Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Yayıncı
دار الأدب الاسلامي
Baskı Numarası
الأولى
Türler
قُلْتُ: وَمَا تَشْكُونَ مِنْهُ أَيْضاً ؟
قَالُوا: إِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إِلَيْنَا يَوْماً فِي الشَّهْرِ.
قُلْتُ: وَمَا هَذَا يَا سَعِيدُ؟ .
قَالَ: لَيْسَ لِي خَادِمٌ يَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ عِنْدِي ثِيَابٌ غَيْرُ الَّتِي عَلَيَّ، فَأَنَا أَغْسِلُهَا فِي الشَّهْرِ مَرَّةً وَأَنْتَظِرُهَا حَتَّى تَجِفَّ، ثُمَّ أَخْرُجُ إِلَيْهِمْ فِي آخِرِ النَّهَارِ.
ثُمَّ قُلْتُ: وَمَا تَشْكُونَ مِنْهُ أَيْضاً؟
قَالُوا: تُصِيبُهُ مِنْ حِينٍ إِلَى آخَرَ غَشْيَةٌ(١) فَيَغِيبُ عَمَّنْ فِي مَجْلِسِهِ.
فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا يَا سَعِيدُ؟!
فَقَالَ: شَهِدْتُ مَصْرَعَ خُبَيْبٍ بْنِ عَدِيٍّ وَأَنَا مُشْرِكٌ، وَرَأَيْتُ قُرَيْشاً تُقَطِّعُ جَسَدَهُ وَهِيَّ تَقُولُ لَهُ: أَتُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ مَكَانَكَ؟
فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ آمِناً فِي أَهْلِي وَوَلَدِي، وَأَنَّ مُحَمَّداً تَشُوكُهُ شَوْكَةٌ... وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَكَيْفَ أَنِّي تَرَكْتُ نُصْرَتَهُ إِلَّا ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لِي... وَأَصَابَتْنِي تِلْكَ الغَشْيَّةُ.
عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُخَيِّبْ ظَنِّي بِهِ.
ثُمَّ بَعَثَ لَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ لِيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى حَاجَتِهِ.
فَلَمَّا رَأَتْهَا زَوْجَتُهُ قَالَتْ لَهُ:
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَغْنَانَا عَنْ خِدْمَتِكَ، اشْتَرِ لَنَا مَؤْنَةً، وَاستَأْجِرْ لَنَا خَادِماً.
(١) تصيبه غشية: يغشى عليه أو يغمى عليه، فلا يدري شيئًا مما حوله.
24