَهُ، لَا إِيمَاناً بِهِ، فَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ:
أَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ كَذَّابٌ، وَمُحَمَّداً صَادِقٌ...
لَكِنَّ كَذَّابَ رَبِيعَةَ(٣) أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ صَادِقٍ مُضَرَ(٤).
***
(١) الجادّة: الصراط المستقيم الذي هو الإسلام.
(٢) العصّبيّة: شدَّة ارتباط المرء بعُصْبَتّه أو جماعته ونصرتها في الحق والباطل.
(٣) ربيعة: قبيلة كبيرة من قبائل العرب ينتمي إليها مُسَيْلِمَةَ.
(٤) مضر: قبيلة رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم.
52